بقلم حسن الحبيب بالي (مركز الدراسات الإستراتيجية) قد يكون من الغريب أن يطرح مثل هذا السؤال وقد يذهب البعض إلى اعتبار طرح هذا السؤال من قبل الجدل الذي ملأ الدنيا ولم يقعدها منذ قيام ثورة الكرامة... ولكن دعونا ننظر إلى واقع الأمر وتحليله دون فلسفة السيد أحمد ونيس وزيرنا للخارجية (السابق) بل دعونا نأخذ من السيد فرحات الراجحي وزير الداخلية ببساطة منهجية وأريحيته في الإجابة عن كل الأسئلة التي طرحت أو لم تطرح عليه. تونس اليوم تعيش واقعا غريبا يعكس خليطا عجيبا من الفرحة والاعتزاز من جهة والارتباك وعدم القدرة على التكيف السريع مع نقلة فجئية من جهة أخرى. إن واقع الاعتصامات والاحتجاجات وكثرة المطالبات والتي يقوم بها كل فئات الشعب... كل حسب مطالبه المهنية تارة... والحياتية تارة أخرى... أخل بالسير العادي والطبيعي لعمل مؤسسات الدولة بل عطّل امكانية معالجتها لجملة هذه المطالبات في حيز زمني قصير جدا... الحكومة الوقتية التي لم يمض على تعيين أفرادها إلا أياما معدودة وجدت نفسها أمام تحديات كبيرة وخطيرة وأمام ظروف عمل لا يمكن الاستهانة بصعوبتها. الحكومة... الوزارة... الوزراء... كافة الوزراء... وجدوا أنفسهم أمام كم هائل من الملفات التي عليهم معالجتها بسرعة قصوى... وعليهم أيضا التعامل مع ميزانيات محدودة... وعليهم إرضاء كافة الأطراف الاجتماعية والمهنية... وعليهم المحافظة على السلم الاجتماعي... وعليهم اثبات قدرتهم على إدارة الأزمة وعليهم اثبات حسن نيتهم وعليهم الاستجابة الايجابية إلى كافة الملاحظات والانتقادات... وعليهم القيام بدورهم دون أن يظهروا أي تأفف... وعليهم أيضا وأخيرا أن يمددوا في ساعات اليوم الواحد فأربع وعشرون ساعة أصبحت غير كافية. كل هذه الأمور وجد... الوزراء (كل في موقعه) مطالبا بها وأكثر فهل يعقل أن نطلب من وزراء أغلبهم لا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه الوضعيات وجلهم أصحاب مراكز إدارية في مؤسسات دولية جاؤوا وفي جرابهم وحقائبهم كلمة واحدة : الإستجابة إلى واجب وطني. كيف يمكن أن نطلب من وزير شاب مثل وزير النقل والتجهيز أن يعالج في مدة قصيرة جدا ملفات كبرى تتعلق بالديوانة والأورام التي تعاني منها أو أن يقوم بفتح ملف البنية التحتية الغائبة في أغلب المناطق الداخلية المحرومة التي عاشها أهلها الطيبون على وقع وعود كاذبة قدمها النظام البائد عبر إخراجه للدنيا الكذبة الكبرى التي تسمى صندوق 26/26؟ كيف يمكن أن نطلب من السيد وزير الداخلية القاضي الفاضل الذي شهد له أصل المهنة من ميدان القضاء بنزاهة ورفعة أخلاقه وصوت له شباب الفايسبوك الذي لا يعرف التملق... ومنحوه حبهم لأنه أهل لذلك. كيف يمكن أن نطالب هذا الرجل بأن يعالج أخطر الملفات لأخطر الوزراء في أخطر الأوقات. كيف لنا أن ننتظر أداء رفيعا لأغلب الوزراء وهم يعملون تحت ضغط شعبي وإعلامي وزمني رهيب. الناس يطلبون... يعتصمون... يصرخون لهم الحق في ذلك فالظلم الذي سلّط عليهم كبير ولكن يجب أن ندرك أن لنا حكومة وحدة تتكون من وزير واحد لكل وزارة وعلينا أن نكون في مستوى التحدي الجديد وهو ابقاء الثورة علامة مضيئة الثورة علامة مضيئة في تاريخ تونسنا العزيزة وعلى الجميع أن يتحلى بقليل من الصبر. والحكومة الوقتية مدركة أن كل الشعب التونسي يعلق أماله عليها لتصريف أعماله. فهل تكون هذه الحكومة في مستوى الأمال والتطلعات؟.