هل بدأ العدّ التنازلي للرئيس بوش؟ وهل تآكلت حظوظه في الفوز بفترة رئاسية ثانية؟ هذا السؤال بات يضغط بإلحاح مع تأجج حملة المرشحين الديمقراطيين للرئاسة والذين أعلنوا حربا لا هوادة فيها على بوش وفترة حكمه التي يعتبرونها كارثية.. وكذلك مع تنامي الغضب الشعبي من سياساته خاصة تلك المتعلقة بغزو واحتلال العراق. وبالتأكيد فإن الرئي بوش الذي اتخذ من الحرب على العراق ومن احتلاله مطية لضمان أفضل الظروف لبسط هيمنة أمريكا على العالم وتقديم هدية الدهر لاسرائيل بتخليصها من نظام معاد في العراق، بدأ تلقى الضربة تلو الضربة.. بسبب غرقه في مستنقع العراق وما كشفته ضربات المقاومة العراقية من عشوائية في خطط ضرب العراق.. حيث كشفت التداعيات انها خطط للحرب فحسب.. وكذلك بسبب انكشاف حجم الأباطيل والأكاذيب التي بنى عليها قراره بشن الحرب على العراق.. وفي طليعتها أسلحة الدمار الشامل المزعومة والتي لم يظهر لها اثر رغم دخول احتلال العراق شهره الثامن.. هذه التعلة التي بنى عليها بوش مدفوعا بصقور ادارته استرايجيته لغزو العراق واحتلاله ومن ثم تغليف العدوان ب»كذب النظام العراقي» وتعمده اخفاء أسلحة محظورة.. لكن سقوط هذه الورقة وضع بوش في موضع من غالط الرأي العام الأمريكي والمؤسسات الأمريكية ولم تتخلف ادارته عن تزييف الوثائق والوقائع لتهويل «الخطر العراقي» وخداع الأمريكيين والعالم. هذه الصفات التي انهالت على إدارة بوش من كل حدب وصوب ادخلته في دوامة قد تعصف بمستقبله السياسي.. وهي مؤشرات التقطتها دوائر حتى من الحزب الجمهوري وباتت تجاهر باعتزامها اطلاق رصاصة الرحمة وانهاء حلم بوش بالفوز بفترة رئاسية ثانية.. ليتأكد بأن الجهاز الذي «يصنع» الرؤساء في أمريكا لا يعترف بالعواطف ولا يحفظ الجميل وان الرؤساء لديه عبارة عن «صناعة» لها مدة صلوحية وان التخلي عنها ممكن بعد استنزافها والقائها للصحافة تنهشها. وبالفعل فقد بدأ النهش بعد.. حيث بدأت بعض الدوائر الاعلامية الكبيرة في أمريكا تتحدث عن روابط تاريخية قديمة لعائلة بوش مع النازية.. ثم تعدت ذلك للربط بين غزو بوش لأفغانستان والعراق وغزو ألمانيا لبولونيا في بداية الحرب العالمية الثانية.. ولتبلغ المقارنة مداها وصلت هذه الصحف حدّ التشهير بتعمد بوش قتل الحريات داخل أمريكا وتقييدها علاوة على معسكر غوانتانامو وما يثيره حسب هذه الدوائر الصحفية من تشابه مع معسكرات الاعتقال التي أنشأها هتلر. كل هذه المؤشرات والتي باتت تلقي بظلالها على التاريخ الأمريكي وعلى المؤسسات الأمريكية توحي بأن المستقبل السياسي للرئيس بوش في خطر.. وما لم تحدث «معجزة» فإن الرئيس الأمريكي في طريقه إلى الخروج من البيت الأبيض رغم ما فعله من أجل اسرائيل. وفي تاريخ أمريكا، هناك الكثير من الرؤساء الذين لفظوا كما تلفظ النواة بعد انتهاء مدّة صلوحيتهم.. أو بعد ظهور حاجة صانعي الرؤساء إلى وجه جديد ليملك المصداقية اللازمة للتعاطي مع أوضاع جديدة أو يوقف نزيف التدهور والتهرئة... وحين يصدر حكم هؤلاء، فإن الملفات والفضائح سوف تخرج من تحت الأرض وقصة مونيكا مع بيل كلينتون مازالت ماثلة في الأذهان.