نشرت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أمس تقريرا من مراسلها في بنغازي كريس ماغريل جاء فيه ان مزاج الثوار الليبيين صار قاتماً مع تقدم قوات القذافي وتشديدها قصف المواقع التي يسيطرون عليها. وكتب ماغريل: «حين هدأ صوت إطلاق النار في بنغازي، وخرجت زينب جبريل إلى الشارع للانضمام إلى الثورة، نظرت إلى جيران ليبيا كنماذج. وقالت زينب، وهي طالبة انضمت إلى المتطوعين حول قيادة الثورة في بنغازي: «لقد نظرنا إلى تونس ومصر وظننا أن الأمر سيكون سهلا، لكنه ليس كذلك». بعد ثلاثة أسابيع من مفاجأة الليبيين لأنفسهم بالثورة على حكم معمر القذافي الذي بلغ 42 عاما، بدأ الابتهاج الأولي الناتج عن التخلص بسهولة من الدكتاتور في بنغازي يفسح المجال لفكرة مقيتة هي ان الثورة الشعبية تتحول إلى صراع عسكري طويل الأمد. ويزيد ذلك من المخاوف بشأن عواقب الهزيمة، بينما تستخدم قوات القذافي الدبابات والمدفعية لتدمير سيطرة الثوار على مدينة الزاوية قرب طرابلس، وإعاقة تقدم الثوار من بنغازي على بعد مئات الأميال من العاصمة الليبية. ويساهم القلق من الوضع العسكري غير المستقر في حالة من الإحباط في بنغازي بسبب غياب قيادة مرئية يمكن ان تحدد اتجاه الثورة وتمسك بزمام الأمور في مدينة يساهم فيها الشبان الذين يحملون السلاح في إيجاد جو من اختلال الأمن بإطلاقهم النار بشكل عشوائي خلال الليل. يوم أول أمس الأربعاء، قصفت قوات القذافي الخطوط الامامية للثوار في الشرق قرب راس لانوف. وبعد ساعات من تبادل إطلاق النار بين الطرفين والغارات من جانب قوات القذافي الجوية، أصيبت خزانات النفط في منطقة السدرة القريبة، مما أدى إلى وقوع انفجار كبير، مرسلا أعمدة من الدخان إلى الجو، بينما احترق الوقود طوال اليوم. وتتزايد المخاوف من أنه إذا ربح القذافي المعركة في الزاوية، فإنه سيعيد توجيه غالبية دباباته ومدرعاته لاستخدامها ضد الثوار في الشرق. ووقع البعض في بنغازي في حالة من التشاؤم. وتقول زينب جبريل، التي اعتُقل والداها في سجون القذافي لسنوات بسبب معارضة نظامه، إن الإثارة بسبب فكرة سقوط الدكتاتور قد تراجعت امام ادراك أنها قد تضطر إلى مغادرة البلاد. وأضافت: «إذا انتصر، فإننا سنموت، سوف يقتلنا. ولا يقارن ما فعله في السابق بما قد يفعله الآن. سيموت كل الناس في شرق البلاد. سأهرب، مازلت شابة ويجب ان اعيش». وقوبل الخوف من الهزيمة بإصرار آخرين على الاستمرار في القتال. وقال طاهر سالم، وهو ثائر من بنغازي: «إما نحن أو هو، من خلال دعم الثورة قمنا بالتوقيع على شهادات وفاتنا، لذلك لا نملك خيارا سوى القتال حتى ينتهي الامر». كون هذا قد أصبح امراً يحتمل حصوله أدى إلى توجيه زينب، شأنها شأن شباب آخرين في ليبيا، مقداراً من إحباطها نحو مجلس الثورة شبه الخفي الذي شكل لإدارة المناطق الليبية. وقالت: «يتصرف الأشخاص في اللجنة كما لو كانوا مسؤولين، لكنهم ليسوا كذلك. نحن نعلم عما يحدث أكثر منهم». لكن إيمان بوقيقس، وهي عضو في الإدارة الثورية، تعترف بأنه مع تصاعد الحرب، تتضاءل إمكانية حدوث انتفاضة شعبية في طرابلس للإطاحة بالقذافي. وقالت: «هل الناس في طربلس يريدونه؟ لا، هذا أمر صعب بالنسبة إليهم. الناس خائفون». وأضافت: «نحن نعلم أننا نواجه تحديا كبيرا جدا. ولا أنكر ذلك. نحن لسنا منظمين. ومقاتلونا ليسوا مدربين. ومن الصعب إيجاد شخص يمتلك صلاحية من الشعب. هذا لا يكفي، لكن لم يمض على الثورة سوى ثلاثة أسابيع». وعلى أي حال، تقول بوقيقس: «لا مجال للفشل مطلقا. وعندما تشاهد ما حدث هنا، فكيف لأي شخص أن يظن أننا سنفشل؟ بدأنا من لا شيء. وخلال ثلاثة أسابيع حققنا كل هذا. لا أقول إننا لن ندفع ثمنا باهظا جدا من دماء شبابنا. وهذا هو السبب في ضرورة حدوث تدخل دولي». وأضافت: «الشباب لا يريدون تدخلا عسكريا. وقد أخذ المجلس الثوري ذلك في الاعتبار. وكعرب، كان تاريخنا صعباً جداً في تحمل التدخل العسكري الأجنبي. الناس ينظرون إلى ذلك على أنه غزو. ولذلك نريد منطقة حظر للطيران وغارات جوية على القذافي تحت راية الأممالمتحدة». وقالت بوقيقس: «ناشدنا الشباب أن لا يذهبوا للقتال لأن ذلك قد يكون مؤامرة من القذافي لإفراغ بنغازي من الشباب. ليس لديهم خبرة قتالية. وقد طالبناهم بالعودة. ونحن لا نعلم كم سيستغرق القتال لكن لا خيار أمامننا سوى الاستمرار. نحن مصممون على الانتصار. أنا لا أريد أن أموت إلا إذا كان ذلك هو ثمن النصر».