ما أسوأ ان تدخل السجن وعمرك لم يتجاوز 18 سنة... وما أسوأ ان تدخل السجن بتهمة أنك من «المعارضة» ولكن في عهد بن علي الرئيس المخلوع حدث هذا بغطرسة شديدة طالت حتى تلاميذ المعاهد الثانوية. «الشروق» تحدثت الى أحد مناضلي الحركة التلمذية الذي عانى الويلات في عهد بن علي وزجّ به في السجن وتعرّض الى محاولات عديدة لحرمانه من الدراسة لكنه واجه وتصدى كل الصعوبات وهو حاليا محام. مفقود وتحدث الأستاذ منير الغزواني المناضل السابق بالحركة التلمذية انه تم إيقافه يوم 18 فيفري 1991 من طرف أمن الدولة للتحقيق وكان حينها في الساعة السادسة ثانوي شعبة آداب. وكانت تلك هي المرة الأولى فتم تجاوزها بسلام حيث تم إخلاء سبيله بعد 15 يوما فقط من طرف فرقة الارشاد بجندوبة مع وضعه محل تفتيش خلال السنة الدراسية الموالية مع تعيين قضية وأول جلسة كانت يوم 18 ديسمبر 1991. وتم عرضه على ا لمحكمة وإخلاء سبيله دون ضمانات من طرف القاضي لكن بعد لحظات فقط من إعلان الحكم تمّ ايداعه بمركز الأمن لمدة يومين وبعدها تم نقله من جندوبة الى السجن المدني بالكاف وحينها حدثت مناوشة بينه وبين المدّعي العام بمحكمة الاستئناف الذي قال له: نحن لا نظلم أحدا فلمّا سأله التلميذ المتهم ما هو دليلك على إدانتي بالقضية قال له: «يكفي أنك من المصلّين» فردّ عليه: «حتى هي عدالة وحتى هي دولة». وحينها اتخذ القاضي ضده قرارا بإيداعه السجن دون ان يترك مذيّلا للورقة يفيد انه تم إيداعه بالسجن فصار في عداد المفقودين وفي حالة فرار في حين أنه وراء القضبان. وظل على تلك الحالة لمدة 6 أشهر وعائلته في حيرة شديدة وخوف كبير عمّا يمكن ان يحدث له. حكم غيابي وقال من المظالم التي تعرّضت اليها كذلك انه صدر حكم ضدّي بسجني لمدة سنتين غيابيا بينما كنت موجودا بين السجناء وكان حينها من يمرّ على المحاكمة يخبرني بأنه تمّت مناداتي أثناء الجلسة. وأضاف انه كردّ فعل على ذلك قام بإضراب جوع أفضى الى مقاضاتي من جديد وتأييد الحكم الغيابي بحكم حضوري في 24 جوان 2002. وأفاد ان التهمة كانت الإنتماء الى جمعية غير مرخص فيها وحول عذاب السجن قال: «كنا مع سجناء الحق العام ويكفي ان مدير السجن الجديد تعرّف علينا خلال اليوم الأول لتولّيه منصبه بتوجيهه نحو الحائط في يوم ممطر بغزارة». وأضاف انه كان لأبسط سبب يتم اخراجنا الى الساحة ليلا وتسريح الكلاب. وأشار الى أنه من المهازل ايضا ما كان يحدث أثناء المحاكمات حيث كان المتهم يسبّ والقاضي يضيف حتى أنه بلغ 27 سنة سجنا. الإصرار وبعد سنتين في السجن خرج منير ليستأنف دراسته فلم يحظ بقبول أي معهد ثانوي خاص لأنه كان في كل مرة مطالبا بتفسير حول السنتين من الغياب. وحظي بالموافقة من أحد المعاهد التي تواجه صعوبة من الإقبال. ولكن لم يرق للبوليس السياسي للرئيس المخلوع ان يدعه وشأنه فقد كان يحاول في كل امتحان للباكالوريا منعه عن تجاوز الامتحانات بالمساءلة والتحقيق الى أن حصل على الباكالوريا ودرس بالجامعة في اختصاص الحقوق بجامعة جندوبة وبالجامعة لم يكن يدرس بأمان كباقي الطلبة بل كان دائما مرفوقا بالبوليس السياسي أينما تحرّك. وبعد الجامعة قال: حصلت على شهادة الماجستير من فرنسا بمساعدة أخي الأكبر وعدت الى تونس فرفضت الوزارة منحي المعادلة وطلبت مني التوجه نحو المحكمة فأنصفتني المحكمة الإدارية بتمكيني من المعادلة في موفى 2009. وأضاف انه قدّم طلبا للالتحاق بسلك المحامين لكن السلط رفضت منحي بطاقة عدد 3 لأسباب مجهولة فأنصفته الهيئة الوطنية للمحامين بطلب نسخة من الحكم الصادر ضدّه واعتبرت ان الرفض ناتج عن انتماء سياسي. عذاب العائلة من المفارقات ان منير ليس الوحيد في العائلة الذي كان من المعارضة فلقد كان له أخ ايضا من معارضي النظام السابق مما أدى الى مضاعفة عذاب العائلة وخاصة الأم التي فقدت الإدراك لعدة سنوات وتوفيت دون ان ترى أحدهم.