مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية بقيمة 3 مليون دينار (الديوانة)    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    أغرب عملية سرقة: سارق رقد في عوض يهرب!    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخليدا لاسم عميدها: دار الأنوار تحدث جائزة صلاح الدين العامري للثقافة والعلوم
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

ما أشدّ قسوة غيابك، يا أغلى النّاس، وما أمرّها، وأنت الذي كنت تملأ الدّنيا حبّا ودفئا وفرحا وعطاء.
كنت إكسير الحياة لنا، تدفعنا إلى الأمام بطموح وثبات لغد مليء بالنّجاح والأمل.
مرّت سنتان على رحيلك يا أعزّ النّاس.. كأنها البارحة.. فالعقل رافض تصديق نهايتك الموجعة، وأنت في أوج العطاء، والقلب يصارع هذه الحقيقة، ضاربا بالأدلة.. نابضا بحبّ عميق لا يموت.
كم هي موحشة وثقيلة هذه السنة الثانية..
سنة أخرى وأنت غائب.. أتجرّع هذه الحقيقة بألم داء دون دواء، وبمرارة فراق لا أمل منه وبحزن سرى واكتسح أعماقي وتغلغل في وجداني، يواسيني تارة، ويبكي معي تارة أخرى.
ستظلّ روحك الطّاهرة ترفرف في سمائنا، وسأظلّ أبحث عنك في كل ركن وحين.
ستبقى دائما في قلوبنا.. ولن تمحي صورتك من ذاكرتنا مهما طال الزمن..وسيبقى طيفك ينبض بالحياة معي، مادامت الحياة حاجزا بيننا.
أرملتك : أم اسماعيل
-------------------------
من يقول أنك غائب؟
من الناس من ينقطع أثره وينتهي ذكره بموته... ومن الناس من يترك أثرا يخلده على مرّ الأجيال... ويجعله حاضرا فكرا وسلوكاومنظومة قيم وان كان غائبا جسدا...
سي صلاح.. وأنت الرجل المؤمن، الذي عاش حياته مليئا بالايمان... صلبا في حب الله وبحبه، راضيا بمشيئته، لكأنك كنت تدرك وأنت تضع الحجر الأول في أساس «دار الأنوار» أنك تضع قدمك في التاريخ وتؤسس لحياة أخرى لا موت فيها ولا فناء... بل تجدد وبقاء وعنفوان على مرّ الأعوام... لكأنك وأنت تخطف قبسا من نور العلم ومن ألق صاحبة الجلالة لتزرعه في رحم ذلك الحلم الجبار الجميل كنت تدرك أنه سيولد كبيرا مضيئا منيرا باسمه : دار الأنوار وبالفعل فقد صدقت الرؤيا وقبضت على الحلم لتخصبه على أرض الواقع فيتحول مدرسة ومنهجا وعنوانا : مدرسة للعمل والتفاني ومنهجا في حب صاحبة الجلالة والاخلاص لها وعنوانا للإيمان بالوطن والأمة وللانحياز الصادق الجميل للأول والثاني، وما هي إلا سنوات معدودات حتى كبرت شجرة الخير وطرحت ثمراتها عناوين تدافعت لتدعم الحلم ولتخصب المشهد الإعلامي الوطني بعناوين ولدت كبيرة وبأقلام نهلت من نبع منهجك الصافي...
لذلك تبقى معنا يا أبا اسماعيل روحا وعقلا وفكرا ومنهجا وإن غيّب الموت جسدك... وتبقى ساكنا في ثنايا الدار وفي مهجة ووجدان أبنائك... تبقى نبراسا يهدينا لإعلاء الراية... راية «دار الأنوار» التي ولدت لتضيء ولتشع ولتملأ تونس والوطن العربي صدقا وجرأة وحقيقة... فمن قال انك رحلت ومن يقول انك غائب؟...
عبد الحميد الرياحي
-------------------------
موعد النسيان!
لست من عاشقي الذكريات، الوردية منها او السوداء. فالايام دول والدّهر غدّار!
وكلّما فقدت قريبا او حبيبا طويته في حزني، ولملمته في احشاء النسيان. أما في حالة العميد الراحل، فإن الامر اختلف. فها هي صورته التي تكاد تنطق والتي توشّح بهو الجريدة تصرّ على لقائك يوميا، وها هو طيفه الذي لا يغيب يحثّك في كل لحظة على تحمّل مسؤوليته ومواصلة، ليس اشعاع انجازه الكبير «دار الانوار»، بل ريادته ايضا. ذلك ان صاحب هذه الدار لم يكن من عشاق الصحافة لوحدها، بل ومن المتيمين بالمرتبة الاولى!
وهنا يكمن سر نجاحه، وتختفي كيمياء هذا العملاق الذي تركه ثم رحل ربّما قبل الاوان!
وتلك هي حياة صلاح الدين العامري ، محطات من تراجيديا متواصلة كان يسخر منها ويتندّر بها، كلّما اشتدت عواصفها وعوت رياح سمومها.
كان لا يأبه للمصاعب، ويحبّ صعود الجبال، ويعشق أكثر المغامرات خطورة. وكلّما خاض معركة، وحيدا كعادته، خرج منها منتصرا، وطوّعها وهي التي تريد تطويعه وكبح جماحه. وكلّما زيّنت له احلامه ما كان يبدو كالمستحيل، أنجز حلمه، وحقّق غايته بدون ان يغترّ او يرضى. وهنا ايضا يكمن سر ريادته.
وكان رجلا واسع الاطلاع، عاشقا للفن والفلسفة والثقافة، ميّالا الى الافكار، لكنّه كان أيضا مطّلعا على الواقع كما هو، قارئا له كما يراه، متفاعلا معه مهما اشتدت عقده. فنجح زمن كان النجاح شحيحا، وأقام صرحا وقت كان البقية يتدحرجون، وبلغ القمّة وهو في صعوده لا يرى غير المتهاوين!
قصّة نجاح غير عادية لرجل غير عادي، تلك هي خلاصة حياته، التي قضّاها مع الحبر والورق و»أزيز» المطابع ومغالبة الدهر مع سراب احلامه التي حقّقها كلّها، وأوهام نفسه التي جعل منها حقيقة، ثم تركها بشجاعة لا توصف وهو يقابل الموت ويسافر متعبا الى امر لطالما سكن فضوله، ولطالما حدّثني عنه، عندما تحتاج نفسه الى الصفاء، وتتملكّه حالة زهد غريبة من الدنيا كلّها. وهذا حديث يطول.
صلاح الدين العامري، موعد مع النسيان... لا يأتي!
عبد الرؤوف المقدمي
-------------------------
إلى روح سي صلاح: أنت دوما بيننا... فكرة ومنهجا...
الانسان الذي ينتقل الى جوار ربّه، لا يعدّ عمره بحساب اليوميات إنّما بما تركه خلفه من سيرة وقيم... وأنت، سي صلاح، تركت الفكرة والمنهج وتركت جيلا من الصحفيين أقرنوا اسم الدار التي أسّست بالمهنية وبميثاق شرف المهنة، الذي طالما اكّدت على حضوره في ذهن كل صحفي تعامل معك في يوم من الأيام...
تركت من الافكار ومن أسلوب التعاطي الاعلامي التوّاق الى الحقيقة، ما بدا لنا نبراسا زاوجناه مع التحصيل العلمي والاكاديمي الذي نلنا فإذا بأفكارك وما تعلّمنا في توافق تام مع هذا الزاد المعرفي البسيط.
ليس لاحد منا ان ينسى اسلوبك في التعاطي المهني وفي التوق الى الحقيقة، لأنك أحببت القارئ واحترمته ودعوتنا دوما الى وضع القارئ نصب أعيننا كلّما خططنا حرفا، «فالصحفي الذي يستهين بالقارئ او يتعالى عليه معرفة ومعلومات واسلوب تحليل، هو الصحفي الذي لا يفقه شيئا في بسيكولوجيا الجماعة»، فالقارئ بالنسبة لك سي صلاح هو الرصيد وهو الوحيد القادر على جعل الصحفي صحفيا... وذلك حين يقرأ ويقارن ويرصد ويحاسب...
لقد كنت متشددا مع نفسك اكثر من تشدّدك معنا، فكنت لنا مثالا نقتدي به، حتى لا يحترق الواحد منا تحت نيران «الأنا» و»شاكر نفسه» الذي طالما استهزأت ممن يأتي بهذه الفعلة فتتمّم المقولة بجملة: ... «مرّ من هنا».
كانت امثلتك في اجتماع التحرير شواهد، بقيت منقوشة في الذاكرة الى اليوم، تلهمنا في المصاعب وتنير سبيل عملنا الصحفي في الاوقات المفصليّة... في مثل هذا اليوم من السنة الفارطة، كنت قد كتبت لك في الذكرى الاولى جزءا من المعاناة التي اعفاك منها الله، ذلك أنك لم تكن لتحتمل وقع سقوط بغداد على أيدي المغول الجدد... كنت ستثور غضبا على حال الأمّة وهي ترى عاصمة الرشيد تهوي... لكن في لحظة ما كنت متأكّدة بأن ذاك النور من الامل الذي تحمله بين جنباتك في أحلك الفترات، سيدفعك الى التنبؤ بأن شعب العراق لن يذعن كما تنبأت من قبل بأن شعب مصر لن يرضى بالهزيمة...
رحمك الله سي صلاح، لكن كم كنت حاضرا والمقاومة العراقية تزعزع العروش وتكتب ملحمة العراق الجديد... ملحمة «قلقامش» بعد ان كانت تصلنا اسطورة...
المخططات المشبوهة التي تغزو المنطقة، ها هي تتكسّر على صخور المقاومة من فلسطين الى العراق، معلنة قبر كل المشاريع المشبوهة مثلما تم قبر «حلف بغداد» في الخمسينات وما شابهه.
كم كنت حاضرا في كل هذه المتغيرات التي تبث فينا روح الأمل.
هي نفسها التي كنت تلتقطها من رحم العتمة والظلام لتثبت لنا ان أمّة كهذه لن تموت وأنها ك «العنقاء» تخرج من الرماد كلما حرقها الاعداء...
هذا ما يمكن ان يعدّ لانسان، غادرنا الى الابد، هو ذاك الفكر وتلك البصيرة التي تهوّن الشدائد وتعلي من شأن الآمال.
فاطمة بن عبد الله الكرّاي
-------------------------
مازال بيننا...
لا يموت الانسان فعلا الا عندما ينساه أحبابه... ولذلك يضرب الموجوعون بفقدان عزيز موعدا مع ذكرى وفاته للتذكّر والتذكير عسى ان تطمئن روحه المرفرفة الى أنه مازال حيا في القلوب وأن مكانه لا يمكن ان يملأه أحد... لأن الرجل حديث من بعده...
غير أن فقيدنا الاستاذ صلاح لا يخضع لمقاييس الذكرى السنوية لأنه حاضر في أحاديثنا كلما التقينا... فهو مؤسس هذه الدار المعمورة وهو بالاساس صحفي لامع وكانت له كتابات ومواقف... حتى عندما سلم المشعل لتلاميذه واعاد قلمه الى غمده حزن قراؤه... ولذلك كله فإننا نتذكره في كل لقاء ونتصور مواقفة الآن وهنا... ماذا تراه كان سيقول في ما يحدث في العالم الآن... هل غادره سي صلاح في الوقت المناسب وهو الذي كانت دقات قلبه معدّلة على نبض الاحداث... وهو الذي كان يألمُ لأي مكروه يحدث للأمة...
في الاسابيع الاخيرة حضر سي صلاح في ذهني بشكل مكثف والسبب هو حسنين هيكل... كلما أطل على شاشة «الجزيرة» يحضرني سي صلاح... صحيح ان الفقيد كان معجبا به كثيرا وقد التقاه كلما زار القاهرة ولكن هذا لا يكفي... لقد لمست تشابها في طريقة السرد وربط الاحداث المتباعدة ليجعلها متسلسلة في عقد واحد كما لاحظت اعتماد التحليل الاستراتيجي مع «كهربة» الذاكرة لأن داءنا النسيان ولذلك نعيد الاخطاء... حتى الحركات وملامح الوجه ذكرتني بالفقيد... إنها ملامح جيل يحمل هم أمّة وتقاسيم وجدان تشبع بالثقافة ونهل من كل الينابيع وهمّهم تحريك السواكن وتشغيل العقول النائمة واستفزاز الهمم... هذا الجيل ترك بصمته وأحاط رسالة الاعلام بهالة قدسية هي للاسف في طريق الترهل ليس في العالم العربي وحده وانما في العالم بأسره...
لا يموت الانسان فعلا الا عندما ينساه احبابه... ولكن كيف ينسى من يحملون المشعل من بعده الرجل الذي لم يعلّمهم الحرف ولكنه علمهم الحرفية... كان قنّاص الاقلام الجيّدة ولم يكن يفرق بين القيمية الاخلاقية والقيمية المهنية... فالصحفي في نظره مهنية وسلوك وقيم... وإذا علمنا ان الحدس هو قمّة الذكاء الحاد ندرك كيف نجح سي صلاح في تحويل فكرة «طائشة» الى مؤسسة عتيدة... ولو رفرفت روح سي صلاح هذه الايام فوق هذه الدار فإنه حتما سيكون سعيدا لأنه ترك الامانة بين اياد أمينة تعترف بجميل المعلّم وتفي بوعدها في مزيد رفع هذا الصرح الكبير...
جمال الدين الكرماوي
-------------------------
عمر واحد بعمر أجيال!
«يطوي العبقري في خلال عمر واحد اعمار اجيال سبقته، وأجيال رافقته، وأجيال تأتي بعده، فيموت ليحيا، ويحيا غيره ليموت.
ويحيا العبقري في قلوب الاجيال لأنه يعطي آلامها الخرساء ألسنة من نار، ويمدّ آمالها المقعدة باجنحة من نور». وصلاح الدين العامري كان هذا العبقري الذي ابدع في تعريفه الكاتب الخالد ميخائيل نعيمة.
أعوام قليلة هي تلك الفسحة التي اتاحتها الاقدار «لسي صلاح» ليؤسس ما أسسه، لكنه بنى صرحا مازالت تغترف من معينه عقولنا وتكتحل باكسيره ارواحنا، فنرى بعينيه الثاقبتين ونتحسس طريقنا ببصره وبصيرته... لقد كان الاب والاستاذ و»العرف» والصديق... علمتنا صلابته كيف نتسلّح لشق غمار زمن ليس ككل الازمان، ولقّننا حنوّه كيف لا نفقد العواطف الجميلة حتى زمن العواصف الغاضبة.
«سي صلاح»... لقد ارتحلت من هذه الفانية وبين شقي قلمك أفكار وخواطر شاسعة كالمدى اللامتناهي... ولعل ابناءك الذين انجبتهم من صلب عبقريتك اجتهدوا في تحقيق بعضها... فكم كنت حاضرا بغيابك... وكم كان غيابك قاسيا عندما نبحث عن ذلك الحل الاخير، وتلك اللمسة التي تصنع الفارق!
اننا اليوم نفتقدك اكثر من اي وقت مضى، لكننا نراك صباح كل يوم مع اشراقة «الشروق» التي مازالت تتوقد بما تحمله من عمق وما تزخر به من معاني الابداع والحرية والوعي بقضايا الناس والأمة.
ذلك عزاؤنا أيها «الغائب الحاضر»... عزاؤنا في أن المشوار لم يتوقف وأن الذي بنيته مازال شامخا كالصرح بفضل الذين صقلتهم ونفثت في أرواحهم قبس عبقريتك... بفضل الذين أحببتهم وظلّوا لك أوفياء.
ذلك عزاؤنا... وعزاؤنا الكبير اننا مازلنا نرى ابتسامتك على وجه «العامري الصغير»... نرى ولعك «بصاحبة الجلالة» بين يديه الصغيرتين وهو يمسك بالجريدة ويفككها ليعيد ترتيبها... نراه ونراك من كل النوافذ التي يخرقها نورك... ذلك عزاؤنا... لكن داخل أفئدتنا مازالت تنحبس نبضة الشوق وتتردد رنّة الحنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.