هذه لجنة مكلفة بمراجعة القوانين الأساسية للدولة وخاصة الدستور، ذلك الدستور الذي تعرض إلى عديد التنقيحات كل على القدر الذي يتطلبه الموقف. وتحتاجه المرحلة. فمنذ البداية سنة 1956 تكون «المجلس القومي التأسيسي» وأخذ ثلاث سنوات ليكمل مهمته وكان أهم تأخير يتعلق بالنظام الجمهوري كبديل على النظام الملكي الذي كان سائدا آنذاك وأخرج الدستور في شكل مقبول على الأقل في ذلك الوقت سنة 1959. ودخلت عليه بعدها يد التغيير من ذلك التنصيص على أن الوزير الأول يتولّى الرئاسة بعد إحداث هذا المنصب في تغيير سابق ونتج عن ذلك كله صراع بلا هوادة على منصب الوزير الأول ومن حوله حتى حدث 7 نوفمبر وظن الناس أن المسألة متجهة نحو الاستقرار السياسي والدستوري لولا أن تعرض الدستور مرة أخرى الى التحوير على المقاس المطلوب من ذلك التضييق على الترشح للرئاسة بعدة شروط. مازلنا نعاني منها الى جانب اسناد الرئاسة المؤقتة الى رئيس مجلس النواب أو بعده رئيس مجلس المستشارين مع التضييق على المدة الزمنية المتاحة للرئاسة المؤقتة وقد رأينا اليوم التأثير السلبي لمثل تلك التضييقات حيث لم يبق أمام لجنة الاصلاحات السياسية إلا البحث عن السبل الممكنة للتحوير في أجل محدود وقبل المطالبة بالدعوة الى مؤتمر وطني تأسيسي يصوغ دستور البلاد لأن مثل تلك الدعوة من اختصاص رئيس جمهورية منتخب. أ بقية الاصلاحات مثل المجلة الانتخابية وقانون الصحافة والنشر قانون الأحزاب فهي في اعتقادي من اختصاص مجلس نواب منتخب. وليس بإمكان اللجنة الحالية سوى التصوّرات والمقترحات التي هي في حاجة للتشريع عن طريق مجلس النواب الحالي وامضاء رئيس منتخب! أو اللجوء في كل ذلك الى الاستفتاء الشعبي وهو أعلى من كل مجلس أو رئيس. لجنة تقصي الفساد: هي لجنة موكول إليها في الاعتقاد السائد تكوين ملف حسن التوثيق عن مظاهر الفساد المالي في المؤسسات وخاصة الصناديق ذات الموارد المالية المتأتية مباشرة من المواطنين مثل صندوق 26 26 والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكذلك المؤسسات ذات المردود المالي والسيولة الوافرة مثل بعض البنوك المملوكة جزئيا للدولة وشركة الكهرباء والغاز والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه وديوان البريد وكلها مؤسسات ذات مردود مالي مهم من العملة المحلية ومن الضروري أن يشمل التحقيق كل ممتلكاتها ومواردها ومن تعاقب على رئاستها على الأقل لعشرين سنة خلت وتحولاتها المالية لصالح خزينة الدولة خاصة في ما يتعلق بأداء على القيمة المضافة والمعاليم القارة وما يخص الاذاعة والتلفزة الوطنية وقد ترك التصرف فيها لأعلى هرم الدولة. نحن في انتظار ما ستقوم به هذه اللجنة وما ستوصي به من إعادة الحق لأصحابه وتحديد ما نال كل طرف بطرق شرعية أو غير شرعية من المال العام خاصة أثناء برنامج «إعادة الهيكلة» للمؤسسات الخاصة والاعفاءات الضريبية والاعفاءات من التحويل لصندوق الضمان الاجتماعي وكذلك دعم بعض المواد الغذائية واسعة الاستهلاك ودعم بعض المؤسسات العمومية مثل البلديات وشركات النقل. هذا كله الى جانب مسألة الاحالة لبعض المتنفذين في الحزب الحاكم والمنظمات الوطنية على مؤسسات «غنية» بمواردها المالية! أو إحالة البعض الآخر للعمل الحزبي وهم يحصلون على رواتبهم من مؤسسات ودوائر عملهم الأصلي! لجنة تقصي الحقائق في أحداث الثورة: من المفترض أن تقوم مثل هذه اللجنة بتحديد عدد الضحايا وظروف استشهادهم وتحديد المسؤولية في الأمر باطلاق النار وتنفيذه وبالتالي يكون عمل مثل هذه اللجنة عدلي بامتياز حيث ستساعد القضاء على تكوين ملف إحالة حقيقي على المحاكم بكل الجهات وتترك اللجنة للقضاء تقدير المسؤوليات وستتحمل الدولة على الأرجح تبعات ذلك بقدر ما يتحمل الأشخاص المعنيون بأعمال القتل والجرح مسؤولياتهم أما تقدير قيمة التعويضات فهي متروكة أيضا للقضاء وليس من المقنع صرف أموال لعائلات الضحايا. هكذا جزافا قبل تحديد المسؤولية والقيمة الحقيقية لتلك التعويضات حتى لا يتبادر الى الأذهان أن ما يحصل الآن مجرد استرضاء لناس من طرف الحكومة المؤقتة! إن تفعيل اللجان الثلاثة أصبح مطلبا شعبيا وخاصة البحث عن صيغ قانونية لتنقيح الدستور قبل أية انتخابات والبحث عن طريقة استرجاع الأموال المنهوبة بصورة أو بأخرى والبحث عن الأشخاص المسؤولين على القتل والجرح والتخريب. المختار يحياوي