الثورة : هي التحول السريع من وضع الى وضع آخر أحسن وهي تهمّ المجموعة البشرية القليلة العدد أو الكثيرة على السواء ويمكن أن تهم بلدا كبيرا مثل الصين أو بلدا صغيرا مثل البحرين والمهم ليس الايديولوجيا لأن الثورات عبر التاريخ كانت مختلفة الايدولوجيات ولكنها كلها ثورات تطمح الى تحقيق الافضل للمجموعة البشرية التي تتحرك للثورة على أوضاعها وتتطلع الى الأحسن وعادة ما تقوم الثورات بإعادة هيكلة الدولة واعادة صياغة القوانين والنظم الاجتماعية وتبرز خلالها فئات مستفيدة تمثل القاعدة السكانية العريضة على اختلاف مشاربها ومصالحها وتخسر فئات أخرى أقل عددا وتعمل جاهدة على ركوب الحدث او الثورة المضادة المشهورة باسم الردة. وقد تكسب الجولة بواسطة المال السياسي وهو أقل الخسائر المتوقعة بالنسبة الى هذه الفئات وهي عادة تستعمل وسائل الفرقة المتنوعة مثل المصالح الخاصة والقبلية والجهوية وأشياء كثيرة! الانتفاضة : تشبه حركة الجريح ولا نقول المتردّي وتأتي عادة بعد حالة يأس وقنوط وفشل أنواع الحوار مثل الاتصالات والمفاوضات والوساطات... وتكون الانتفاضة عادة معبّرة عن حالة يأس ولا ينتظر تغييرات جوهرية بقدر ما تنتظر نوعا من الاعتراف بالاجحاف في حقها ومجموعة مطالب في الاقرار بوجود المنتفضين وإبلاغ موقفهم من مسائل أساسية وتعبيرا عن وجودهم وهم يفعلون ذلك بخسائر كبيرة في الأرواح والمصالح والرفاهة ومثال ذلك الانتفاضات الفلسطينية المتتالية وكذلك الانتفاضات الجزائرية على المستعمر الفرنسي وغيرها عبر بلدان العالم. التمرد : يحصل في ناحية من البلاد حيث يجتمع كل السكان اوجلّهم على اختلاف مراتبهم الاجتماعية ومسؤولياتهم السياسية والعسكرية على القيام على الدولة المركزية والمناداة بتغيير الولاء وشعارات الدولة السائدة في بقية البلاد وتقود الحركة نزعة عرقية او طائفية او جماعة سياسية وفي كل الحالات تواجه الجهة المتمردة تكتل بقية البلاد ضدها مما يدفعها الى طلب الدعم الخارجي بصورة مباشرة او غير مباشرة كما حصل في الحرب الأهلية الاسبانية او حركة استقلال كوسوفو عن صربيا او حركة الأكراد بشمال العراق والحركات الانفصالية بدارفور في السودان وعادة ما يعقب حالة التمرّد مقاومة منعزلة تستمد قوتها من الخارج بدون جدوى كبيرة وبدون أن تعرقل تطور الدولة وسيرها العادي وهو ما يكلف المتمردين خسائر كبيرة ويمكّن الدولة الموجودة من اصلاح أخطائها وتكريس حضورها مع عدم الاعتراف بحالة التمرد ونعتها عادة بالانفصالية والتقوقع. تنزيل ما يجري في ليبيا: تراوحت الأحداث الجارية في ليبيا بين الحالات الثلاث حيث كانت النظرة الأولى توحي بحصول ثورة شعبية شبابية لكنها سرعان ما تطورت الى انتفاضة جوية تهم مناطق محددة مثل برقة والمدن الاباضية بالجبل الغربي وبعض المدن الساحلية التي يحرّكها المثقفون وتحتوي على خليط سكاني أقرب الى المجتمع المدني من المجتمع القبلي ولكن مع مرور الوقت وخلال أسبوع واحد تحولت تلك الحركة الى حالة تمرد مسلح تقودها مجموعات عقائدية سعت الى الحصول على السلاح من القوة العامة والمواقع العسكرية والتغلّب على اقليم محدد يمثل حوالي ثلث مساحة البلاد وربع سكانها وبدأت الوضعية تأخذ شكل التمرّد الجهوي تماما كما حصل بكردستان العراق أو دارفور في السودان وانطبقت بذلك عليها مواصفات التمرد سالفة الذكر وقد أصبح من الخطإ الشائع وربما المتعمّد وصف ما يجري بحالة ثورة! إحباط فكرة سلطة الشعب: الملفت للانتباه هو التكالب الشديد من القنوات الغربية الناطقة بالعربية وبعض القنوات العربية على دعم حركة سكان برقة والتعتيم على بيانات القيادات بتلك المناطق وخاصة بيان الإمارة الاسلامية بالبيضاء وكذلك مهاجمة المحتجين للمواقع العسكرية شرقي البلاد وعمليات الاعدام الجماعي والتركيز بالمقابل على مسألة المرتزقة والقصف الجوي للمدنيين وهو ما يحتاج الى الكثير من التثبت والتحقيق في مدى صحة تلك المعلومات، ولو ان العمل ضد الطرح النظري لسلطة الشعب لا يكون الا نوعا من الردة مهما كانت أخطاء التجربة الجماهيرية وعيوب سلطة العب لأنه في كل الحالات تخرج القرارات من أسفل الى أعلى. إن دراسة موضوعية لمكونات سلطة الشعب وعيوبها التي برزت على السطح تحقق للعرب نوعا من المناعة أمام إرادة الدول الغربية التي تريد ان تفرض نظامها السياسي وتعمل على إلغاء اي بديل ديمقراطي لا يتلاءم مع الايديولوجيا الغربية حيث يشارك في الانتخابات أقل من ثلاثين في المائة من السكان البالغين خاصة والأقطار العربية تشهد هبوب رياح التغيير العميق في اتجاه فرض السلطة الشعبية وسيادة الأغلبية وهو أيضا طموح كل التونسيين ولو أن ذلك لا يتعدى النظام الجمهوري البرلماني في المستقبل المنظور وقد ذهب في اعتقاد الأغلبية ان نجاح الثورة بتونس يبرر ضرورة قيامها ونجاحها في بقية الأقطار العربية مهما كانت دوافعها وأهدافها. وذلك ليس بالضرورة على نمط واحد بل يكون حسب الظروف الداخلية بكل بلاد واستجابة لتوازن اقتصادي واجتماعي مختلف نسبيا بكل قطر عربي مع احتمالات وجود طوائف وجماعات عرقية او ثقافية مختلفة المصالح.