بعد مضي عشرة أيام على بدء عملية «فجر أوديسا» التي يقودها تحالف غربي على ليبيا لا أحد فهم طبيعة المهمة ولا يوجد اي طرف حتى من أولئك الذين أجازوا تلك العملية راض عن أداء قوات التحالف وعن النتائج التي تم التوصل اليها الى حد الآن. ولكن الموقف الأشد إثارة داخل هذا المشهد هو بلا شك الموقف الروسي، فعلى امتداد الأيام الماضية لم تكفّ موسكو عن انتقاد الغرب وأدائه العسكري في ليبيا. آخر هذه الانتقادات صدرت أمس عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أبدى قلقه من الأهداف النهائية للضربات الجوية وأبدى اعتراضا على تدخل التحالف في ما سماه «حربا أهلية» في ليبيا على قاعدة أن هذا التدخل يخرج عن نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973 الذي يهدف بالأساس الى «حماية المدنيين». ولا ندري في هذا الباب ان كان علينا ان نشكر للوزير الروسي حرصه على إيلاء سلامة المدنيين الليبيين الأولوية المطلقة وعلى التنفيذ الحرفي لنصّ القرار الأممي ام نلومه على الخطإ الذي ارتكبته بلاده حين امتنعت عن التصويت على القرار 1973، وهي التي كانت قادرة ان استخدمت حقها في «الفيتو» على تغيير مسار التحرّك الدولي للتعاطي مع المسألة الليبية أو ربما تغيير المعركة على الارض. والأكيد ان روسيا «حسبتها» جيّدا حين قررت الامتناع عن التصويت ووضعت مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية في الميزان وعليها تبعا لذلك ان تتحمل مسؤولية قرارها وألا تنساق الى بدعة اللوم بعد ان قضي الأمر وحصل ما كان ينبغي الا يحصل ووقع المحظور تحت غطاء «فرض منطقة للخطر الجوي». وعلى روسيا ألا يكرر خطأ الجامعة العربية التي كانت سبّاقة الى دعم التحرّك الدولي في هذا الاتجاه ثم هالها سقوط عشرات المدنيين منذ اليوم الأول للقصف فصاحت بعد فوات الأوان «ما هكذا كان الاتفاق... يا أهل الغدر والنفاق»!