40 يوما مرت على الثورة والإطاحة بالنظام البائد.. 40 يوما بلياليها تعاقبت وأحفاد حشاد بقرقنة يحرسون ممتلكاتهم برا وبحرا، وبكرمهم المعهود يستقبلون الضيوف الذين يزورون الجزيرة التي أطاحت بنظام الفساد بالدماء الزكية التي دفعها ابنها البار الشهيد سليم الحضري .. جزيرة قرقنة التي عادة ما تضرب موعدا مع التاريخ لم تتأثر بالغياب الأمني بعد فرار كل الأعوان رفقة المعتمد ..الفارون لم يغادروا الجزيرة إلا بعد أن استشهد شاب معروف لدى القاصي والداني بحسن أخلاقه ورفعتها وهوشأن كل أفراد عائلته بمنطقة أولاد بوعلي بقرقنة .. أهالي قرقنة لا يطلبون الإعانات والمساعدات، فهم جبلوا وتعودوا أن تكون أيديهم هي العليا، لذلك انحصر مطلبهم في معاقبة كل الجناة الذين أتوا على روح الشهيد سليم الحضري مع الاهتمام بمشاغلهم اليومية التي تم تهميشها في العهد السابق .. مطالب أهالي جزيرة قرقنة بالجملة، وقد ساهمت سنوات التهميش في تمطيط القائمة التي تتطالب بإيقاف كل الجناة في جريمة قتل الراحل سليم الحصري، كما تركز القائمة على تشغيل خريجي الجامعات وغير الخريجين، كما لا تستثني المطالب بتطبيق قوانين الجزر والاهتمام بالبنية الأساسية للأرخبيل ومساعدة البحارة في القضاء على «الكياسة» الوافدين من خارج الجزيرة فينهبون خيرات البحر ويأتون على ممتلكات البحارة .. كل المطالب مما ذكرنا ومما لم نذكر مشروعة، وآن الأوان بفضل ثورة الشعب أن تتحقق لتزدهر الجزيرة وينعم أبناؤها بخيرات البلاد في إطار التقسيم العادل للثروة والعناية بجزيرة الشهداء بداية من فرحات حشاد، مرورا بمحمد هماني وعمر قطاط وآخرهم الشاب سليم الحضري .. الشهيد سليم وحسب كل الأهالي، لم يمت في الأذهان والوجدان، بل هوهنا بين أبناء جلدته حيا يرزق، فالساحة الواقعة بقلب مدينة «الرملة» باتت تحمل اسمه وضيوف الجزيرة يزورونها في كل حين ترحما على روحه الزكية ويجدون من الكرم وحسن الإفادة ما يشجعهم على تكرار الزيارة للأرخبيل الحالم .. القافلة التي زارت قرقنة كانت بمناسبة أربعينية الشهيد سليم، القافلة حملت اسم «قافلة الحرية تكريما للشهداء»، وقد انطلقت يوم السبت بإشراف أصدقاء الراحل بكل من العاصمة وصفاقس وقرقنة، ويؤكد المنظمون ان لا علاقة لأية جهة سياسية سواء كانت من العهد البائد المنحلة أوالتي تنشط، وقد حاولت بعض هذه الجهات الركوب على الحدث النزيه ومحاولة توظيفه لصالحا، إلا أن أصدقاء الشهيد كانوا بالمرصاد بداية من «اللود» .. قافلة الحرية تكريما للشهداء، استقبلت بمليتة استقبالا حارا، وقد وجد الضيوف من حسن الإفادة ما أثلج صدورهم، فتوجهوا بعدها إلى المقبرة بأولاد بوعلي لتلاوة الفاتحة، ثم تحول الضيوف إلى المدرسة بالمكان ليستقبلوا من جديد بحفاوة كبرى . ليلا، أشعل الأهالي الشموع بساحة الشهيد، وأحيوا سهرة موسيقية ملتزمة وفتحوا المجال للتحاور في شؤون الثورة وسبل حمايتها بشكل ديمقراطي ينم مرة أخرى على وعي أحفاد حشاد بأهمية الثورة . الجرحى كانوا في البال، إذ تحولت القافلة إلى منطقتي العطايا والقراطن لزيارة شابين نالهما الرصاص، ليسدل الستار عن «قافلة الحرية تكريما للشهداء» التي أكدت مرة أخرى أن قرقنة مفخرة لتونس الثورة .