صار الحديث عن الانفلات الأمني حديث الشارع التونسي في كل المدن وطفت خلال اليومين الماضيين أخبار كثيرة تناقلها الشارع وتناقلتها المجالس العائلية عن أحداث «البراكاجات» والاختطافات وأيضا حتى الاغتصابات ورغم أن كل هذه الأخبار التي يتداولها الشارع العريض تحتاج الى تأكيد أو نفي رسمي خاصة من قبل وزراء الحكومة المؤقتة الا أن هذا الأمر لم يحدث ليبقى الشارع التونسي تحت رحمة الاشاعات والأخبار التي تنشر الفزع والخوف داخله. وقد بلغ ذلك الخوف أشده يوم أمس في العاصمة خاصة بعد تصريح أحد مديري المعاهد الثانوية لاذاعة خاصة خبر مفاده اختطاف تلميذ يدرس بالمعهد في السنة الثالثة من التعليم الثانوي مما أدخل الفزع في نفوس الأولياء الذين تولوا الاتصال على الفور بمصالح وزارة التربية وبالمعاهد والمدارس للعودة بأبنائهم التلاميذ الى المنازل بما خلق فراغا حقيقيا داخل المكاتب الادارية. وتتزامن حالات الهلع والذعر والخوف مع قرار أعوان الأمن الدخول في اضراب مفتوح للمطالبة بتحسين أوضاعهم المادية اضافة الى نشر لقطات من فيديو اقتحام مكتب وزير الداخلية على شبكة ال«فايس بوك» مما ولد الكثير من الخوف لدى الناس وعموم الشعب الذين أدركوا أنهم أمام انفلات أمني يصعب عليهم مواجهته خاصة في ظل الحديث عن فرار أكثر من 10 آلاف سجين من السجون خلال المدة الماضية وعدم التمكن من القبض عليهم. سؤال لكن السؤال الذي يطرح الآن ولابد من الاجابة عنه هو من يقف حقيقة وراء تدهور وانفلات الوضع الأمني ومن يقف وراء الكثير من مظاهر الفوضى ومن هو المستفيد الحقيقي. ان كل عموم الشعب بحاجة الآن الى اجابات واضحة ودقيقة من الحكومة المؤقتة التي يظهر وزراؤها كل ليلة على شاشات التلفزيون ويتكلمون لمدة ساعات لكنهم في النهاية لا يقولون ولا يكشفون شيئا عند حديثهم عن استقبالهم لمئات الناس من أصحاب المشاكل الاجتماعية دون أن نعرف حتى مآل الملفات التي يتسلمونها. ان السؤال الذي يحتاج الآن الى اجابة مدققة هو لمصلحة من كل هذه الفوضى في المؤسسات وفي عدد من الادارات العمومية ولمصلحة من كل هذه الفوضى في الشارع ولمصلحة من غياب الأمن في الشوارع وفي المدن ووجود مراكز شرطة دون أعوان. ان من حق كل أعوان الأمن المطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية وكل الناس أعلنوا أنهم يتعاطفون معهم لكن ذلك لا يبرر مطلقا كل هذا الانفلات الأمني. ومن حقنا أن نسأل أيضا أين هو الناطق الرسمي باسم الحكومة وأين هي الكوادر الامنية ولماذا لا يتحدثون بكل صراحة عن حقيقة الأوضاع ولماذا لا يكشفون حقيقة ما يروج من أخبار هنا وهناك وفي كل مدينة وفي كل قرية في تونس. ان تواصل هذا الانفلات الأمني وتواصل حالات الفوضى المسجلة سيجعل من مدننا ومن شوارعنا مدنا وشوارع أشباح كما أن غياب الأمن في البلاد يعني بالضرورة غياب التنمية وغياب العمل والانتاج... لا يمكن لنا الآن أن نطلب من الشعب أن ينكب على العمل والانتاج في ظل هذه الأوضاع الأمنية المتدهورة وفي ظل كل هذا الخوف والفزع. كما لا يمكن لنا أن نكون على ثقة كبيرة بالحكومة المؤقتة في وقت لا نعرف عنه اجابات محددة ودقيقة وواضحة عن كثير من الأسئلة.