حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    غدا نزول كميات هامة من الأمطار بهذه الجهات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: تحذير من طقس اليوم    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا أعاد المشروع التونسي الياباني الحياة الى خليج قابس
نشر في الشروق يوم 23 - 12 - 2010

«عادت أنواع كثيرة من الاسماك الى الظهور والتكاثر في البحر كالقاروص والوراطة وجراد البحر والرخويات والتن...» بهذه الكلمات بدأ بحار الزارات الطاهر العيادي حديثه مؤكدا ما ذكره محمد القروي رئيس بلدية الزارات السابق الذي عايش على امتداد خمس سنوات مراحل مشروع احكام التصرف في الموارد السمكية الساحلية وعاين كغيره من اهل المنطقة تأثيره في حماية الثروات البحرية والساحلية بخليج قابس.
ويتميز هذا الخليج على كافة خلجان المتوسط بالانحدار البطيء لجرفه القاري وتبقى هذه المنطقة الى اليوم بحرا معطاء لأهاليها رغم ما لحقها من تلوث وصيد جائر دمر مخزونها النباتي والحيواني.
ففي السنوات الاخيرة أدى الاستغلال المفرط للثروات السمكية بخليج قابس واستفحال الصيد العشوائي الى انخفاض واضح لهذه المنتوجات بعد ان قضى الصيد بال«كيس» على الثروة السمكية وخاصة الرخويات و اتلف الاعشاب والنباتات البحرية فكان التأثير السلبي المباشر على مستقبل البحارة والعاملين في القطاع بصورة عامة.
وفي محاولة لإعادة الحياة الى هذه المنطقة تم التفكير في انجاز مشروع للتصرف في الثروات البحرية بطريقة تشاركية مع بحارة الجهة بمساهمة فنية و عينية (4 مليارات ) من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي وحظيت منطقة الزارات من ولاية قابس بنصيب الأسد من هذه التمويلات (حوالي النصف).
من استزراع الأعشاب الى تنمية مفارخ الاسماك
وحسب محمد القروي رئيس بلدية الزارات السابق الذي واكب مختلف مراحل المشروع فقد كان المنطلق في غرة أفريل 2005 بفكرة بسيطة وهي تنمية الاعشاب البحرية في منطقة الزارات وبعد دراسة ميدانية تم التفكير في وضع حواجز اصطناعية بمواقع معينة من البحر تكون كمحمية للنباتات ومفارخ الاسماك واستمر العمل فيها على امتداد خمس سنوات كاملة تخللها برنامج تقييمي لإقرار توجهات المشروع ومواطن الخلل فيه لتعديلها.
وقد توزع المشروع على اربع مناطق للتدخل في كل من أرخبيل قرقنة وكنايس المحرس وزارات قابس واجيم جربة ويهدف في خطوطه العريضة الى تكوين العديد من نماذج التصرف في الثروات البحرية بطريقة تشاركية يساهم البحارة وسكان المناطق المعنية في مختلف مراحل ومتطلبات المشروع للوصول الى الوعي بضرورة المحافظة على البيئة والتصرف واستغلال الثروات الساحلية بعيدا عن الاستنزاف الذي يعود ولا شك بالوبال على البحارة والسكان في آن واحد كما يهدف المشروع من ناحية اخرى الى بعث منظومة متكاملة تتألف من مجامع بحارة ومتساكنين ومنظمات وطنية للتصرف في هذه الموارد.
انطلق المشروع اذن من فكرة اعادة الحياة الى خليج قابس بزرع الاعشاب البحرية (البوزيدونيا) ووضع حواجز اصطناعية في مواقع معينة من البحر تساهم في نمو الاعشاب والنباتات البحرية فتصبح هذه الارصفة مآو للفراخ من ناحية وسدا منيعا في وجه الصيد العشوائي الجائر من ناحية ثانية.
وبعد توفير المناخ الملائم لتكاثر الثروة السمكية في هذه المحميات الاصطناعية تأتي المرحلة الثانية للمشروع متمثلة في الانتاج الاصطناعي ل«يرقات» الاسماك لاستزراعها في مواقع محددة في البحر وفي انتظار تكاثر الاسماك بصورة طبيعية خلال اكثر من اربع سنوات يتم تكوين البحارة لتنويع موارد رزقهم عبر انجاز مشاريع اخرى كتربية القفالة واستزراع الاسفنج وتحويل وتثمين منتجات البحر كصنع مواد غذائية بالسردينة بمساعدة نساء الجهة.
ويواصل رئيس بلدية الزارات السابق حديثه مشيرا الى ان نتائج المشروع فاجأت الجميع بمن فيهم الخبراء اليابانيون بعد ان اعطى اكله منذ السنة الاولى فعادت بعض الاسماك وتكاثرت بشكل كبير حتى بات بحارة الزارات يصطادون اسماكا فقدوها لفترة طويلة وعادت الى الظهور باحجام كبيرة وقد اكد الخبراء اليابانيون نجاح المشروع في منطقة الزارات بفضل اندماج 90٪ على الاقل من بحارتها في توجهات المشروع وتمويلهم لصندوق محلي مكمل لبرامج التصرف في الموارد السمكية بطريقة تضامنية ذكية عادت بالخير على المنطقة كلها.
«فليس» مع «فليس»...
عن هذه المشاركة الفاعلة ومراحل العمل التطوعي لانجاح المشروع تحدث البحار الطاهر العيادي مبينا انه يوجد بمنطقة الزارات حوالي 50 مركب صيد ساحلي يعمل عليها اكثر من 250 بحارا اقتنعوا باهمية المشروع وفائدته على مستقبلهم ومستقبل جهتهم فشاركوا باليد العاملة وبالاموال طيلة الاقساط الاربعة للمشروع فدفع كل بحار في السنة الاولى (2006 ) 50 دينارا ليتضاعف المبلغ في السنوات الموالية (2007 و2008 و2009 و2010) وقد اتبع البحارة أسلوبا ذكيا لا يرهق امكاناتهم المادية وذلك بأن يساهم كل بحار بقسط من صيده (قد لا يتجاوز في بعض الاحيان السمكتين الكبيرتين) يتم بيعها ووضع أموالها في صندوق لتمويل مصاريف اليد العاملة لصنع الحواجز الاصطناعية.
هذه الحواجز كانت في المرحلة الاولى لا تتجاوز 250 كلغ ولكن التجربة أثبتت ان هذه الاحجام يمكن ان تنقلها المراكب الكبيرة من مكانها فقام البحارة بصنع حواجز اسمنتية أكبر تتراوح بين طن وطن ونصف وهو ما استحسنه الخبراء اليابانيون وشجعوا عليه وقد تم في السنة الاولى للمشروع (2006) وضع 500 حاجز اصطناعي من طرف الجهات المعنية اضاف اليه البحارة 200 حاجز آخر بصنع محلي حاولوا فيه الضغط على الكلفة كما ساهموا في سنة 2007 بأكثر من 700 حاجز بحري تم زرعها في مناطق ابعد واعمق.
ويضيف بحار الزارات انه وبعد وضع الارصفة الاصطناعية في مواضعها تم استزراع اعشاب بحرية وحوالي 40 ألف يرقة سمك وكانت نتائج عملية الاستزراع هامة فتكاثرت اسماك القاروص والوراطة وجراد البحر والرخويات في المنطقة على مساحة واسعة وبنوعية ممتازة فزاد اقتناع البحارة بجدوى المشروع وواصلوا المساهمة فيه عبر صنع حواجز اسمنتية اخرى ومحاولة زرعها في مواقع ابعد خاصة بعد ان تمكنوا من الضغط على الكلفة فلم تعد تتجاوز كلفة الحاجز الواحد 8 دنانير وقد اكد الخبراء اليابانيون نجاح المشروع بمنطقة الزارات بفضل تعاون جميع الاطراف وتكثيف حلقات التحسيس وورشات التكوين للبحارة والمتساكنين تحت اشراف بلدية المكان.
حماية الثروات الساحلية
مشروع «حماية الثروات البحرية والساحلية بخليج قابس» جاء ليعضد في توجهاته العامة الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي والتصرف المحكم في الموارد الحيوانية ويهتم بمواقع تصنف ضمن الكنوز النادرة للتراث الطبيعي العالمي وتهم جزيرتان (قرقنة والكنايس) وبحيرتان (بوغرارة و البيبان) وواحة قابس.
هذا المشروع تم بعثه إثر دراسة قامت بتشخيص الوضع الايكولوجي لخليج قابس وأوصت بجملة من الاعمال للمحافظة على التنوع البيولوجي البحري والساحلي لهذه المنطقة بما يضمن تنمية الموارد البحرية للمتساكنين وللاجيال القادمة.
ويغطي المشروع مجموع خليج قابس الى الحدود التونسية الليبية ويهدف الى وضع منظومة فعالة ومنسجمة للتصرف التشاركي تستجيب من ناحية للمحافظة على الأصناف النباتية والحيوانية و لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
رغم الاهتمام بمجموع خليج قابس فقد تم التركيز بصفة خاصة على خمسة مواقع نموذجية نظرا لخصوصياتها الاستثنائية واهميتها على المستوى الايكولوجي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي وتكامل تنوعها البيئي ومن بينها واحة قابس.
هذه الواحة تعتبر آخر الواحات الساحلية للمتوسط وتمثل مخزونا جينيا لاصناف النخيل وأنواع أخرى من النباتات النادرة بالاضافة الى ما تمثله من موروث ثقافي بتقنياتها الزراعية القديمة ذات الطوابق المناسبة لهذه البيئة الخصوصية الا انها تشهد اليوم تدهورا حادا نجم عن الاستغلال المفرط للمائدة المائية وتغير نمط الاستغلال الفلاحي وزحف المناطق العمرانية والتلوث البيئي الناتج عن النفايات الصلبة والنفايات الصناعية والمنزلية والفلاحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.