الكبار لا يموتون وإن رحلوا! بوعبانة أو «الماتر» كما يحلو لأصدقائه مناداته كان فلتة وعبقرية نادرة في الفن التشكيلي لذلك خلّدته لوحاته الموزعة بين عدد من المهتمين باقتناء اللوحات. من هؤلاء مكاوي سماعيلي الذي ربطته علاقة عجيبة «بالماتر» انطلقت بمعركة في احدى الفضاءات الليلية التي كان «يسكن» فيها بوعبانة أمير الليل بامتياز. المعركة تطورت الى محبة ومن يستطيع أن يخاصم بوعبانة ذلك الطفل الكبير الذي كان مثل نهر من المحبة والعطاء! فأصبح مكاوي اسماعيلي تاجر الملابس المستوردة في نهج زرقون مولعا باقتناء لوحات بوعبانة الى أن جمع 30 لوحة اعتبرها النقاد والرسّامون من أصدقاء الماتر ومريديه من أهم المجموعات التي تركها بوعبانة المعروف بغزارة انتاجه اذ كان يعتبر نفسه «خدّام حزام» في الرسم. وجمعية الصداقة التونسيةالسويدية التي تضم في هيئتها سميرة بوعبانة كريمة الماتر دعت مكاوي اسماعيلي لزيارة السويد وتنظيم معرض للوحات بوعبانة وإصدار كتاب عن مسيرته الفنية في الفترة القادمة يضمّ مختارات من أعماله وتأتي هذه الدعوة من جمعية الصداقة التونسيةالسويدية استعادة لبوعبانة الذي عاش في السويد وتزوج سويدية عاشت معه بين تونسوالسويد أنجب منها ابنته الوحيدة. لكن الشوق الى تونس دفعه لمغادرة السويد وأذكر أن بوعبانة قال في احدى حواراته مع «الشروق» غادرت ستوكهولم لأني لم أتحمل البعد عن تونس. فبوعبانة ظاهرة تونسية ولا يستطيع إلا أن يكون تونسيا في روحه ومهجته ورؤيته للفن وللحياة. رحم اللّه «الماتر».. فها هو يعود الى ستوكهولم روحا بعد أن رفض أن يعيش فيها وذلك قدر الكبار الذين لا يعترف إبداعهم بالجغرافيا.