استفادت الصورة من ثورة التكنولوجيا الرقمية شكلا ومضمونا وأصبحت قادرة على ترويض الجمهور ككلب العالم الروسي Pavlov الذي يسيل لعابه بمجرد نقر الناقوس لأنه تعود أن يأكل اللحم بعد نقر الناقوس مباشرة. تماما هذا ما تفعله الصورة اليوم بجمهور العالم العربي ومنه الجمهور التونسي وبالتالي لم نعد نسمع أغاني بكلمات رائعة وأداء جيد إنما نسمع نشازا ونرى أجسادا تتمايل تحت الأضواء لتسيل لعاب الرجل العربي بعزفها على أوتار غريزته الجنسية وهو لا يبالي إن غصت شركة إنتاجه بمبيعات الكليبات، إنها عبثية التجارة والجسد فالمزيد المزيد من البضائع الفنية كإليسا ومليسا. ويتناول التونسي يوميا جرعة أو حقنة من المسلسلات التركية عله يعيش لحظات رومانسية وهمية لم يفلح في تحقيقها مع زوجته ولم يفلح الأتراك في حد ذاتهم في تحقيقها على أرض الواقع فلا تخالوا أن أبطال مسلسلات «دموع الورد» و«نور»، «عمار ومهند» يعشقون النساء ويركعون تحت أقدامهن خارج الدراما إنما صورة المبالغة في الرومانسية والوفاء والتضحية في سبيل العشق هي فقط عينة لديماغوجية الفن وتعتمد على بضاعة ملونة ومزركشة تثير غرائز المتفرجين وماذا يريد الرجل العربي غير حسناء جسدها يتمايل كتمايل الأغصان على الرياح وبجانبها كأس معتقة تنسيه فاتورة الماء والكهرباء وصوت المسوغ نهاية كل شهر. وتحت عنوان عذرا انه فن الصورة، نجد ثلة كبيرة من الشبان التونسيين يضعون صورة البروفيل في الفايس بوك مهند أو عمار وكلتيهما صورة مثالية للرجل العاشق المخلص والبطل المغوار الذي لا يهاب شيئا وطبعا ينعم علينا الأتراك دائما بصورة استبداد الغني للفقير وشجاعة الفقير في استرجاع حقه وهي صورة أثرت كثيرا في الجمهور العربي لأنها تلخص الوضع السياسي العربي المشحون. وليس العيب في صورة الفن إنما العيب في القائمين على فن الصورة الذين جردوا الفن من قيمته ومضمونه وأبقوا على قشوره فقط.