تبحث حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن مأوى للعقيد معمر القذافي خارج ليبيا في حال إرغامه على مغادرة البلاد. ورجحت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن مصادر مطلعة أن تكون الدولة المرشحة لاقامة القذافي دولة افريقية، فيما أشارت معظم التقارير الاستخبارية حتى الآن إلى عدم بروز شخصية من أوساط المعارضة الليبية ذات صدقية لتخلف العقيد القذافي في السلطة. وقالت الصحيفة إن الجهود التى تقودها الولاياتالمتحدة مع حلفائها لترتيب هذه العملية تمضى بصمت وهدوء رغم كل الصخب الذي يثيره العقيد معمر القذافي في الأونة الأخيرة وحرصه على الظهور علانية في شوارع طرابلس في محاولة للايحاء بأنه قادر على التحدي. واضافت الصحيفة ان من بين المصاعب التى تعتري هذه العملية مسألة ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للقذافىيبسبب ما تدعيه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون من جرائم ارتكبت منذ اندلاع حركة الاحتجاج المسلحة في ليبيا، ومع ذلك فانه بالوسع تفادي هذه الاشكالية، حيث نقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين قولهم إن واشنطن وحلفاءها يسعون إلى تقديم حافز للقذافي للموافقة على التنحي وذلك بأن يتم اختيار دولة افريقية لإيوائه من غير الموقعين على الاتفاقية المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي يحاكم أمامها من يتهم بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وقالت الصحيفة إن ابعاد العقيد الليبى لملاذ بعيد في احدى الدول الافريقية سيكون بمثابة الترجمة الفعلية لما اعلنه أوباما عن ضرورة خروج معمر القذافي من ليبيا ولكن دون انتهاك لرفض أوباما إرسال قوات برية إلى ليبيا. ويذكر أن نحو نصف الدول الافريقية لم يوقع أو يصادق على اتفاقية روما الذي تطلب من الدول الامتثال لتعليمات المحكمة الجنائية الدولية، كما أن الولاياتالمتحدة لم توقع على الاتفاقية خوفا من إدانة جنودها وضباط مخابراتها الذين يشاركون في أعمال قتل لمدنيين في العراق وأفغانستان وباكستان وبلدان أخرى. ويقول مسؤولون أمريكيون إن المعارضة الليبية غير الموحدة تماما لم تتفق بعد على من قد يخلف القذافي في حال تم الإطاحة به، فيما يخشى مسؤولون من اندلاع حرب قبلية إذا لم يحدث إجماع على الشخصية القيادية التي ستخلف القذافي ويحافظ على وحدة البلاد. وقال نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض بنجامين رودس «هناك جوانب تعمل بمرور الوقت ضد القذافي، إذا استطعنا حرمانه من الأسلحة والمواد والسيولة المالية، فإن ذلك سيؤثر على حسابات الناس الذين يحيطون به، ولكن الأمر سيستغرق وقتا لتشكل مجموعة معارضة.» ويذكر أن المبعوث الأمريكي الخاص لدى المجلس الوطني الليبي الانتقالي كريستوفر ستيفنس موجود حاليا في بنغازي للعمل مع المجلس من أجل تحسين عمله ووضع برامج عمل لمرحلة ما بعد القذافي. وكان أبرز الوجوه السياسية للمعارضة الليبية، محمود جبريل الذي يعتبر في حكم رئيس حكومة المجلس الوطني الانتقالي لم يتمكن من زيارة كانت مقررة له إلى واشنطن يوم الخميس الماضي بسبب إلغاء رحلة الطائرة التي كانت ستقله من البحرين بعد مشاركته في اجتماعات مجموعة الاتصال حول ليبيا في العاصمة القطرية، الدوحة يومي 12، 13 أفريل الجاري، حيث كان سيلتقي مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جون كيري وعدد من أعضاء اللجنة من بينهم جون ماكين، ونائب وزير الخارجية الأمريكي جيم شتاينبيرغ ومسؤولين بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. ولم يحسم بعد الحلفاء داخل الناتو خلافاتهم بشأن الكيفية التي ينبغي أن يجري فيها التدخل العسكري ضد ليبيا. إذ بينما تؤيد فرنسا وبريطانيا توسيع المهام الجوية ولكن دون تسليح المعارضة الليبية، فإن إيطاليا التي تقول إنها قد قدمت بما فيه الكفاية تؤيد التسليح فيما تعارض ألمانيا التسليح وتوسيع المهام الجوية وتحذر من تقسيم ليبيا الذي سيحولها إلى دولة فاشلة على الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، أما إسبانيا فقد أعلنت أنها لن تفعل المزيد وتركز على الطابع الإنساني لمشاركتها. فيما قالت كندا إنها قد لا تنظر في زيادة مساهمتها العسكرية. وكان وزير الخارجية الفرنسى آلان جوبيه قد ذكر أن فرنسا تطبق بالتزام شديد قرار مجلس الأمن الدولى رقم 1973 الذي قال إنه يحدد إطار التدخل الحالي في ليبيا، واضاف أن هناك أيضا التقدير السياسى لكل دولة بشأن الوضع في ليبيا. مشيرا إلى أن «هذا التقدير السياسى واضح حيث نعتقد أنه بالنظر إلى السلوك الذي اتبعه العقيد معمر القذافي والقمع الدامي الذي مارسه ضد شعبه، فإنه قد فقد كل شرعية تمكنه من مواصلة ممارسة الحكم». وادعى جوبيه أن هذا الرأي تشارك فيه فرنسا أيضا الولاياتالمتحدة والدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الاوروبي، وكذلك الجامعة العربية معتبرا أن المجتمع الدولى ليس في حاجة إلى صدور قرار جديد من مجلس الأمن الدولى للعمل على تنفيذ هذا المبدأ. وأشار جوبيه إلى أن الأمر يرجع إلى الليبيين أنفسهم في إزاحة القذافي. غير أن الاجتماع الذي عقد في القاهرة برعاية الأممالمتحدة ومشاركة الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الافريقي يوم الخميس الماضي أبرز حجم الخلاف في المواقف إزاء طلب الاتحاد الأوروبي بتنحي القذافي حيث رفض مفوض الاتحاد الافريقي ذلك مؤكدا على أن قرار 1973 لا ينص على الإطاحة بالقيادة الليبية، وإنما فوض فرض منطقة حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين الليبيين، الأمر الذي حال دون إصدار بيان ختامي عن الاجتماع.