للحديث عن العراق وعن مستقبله وتسليم السلطة الى العراقيين، ينبغي الابتعاد عن العاطفة والانتماءات والنظر بعمق في الملابسات التي أدت إلى احتلال شعب في حجم العراق، وتدميره، والسطو على حضارته، وابتزاز ثرواته، وكل مكوناته من طرف دولة عظمى كالولايات المتحدةالأمريكية وحليفتها الأولى بريطانيا. ذلك أن الأمر ليس بالهين، عندما يقع ربط الأحداث ببعضها منذ ضرب المفاعل النووي العراقي، وحرب الثمانية أعوام بين ايران والعراق، والحرب من أجل تحرير الكويت من الغزو العراقي وهي احداث تتصل ببعضها البعض في مخطط واحد أعد له مسبقا وعن قصد سواء بالنسبة للمنطقة عموما أو للعراق خاصة في المرحلة الأولى. فاليمين المسيحي الأمريكي المتطرف أغرق أمريكا وفرض عليها سياسة من نوع خاص حتى جعلها عدوة العالم وأفقدها صوابها وأصدقاءها ليصبح الأمريكي شبحا مخيفا فأمريكا اثر احتلال العراق للكويت والهجوم على العراق بأكثر من ثلاثين دولة كان يمكن أن تجد له ما يبرره غير أن حصار العراق لمدة تزيد عن اثني عشر عاما تسبب في موت مليون عراقي من مختلف الشرائح ليس له ما يبرره. كما أن محاولات نشر الفوضى داخل العراق والتآمر الأمريكي المتواصل على العراق وتدريب المرتزقة، ودعم المعارضة خارج العراق للانقضاض عليه تؤكد بشاعة السياسة الأمريكية، واخطارها على شعوب العالم سيما وأن هذه السياسة تهدف الى حماية اسرائيل وتوسعها في المنطقة وبالتالي حماية المصالح الأمريكية في الخليج ومن هنا يتضح أن قرار الحرب الذي اتخذه بوش والإصرار على تنفيذه رغم عدم اكتسابه الشرعية الدولية يدخل في المخطط الاستعماري، الغاشم والاستبداد والظلم فالحرب على العراق تحمل عنوان أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق وهي أكذوبة تعودت أمريكا ترويجها في كل حرب تريد شنها على الغير لتجريب أسلحتها ثم ربطت هذا الادعاء بالعلاقة بين النظام العراقي السابق، وتنظيم القاعدة وهو افتراء واضح يرفضه العالم ولا يقبله حتى الشعب الأمريكي نفسه لبعد المسافة في الاتجاهين المعروفين. أمريكا شنت الحرب على العراق متحدية الشرعية الدولية متعمدة القوة العسكرية والضرب بالأسلحة المتطورة التي لا يمتلكها العراق، وحتى المحظورة دوليا وأمريكا احتلت العراق وقلبت النظام السابق وهو أحد أهداف الإدارة الأمريكية بالاضافة الى الأهداف الأخرى المعروفة والتي قد تتحقق وقد لا تتحقق. أمريكا أطاحت بنظام صدام، ونسيت أن العراق للعراقيين، اطاحت بالقيادة العرقية ونسيت أن للعراق قيادة في كل شبر من العراق. اعتمدت أمريكا على الخونة العملاء من داخل العراق، ومن خارجه عراقيين وغير عراقيين عربا ومسلمين ونسيت أن الخونة والعملاء في كل مكان وزمان تلاحقهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولم ولن يفلحوا في مخططاتهم وتواطئهم. وها هي اليوم تراوغ العراقيين والعالم بتسليم السلطة للعراقيين ومن نفس الجماعة الذين اعتمدتهم في احتلال العراق، والتعدي على حرماته، وكرامته، متناسية كل الذي وقع، وسيقع لأن المعركة في بدايتها، والفوضى المستمرة التي هيأت لها بمعية عملائها لا يمكن أن تخمد وتهدأ ولأن دخول الحمام والخروج منه ليس سهلا. ودون عاطفة أو أحقاد أقول واؤكد أن هذه الحكومة لن يكتب لها النجاح ولا الدوام، والاستمرار لأن طلباتها تدل على مدى خذلانها، وتخاذلها ولأن منطلقها الخيانة للشعب والشعب العراقي يريد التحرر وطرد الأجنبي وذبح العملاء.