كلنا نتكلم باسم الشعب.. وهو لا يعلم.. لماذا؟؟ موضوع الساعة الذي يستقطب اهتمام الجميع هو اقرار القانون الانتخابي الذي بقدر ما رحب به السياسيون الذين اعتبروه منطقيا وترجمة حقيقية لمطلب شعبي فضلا عن حماية الثورة ومبادئها فإن البعض الآخر اعتبره اقصاء للتجمعيين ومؤامرة على سيادة الشعب لتتضح حقيقة اعتماد كل طرف التكلم باسم الشعب والحال أن هذا الشعب لم تتم استشارته في أي شيء ولم يتم الالتقاء إلا ببعضه القليل.. والقليل جدا وذلك من خلال بعض الاجتماعات لبعض الأحزاب التي لم تزر كل الجهات ولم يسمح لها الوقت بذلك.. ودون خوض المسألة من كل جوانبها والسياسية منها خاصة نعتقد أن الظرف دقيق وحسّاس جدا.. جدا والشعب وبقدر ما يضع ثقته في البعض فإنه يتحفظ على البعض الآخر ولكن هل نحن ديمقراطيون ومستعدون فعلا لانتخابات حرة أم أننا سنظل على نفس الحال وعلى نفس الوتيرة نردّد وباسم الشعب ما نريده وما قد يريده وما قد لا يريده الشعب وكل منا يؤمن بالثورة ويراها حسب خلفياته التي قد تختلف مع الآخر دون البحث عما يجب البحث عنه. بين الحقوق.. والعقوق؟ ظاهرة ارتكاب الجرائم في حق المواطنين والممتلكات التي أفرزت إلقاء القبض أكثر من (11) ألف منحرف تبدو غريبة ومن السلبيات التي اعتمدها أعداء الثورة لمحاولة تلطيخ الحركة الحضارية الثورية ضد الفساد والاستبداد.. غير أن العدد مفزع وكبير جدا.. ومرشح أيضا ليكون أكبر خاصة بعد فرار قرابة (4000) سجين.. وبالتالي لا بد من إعادة الأمن والاستقرار والطمأنينة الى نفوس المواطنين وذلك بالصرامة التي تحترم في المقابل حقوق الانسان ولا بالأساليب التي تترجم العقوق.. باعتبار أن الفرق واضح بين الحقوق والعقوق. القصف بالقنابل.. حقيقة أخرى ولكن؟ حسب لجنة تقصّي الحقائق حول التجاوزات تبين أن الرئيس الفار ورمز الفساد والاضطهاد كان قبل 14 جانفي قد أمر بقصف حي الزهور بالقصرين بالقنابل!!؟ وكأن هذا الحي والمواطنين الأبرياء والعزل الذي يسكنون فيه لا ينتمون الى تونس أو بالأحرى يستحقون مثل هذا الأمر الجائر والاجرامي الخطير والحال أن أبناء القصرين كانوا قد قاوموا المستعمر الفرنسي قبل 1956 وناضلوا من أجل استقلال البلاد ليجدون في آخر المطاف من يأمر بقصفهم بالقنابل في عهد قيل إنّه «استقلال» رغم أن أبناء القصرين تعرضوا لكل أشكال المظالم والاستغلال في مختلف العهود.. وبعدها نتحدث عن التوازن الجهوي والمساواة والديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات والزبانية والأزلام يصفقون ويناشدون.. وقد تتوضح حقائق أخرى بعد حقيقة الأمر بالقصف التي تذكرنا بأمر قصف مدينة قفصة بعد دخول مجموعة 27 جانفي 1980.. لتبقى الحلول عند الطغاة هي القصف بالقنابل لكل من يحتج وخاصة في الجهات الفقيرة التي قد يعتبرونها خارج خريطة البلاد التونسية؟؟!! «الحرقان».. لماذا؟ «الحرقان» ظاهرة قديمة تتجدّد وخاصة في فترات الأزمات حيث بقدر ما تكثر قبلها عمليات النهب و«البراكاجات» من أجل الحصول على مبالغ «الحرقة»، فإنها تبقى مقابل ذلك عملية انتحارية مجهولة العواقب خاصة لما نعلم ومن حين الى آخر بأخبار الذين يبتلعهم البحر وتأكلهم الحيتان.. ولكن لسائل أن يسأل لماذا يفضل بعضهم «الحرقان» والحال أنه يعلم علم اليقين أن المصير غامض وذلك حتى عند الوصول سالما الى «لامبادوزا» أو غيرها؟ وهل عبّر عن الثورة أم لأكل الخبز بعد فقدان الأمل في وطنه الذي أصبح متلبّدا وبشكل كبير بالبطالة والفقر المدقع؟ أم أنها موضة العصر وشبابنا مغامر؟ هي ظاهرة تستحق التحقيق والتدقيق وبشكل عقلاني وعلمي بعيدا عن التنظير والتدمير والتحقير.