تباينت أمس المواقف الدولية من مسألة فرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين من القصف الجوي الذي تتعرض له العديد من المدن المعارضة لنظام القذافي، وفي الوقت الذي أعربت فيه بريطانيا وأمريكا وحلف شمال الأطلسي عن استعدادهم لتنفيذ اي قرار يصدر عن مجلس الامن في هذا الاطار اعتبرت روسيا ان أي تدخل عسكري أجنبي في المنطقة قد يؤدي الى اشتعالها بالكامل وأن القرار يظل بيد الليبيين ودول الجوار الليبي. وفي هذا الاطار قالت وزارة الدفاع البريطانية إن مسألة فرض حظر جوي فوق ليبيا لا تستدعي شن غارات وقائية ضد الدفاعات الجوية الليبية الموالية للقذافي. حظر خلال يومين وأشار وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أمس قبيل اجتماع لوزراء دفاع حلف شمال الاطلسي في بروكسيل الى وجود «بدائل للغارات الوقائية». وأضاف فوكس قائلا: «هذا خيار عسكري واحد... لكن هناك خيارات أخرى استخدمناها في السابق». ومن جانبه أعلن ريموند أوديرنو القائد العام لقوات القيادة الأمريكية المشتركة أن الجيش الأمريكي قادر على فرض منطقة حظر جوي على ليبيا في غضون يومين اذا ما اتفق مجلس الامن الدولي على ان هناك حاجة لمثل هذا الاجراء. وأضاف قائلا ان ادخال الدبابات والأسلحة الثقيلة المضادة للطائرات الى ليبيا لتسليح الثوار سيكون أكثر تعقيدا من تنفيذ قرار فرض حظر جوي، مشيرا الى ان بلاده غير مستعدة بعد لاتخاذ مثل هذه القرارات. وفي الاتجاه ذاته أكد حلف «الناتو» أمس استعداده لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا لكنه لم يتخذ قرار البدء بالعمليات بعد. وأعلن الأمين العام للحلف اندرس فوغ راسموسن ان «الناتو» كلف الخبراء العسكريين بوضع كافة الخطط والجاهزية لكافة الاحتمالات، مشيرا الى ان الحلف «لا يسعى الى التدخل في ليبيا... لكن علينا الاستعداد لتقديم المساعدة في وقت قصير اذا ما طلب الينا ذلك»، على حد قوله. وقال راسموسن «يوجد خطر يتمثل في انقسام البلاد وخطر رؤية دولة فاشلة في المستقبل يمكن ان تصبح أرض تفريخ للإرهاب والتطرف ولذلك فمن الواضح أن هذه المسألة تثير القلق». معارضة روسية.. بشرط وفي الاطار ذاته أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس ان قيادة بلاده ترى ان من الضروري اجراء دراسة دقيقة لمسألة حظر الطيران فوق ليبيا باستخدام القوة العسكرية، وذلك قبل اتخاذ أية قرارات حازمة. وأوضح لافروف ان موسكو تود ان تتوفر لديها معلومات موثوق بها وواردة من مصادر مستقلة وموضوعية. وأضاف قائلا: «... تتعالى أصوات تطالب بإعلان الأجواء فوق ليبيا منطقة محظورة للطيران. وكان مجلس الامن قد أعلن في الماضي مناطق كهذه. وقد توفرت لدينا خبرات متعلقة بإدارة مثل هذه المناطق والسيطرة عليها من قبل مجلس الامن الدولي... سندرس اقتراحات في حال ورودها الى مجلس الامن الدولي انطلاقا من الخبرة المتوفرة». وتابع: «سيحتاج ذلك الى المزيد من المعلومات عن تطبيق تلك الاقتراحات في الواقع وما هي الدول التي ستبادر الى ضمان نظام حظر الطيران وما هي الوسائل التي ستستخدم وما هي القواعد والقوانين التي ستطبق، علما ان سلامة المدنيين يجب ان تؤمن الى حد كبير». وأعلن الوزير الروسي ان التدخل العسكري في الشؤون الداخلية للبلدان الافريقية والدول الواقعة في القارات الاخرى يعتبر أمرا غير مسموح به. وأوضح أن «أية تحركات غير حذرة تعتمد على وصفات خارجية استخدمت في أنحاء أخرى من العالم قد تزرع مشاكل جادة تعرف فيها الدول الافريقية نفسها فيما بعد». وفي الاتجاه ذاته أصدر الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف أمس مرسوما بفرض عقوبات ضد ليبيا عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1970، ويحظر المرسوم بيع الاسلحة او مرورها عبر الأراضي الروسية الى ليبيا. ويحترم المرسوم كذلك تقديم أي خدمات فنية او مساعدات مالية ذات صلة «بالنشاط الحربي في ليبيا». ومن جانبها اعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن أي تحرك أحادي ضد ليبيا قد تكون له «عواقب لا يمكن توقعها». كما أعربت كلينتون عن قلق واشنطن من أسلحة القذافي الكيمياوية، مؤكدة تجميد الولاياتالمتحدة لعلاقاتها مع السفارة الليبية لديها.