بين التفاؤل والخوف من المجهول؟؟ لا يختلف عاقلان أن الثورة التونسية التي شهد بنموذجيتها كل العالم مازالت وبعد ثلاثة أشهر متأرجحة بين الانشراح والافتخار بما تحقّق من إطاحة للطاغية وعصابته وأزلامه والاعلان عن فاتحة عهد الحريات والديمقراطية وأيضا الخوف من المجهول باعتبار أن جيوب الردة وقوى الجذب الى الوراء مازالو ينشطون والمنافقين السياسيين الراكبين على صهوة الثورة يجعجعون والأحقاد بدأت تنتشر وتصفية الحسابات تفرّخ يوما بعد آخر مقابل لهث الكثيرين من أجل الكراسي في ظل الصراعات الخفية وحتى العلنية بين الأمن والقضاء وادعاء أطراف أخرى امتلاكهم للحقيقة فضلا عن الخوف من امكانية صعود ديكتاتورية أخرى قد تكون جائرة أيضا وقد يكون التراشق بالتهم وأيضا بالاعتداءات على كل شيء في البلاد سيمة من سيم الصراعات التي تجعل المواطن متخوفا من المستقبل خاصة أن الثورة الخالدة والمجيدة وجدت ثورة مضادة وأفرزت أعداءها منذ الأشهر الثلاثة الأولى ليبقى التفاؤل واردا ومن المفروض أن يترسخ في العقول والأذهان ولكن مقابله يبقى أيضا الخوف من المجهول منتصبا والحال أننا لا نريد العودة الى الوراء ولا نريد لتونس غير التطور والاستفادة من الثورة بما يرتقي بها وبالشعب وبالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي؟؟! التلويح بالاعتصام؟ لرجل الأمن دوره الهام في عودة الاستقرار والقطع مع الفوضى وبالتالي نشر وبث الطمأنينة في نفوس المواطنين غير أن رجل الأمن هذا الذي ولا شك أنه ومثل غيره من أبناء القطاعات الأخرى أخطأ وأصاب مثله مثل القاضي والاعلامي والمحامي والمدرّس والموظف والعون والتاجر والفلاح وغيره، يرى أن قطاعه يتعرض الى حملة تشهيريّة ضده ولذلك فإنه وبقدر ما يستنكر ذلك يلوّح باعتصام احتجاجي ليوم الثلاثاء المقبل مقابل تأكيده على المطالبة بعدم التسامح مع من خان الوطن وغرس بذور الفتن وقمع وعذّب وارتكب الجرائم ضدّ البلاد والعباد ومن أي قطاع كان. هل يكفي التشهير؟ صرّح توفيق بودربالة رئيس لجنة تقصي الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات بأن كل مسؤول يرفض المساءلة يتم التشهير به.. ولكن هل يكفي التشهير.. أم أن خطوات أخرى ناجعة وفاعلة ستتم ضد الرافضين الذين ندرك جميعا أنهم مورطون باعتبار أن البريء والنظيف والشفاف لا يخشى المساءلة ولا حتى المحاكمة... أما المورط وحده هو الذي يتهرب حتى من مجرّد الاشارة إليه ببنان الاصبع ولو بخطإ إشارة وبالتالي لا بدّ من المساءلة ثم المساءلة في انتظار ثبوت الادانة التي لا شك أنها ستشمل الكثيرين وفي مختلف الوزارات والمؤسسات والادارات. كلام الليل؟؟ بعض أعضاء الحكومة المؤقتة يرحبون بكل المقترحات ويتقبلون الشكاوى والتقارير وذلك بأسلوب حضاري وجميل جدا ولكن المسألة تتوقف عند ذاك الحدّ دون تفعيل.. وهو ما جعل البعض من المواطنين يردّدون المثل الشعبي الذي يقول: «الفم ما يقول لا.. والحاجة ما تتقضى» وأيضا «كلام الليل مدهون بالزبدة» أي أنه سرعان ما يذوب وخاصة كلما اتسمت الأجواء بالحرارة؟؟!! خطى سلحفاتية.. أم تريّث؟ لمن لا يعلم، فإنه والى حدّ الآن تقدمت إلى وزارة الداخلية أكثر من (175) مطالب تكوين حزب بما في ذلك المعترف بها غير أن أغلب الأحزاب مازالت غارقة في سباتها العميق وكأن أصحابها كانوا يمنون النفس بالحصول على وصولاتهم الحزبية فقط ولما حصلوا على ذلك صمتوا وانتشوا وربما انطلقوا بصفة فعلية في عمليات التكوين لأحزابهم.. ولكن هل بمثل هذه الخطوات السلحفاتية يكون العمل وخاصة في مثل هذه الفترة الحساسة والدقيقة والانتقالية أم أن التريّث والرصانة والنفس الطويل هي مفاتيح العمل المستقبلي؟؟