تونس «الشروق»: الآن وقد أنهى مجلس المستشارين البارحة مداولاته بشأن ميزانية الدولة للسنة المقبلة تكون السلطة التشريعية قد أتمّت مصادقتها على مختلف الأوراق والوثائق المتعلقة بالعمل الحكومي طيلة سنة 2011، وهي الأوراق والوثائق التي تنتظر توقيع رئيس الدولة والتأشير بصفة خاصة على قانون المالية الجديد لبدء تنفيذ مختلف بنودها بداية من 1 جانفي القادم. وقد عرفت المداولات في الغرفتين التشريعيتين تداولا مستفيضا لمختلف القضايا والملفات والمشاغل الوطنية وطرحت جملة من النقاط التي من المنتظر أن يتواصل التفاعل بخصوصها خلال الفترة المقبلة ومن أبرز هذه النقاط. 1 تفعيل مختلف الاجراءات والمبادرات والمشاريع القادرة على تحقيق هدف استعادة نسق النمو الاقتصادي في البلاد ودفعه لتجاوز سقف ال5٪ عبر مزيد تحفيز واقع الاستثمار وإحداث حركية أصبحت أكثر من مطلوبة في سوق الشغل وخاصة ذلك الذي يهم أصحاب الشهائد العليا. 2 تعميق سياسة التنمية الجهوية ومنح جميع جهات البلاد الحق في الاستفادة من ثمار الثروة الوطنية وأخذ نصيبها على وجه الخصوص من البنية الأساسية العمومية التي تعدّ الشريان الحقيقي للحراك الاقتصادي والتنموي. 3 حسن التعاطي مع متغيّرات الأوضاع الدولية على جميع المستويات بمواصلة السياسات الحذرة وتفعيل كل طرق وآليات ووسائل اليقظة والانذار المبكر. 4 مزيد تعزيز تموقع البلاد في محيطها الاقليمي عربيا وافريقيا ودوليا لتكون هناك مجالات اضافية لبلوغ الأهداف المرسومة في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية وجعل تونس قاعدة متقدمة على مستوى المعاملات المالية والمصرفية في المنطقة. 5 توفير مستلزمات انجاح حصول تونس على مرتبة الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوروبي مع اقتراب موعد الجولة الجديدة للمفاوضات (جانفي 2011). 6 الاهتمام بالمسائل التربوية والاجتماعية المختلفة والتي من أبرزها المضي قدما في عملية تقييم المنظومة التعليمية بجميع مستوياتها لتجاوز الثغرات ونقاط الضعف وتحقيق المزيد من الجودة والترابط مع سوق الشغل واحتياجات الاقتصاد الوطني على المديين القريب والمتوسط، وكذلك مزيد العناية والمرافقة للفئة الشبابية وتعزيز مكانتها في النسيج الجمعياتي والسياسي ومنحها المزيد من الفرص للمشاركة وإبداء الرأي والاهتمام والمساهمة بكل ما له علاقة بالشأن العام. 7 دعم التجربة التعددّية والديمقراطية والانتقال بها الى الآفاق المأمولة، وفي هذا الصدد تتجه الأنظار الى حراك مرتقب داخل مختلف الأحزاب على خلفية بدء الاعداد للمؤتمرات الوطنية. كما تنتظر الساحة السياسية تفعيلا قريبا لمبادرة رئيس الدولة ببعث «ملتقى الأحزاب البرلمانية»، هذا الملتقى الذي يحمل انتظارات واسعة بخصوص مزيد تقريب وجهات نظر مختلف الحساسيات السياسية بشأن الملفات الوطنية الكبرى وتعزيز مجالات الحوار والمشاركة في صناعة القرارات الوطنية خلال الفترة المقبلة. إعادة قراءة وانتظارات وفي المحصلة وفي حصاد المداولات البرلمانية فإن الفضاء التشريعي قد مكّن من تعميق النظر في مختلف المشاغل والقضايا ومنح الحكومة كمًا هائلا من المقترحات والآراء التي يمكن الاستئناس بها والاستفادة منها لبلوغ الأهداف المرسومة في مختلف القطاعات والمجالات. بقي أنّ المداولات طرحت من جديد عددا من النقاط التي تحتاج الى إعادة قراءة وتمحيص في الفترة القادمة، ومن أبرز هذه النقاط: 1 الضغط الزمني الذي طبع جلسات المداولات بمجلس النواب والذي حدّ الى درجة كبيرة من اثراء الحوار مع الحكومة حول مختلف أبواب الميزانية. وفي هذا الصدّد يمكن المحاججة بأن عددا من الوزراء لم يجيبوا عن عديد الأسئلة وذلك لتقيّدهم بحيّز ال20 دقيقة. 2 سريّة أعمال مختلف اللجان البرلمانية والتي تمنع من ايصال جدل يُقال إنه صريح جدا وجريء الى الرأي العام. 3 العلاقة بين الغرفتين التشريعيتين وامكانية اعادة النظر في تراتبية عرض مشاريع القوانين ومشروع الميزانية مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الحالي الذي يمنح مجلس النواب سلطة المصادقة النهائية والحال أنه الأول الذي ينظر في ما تعرضه الحكومة. 4 غياب ممثل اتحاد الشغل عن مجلس المستشارين وهو ملف يرى العديدون أنه حان الوقت لتجاوزه وايجاد الرؤية الوفاقية حياله، ناهيك وأن هذا الغياب يحرم السلطة التشريعية (مجلس المستشارين) من اضافات محقّقة لمنظمة وطنية ذات أهمية ولها جهد كبير ومقاربات متعدّدة في مختلف الميادين والمجالات. 5 عدم اختصاص مجلس المستشارين بمساءلة الحكومة في نطاق الحوار البرلماني، ومن المؤكد أنه وبعد النجاح الذي حققته الأيام الدراسية والتي يشارك فيها السادة الوزراء وأعضاء الحكومة فإن النظر في امكانية اجراء جلسات عامة بالمجلس للحوار مع الحكومة ومساءلتها أصبحت مأمولة اليوم بالنظر الى ما تضمّه تركيبة المجلس من كفاءات وطنية متعدّدة الاختصاصات وذات خبرة واسعة أبرزت المداولات نفسها مدى قدرتها على النقد وتقديم المقترحات والتصورات.