شهدت معتمدية الوسلاتية (القيروان) ابان الثورة الشعبية تحركات ومطالب اجتماعية كثيرة بالتوازي مع المطالب السياسية. المطالب أطرتها لجنة حماية الثورة واتحاد الشبان المعطلين الى جانب تحركات فردية موازية للمطالبة بالشغل وتحسين الظروف الاجتماعية وسحب الثقة من المسؤولين المحليين والقطع مع ممارسات النظام البائد. كما سعى عدد من المواطنين الى مقابلة والي الجهة والتقدم بمطالب التشغيل وتحسين الظروف الاجتماعية ومنح الإعاقة...وتجاوز حالات الفقر المدقع والتهميش التنموي والاجتماعي...ومناطق الظلم! وفي المقابل اكد أحد المعتمدين عدم توفر اية قدرة لدى المسؤولين أو آلية للاستجابة لمطالب المواطنين في الوقت الحالي سواء لمطالب التشغيل او تحسين الظروف الاجتماعية، فان الطرح الواجب إتباعه حاليا هو الدفع باتجاه توفير مواطن شغل بشكل مضاعف لاستيعاب الطلب المتزايد. ولعل ذلك لا يكون سوى بمضاعفة المشاريع الاستثمارية وجذب الاستثمار نحو الجهة التي رغم تمتعها بامتيازات ومنح الاستثمار لكونها منطقة ذات أولوية، فإنها لم تشهد ولادة مشاريع تنموية. ولا يتم جذب المشاريع الا بتوفير وتهيئة الأرضية اللازمة. تدعيم البنية التحتية ورغم توفر المنطقة على أراض دولية فلاحية وغير فلاحية، فانها لم تشهد ولادة منطقة صناعية قادرة على احتضان المشاريع الاستثمارية. ولعل المشروع الوحيد الذي تعرفه الجهة هو معمل النسيج الذي لم يكن يشغل سوى عدد لا يكاد يذكر من اليد العاملة. بل ان هذا المعمل وهو مشروع استثماري يتمتع بامتيازات الاستثمار، توقف فجأة عن العمل اثر تعرض المعمل (مبنيان) الى حريق اتى على ما فيهما وهدم المبنى الذي هو فضاء عمومي. ولا تزال القضية من انظار القضاء، لكن المعمل لم يعد يقدم اية خدمة او إضافة تشغيلية بل على العكس من ذلك، فان فضاء المعمل وهو على ملك البلدية تحول الى ركام غير صالح للاستغلال وظل مشوها مدخل المدينة. واذا استثنينا معمل تعليب المياه المعدنية ومعمل الرمال، وهما مشروعان يستقطبان يد عاملة محتشمة (234 عاملا على كامل المعتمدية التي تعد اكثر من 50 الف ساكن)، فان أبناء الجهة لا يجدون اية فرصة للشغل في مؤسسات صناعية ولا امل العثور عليه في ظل غياب لمشاريع استثمارية تلبي الاحتياجات. سيما مع وجود تعطيلات في تنفيذ المبادرات الشبابية وبعث مشاريع خاصة. ويرى اهل الاختصاص ان غياب منطقة صناعية مهيأة بالجهة يعرقل عملية جلب الاستثمار. وذلك رغم توفر البنية التحتية الملائمة من مقومات بيئية وفلاحية. الى جانب ضعف البنية الأساسية. حيث تحتاج شبكة الطرقات الى تطوير وتحسين. ويجب حل مشاكل نقص مياه الري. الى جانب توفير العقارات وتجاوز مشاكل تشتت الملكية وغياب المسح العقاري. وتوفير المقاسم الفنية الفلاحية للشبان من رصيد الأراضي الدولية. ومراجعة توزيع هذه المقاسم. «باريس الصغرى» مهملة ويقضي توفير الفضاءات بتهيئة منطقة صناعية وفق المعايير الدولية واسترجاع فضائي معمل النسيج وتوزيع المقاسم الفنية للأراضي الفلاحية الدولية للشبان وبعث مشاريع عمومية ذات قيمة كبرى لتكون منطلقا للاستثمارات الخاصة ويدور في فلكها عدد من المؤسسات الصغرى. كما يجب توفير الغاز الطبيعي ومختلف المرافق الأساسية المشجعة على الاستثمار وتدارك ما فات منذ عقود. ومن المؤسف أن يعيش شباب مدينة الوسلاتية العريقة التي تعد أول بلدية في القيروان والتي كانت تعتبر «باريس الصغرى» لدى المعمرين الفرنسيين والتي تعد منطقة نقاهة ومتنزها للزعماء. فهل ستسترجع المنطقة دورها الريادي اقتصاديا وسياحيا وبيئيا، وهل سيتم تدارك ما تعيشه المنطقة وأبناؤها من تهميش من قبل النظام البائد...يأملون ان لا يتواصل.