"نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    الرابطة الأولى (الجولة 28): صافرتان أجنبيتان لمواجهتي باردو وقابس    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاص: أردوغان ل «الشروق»: الشعب التونسي فتح أبواب التغيير في الشرق الأوسط
نشر في الشروق يوم 08 - 05 - 2011

رجب طيب أردوغان، رئيس وزراء تركيا هو رجل المواقف بامتياز.. لا يساوم في قول كلمته بكل جرأة وشجاعة.. ولا يخشى في الحق لومة لائم.. يقول كلمته بصوت عال.. مناصر لقضايا الحق والعدل مما جعله رمزا يحظى بمكانة كبيرة في قلوب الملايين.. من المناصرين للشعوب المضطهدة.. وفي مقدمتها شعب فلسطين..
معالي رئيس الوزراء التركي يفتح صدره في هذا اللقاء الخاص والحصري ل«لوكوتيديان» مجيبا عن مجموعة من الأسئلة التي تدور خصوصا حول قضايا الساعة.. فماذا يقول السيد رجب طيب أردوغان عن الثورة التونسية والثورات العربية الأخرى وعن العلاقات التركية التونسية.. وما رأيه بشأن تطورات الأوضاع في فلسطين ولبنان و«الحرب على الارهاب».. وبشأن عدد من المسائل والملفات العربية والدولية الأخرى..
وفي ما يلي نصّ الحوارالذي تنشره «الشروق» بالتزامن مع الشقيقة «لوكوتيديان».
٭ معالي رئيس الوزراء تشهد عدة دول عربية هذه الأيام موجة احتجاجات شعبية قوية سببها سقوط نظامي الحكم في تونس ومصر، فبالإضافة إلى ليبيا تشمل الاضطرابات اليمن وسوريا والبحرين كما أن حركات مناهضة للحكومة بدأت تتحرك في الجزائر والعراق والأردن، فكيف تقرؤون هذه التطورات؟
منذ البداية دافعت تركيا عن فكرة أن هذه الأحداث التي عرفتها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أثبتت استحالة تأجيل مطالب وتطلعات شعوب منطقتنا. هذه الحركات الشعبية دحضت الأحكام المسبقة والأفكار المغلوطة التي تزعم أنه لا يمكن إرساء الديمقراطية في منطقتنا، إن المرحلة الحالية ستمثل تحولا تاريخيا كبيرا.
وأودّ أن أؤكد في هذا الصدد ما يلي: أنا أعتقد أن للوضع في الشرق الأوسط بعدا توحيديا أثبت لنا أن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ليست حكرا على أي مجموعة. وفي هذا السياق نؤكد أن إثارة النعرات العرقية والدينية والطائفية أو زعزعة الوحدة الترابية للبلدان تسير في الاتجاه المعاكس لهذه الأحداث، لذلك نحن نولي أهمية كبيرة لضرورة تحقيق مطالب وتطلعات الشعوب سلميا، علما أن الانتقال نحو الديمقراطية صعب وقد يأخذ بعضا من الوقت.
ونشير في هذا الباب إلى ضرورة التوصل إلى توافق بين مكونات الشعب من أجل إرساء قاعدة ديمقراطية شاملة ومؤسساتية استنادا إلى الأحداث التي بدأت من الشارع. لا بدّ من تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية بالتوازي مع ذلك من أجل الاستجابة لتطلعات الشعوب دون تأخير.
وثمة نقطة أخرى مهمة في هذا السياق، وهي ضرورة أن يساند المجتمع الدولي مسار التحول بشرط أن يكون ذلك بموافقة الدول المعنية وأن تؤخذ إرادة الشعب المعني في الاعتبار بالدرجة الأولى وألا يتم التعدي على كرامة هذه الدول. وداخل هذا المسار الصعب نحن مستعدون لتقديم أية مساعدة ممكنة ولتبادل خبراتنا ومساندة أشقائنا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذا كان ذلك ضروريا.
٭ هل مازالت مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي تصطدم بمعارضة فرنسا وألمانيا أولوية لحزبكم؟
كما تعلمون فإن العلاقات متعددة الأبعاد والديناميكية بين بلدنا والاتحاد الأوروبي هي بصدد التطور في جميع المجالات. ولا شك أن انضمام تركيا إلى الاتحاد وهذه سياسة دولة، يمثل أولويتنا وهدفنا الاستراتيجي كما أن الاصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة التي تنفذها حكومتنا بالتوازي مع الاستجابة لحاجات وتطلعات مواطنينا تؤكد تمسكنا بخيار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
إن الهدف من المفاوضات الجارية والتي بدأت انطلاقا من قرارات اتخذتها الدول الأعضاء في الاتحاد بالاجماع هو الانضمام. ولكن هذه المفاوضات لا تتطور بالنسق الذي نريد بسبب العقبات السياسية التي تضعها بعض الدول الأعضاء، ونحن نرى أن عرقلة مسارنا نحو الانضمام بذريعة سياستنا الداخلية يمثل موقفا خاطئا.
٭ هل ترون أن حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي أمر ممكن في ظل الوضع القائم حاليا وخصوصا مع استمرار الاستيطان في الأراضي الفلسطينية؟
وهل يمكن أن يكون ذلك ممكنا؟ فإسرائيل تواصل استيطانها غير الشرعي على أراض تعود ملكيتها للفلسطينيين رغم القرارات والمعاهدات والمناشدات الدولية (لوقف الاستيطان). أعتقد أنه لن يكون من الواقعي أن نأمل في أن تسير العملية السلمية بشكل سليم.
لقد أصبحت الحكومة الاسرائيلية الحالية أكبر عائق أمام عملية السلام بسبب سياساتها، والحقيقة أن بعض الأعضاء في هذه الحكومة قد جعلوا الحكومة الاسرائيلية وعملية السلام رهائن، وهذا الوضع يهدّد بلا شك مصالح الشعب الاسرائيلي وأمنه.
إن إرساء سلام دائم واستقرار شامل في الشرق الأوسط فضلا عن تحول هذه المنطقة الجغرافية إلى منطقة استقرار تمثل أساس سياسة تركيا الخارجية إزاء هذه المنطقة وتركيا تساند من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كل الجهود الاقليمية والدولية من أجل التوصل إلى سلام عادل وشامل ودائم وفق مبدإ التسوية اعتمادا على حل الدولتين. ومن الواضح أن السلام في الشرق الأوسط لا يمكن ارساؤه بالقوة العسكرية أو الحصار أو الاحتلال وإنما عبر التفاهم والحوار. وفي هذا الاطار لا بدّ أن تتفاعل إسرائيل إيجابيا مع التحركات الشعبية القائمة حاليا في الشرق الأوسط وعليها أن تتخذ الخطوات الضرورية والفورية من أجل ارساء سلام دائم.
إن إسرائيل لن تتمكن إطلاقا من إرساء الأمن والسلام الذي تنشده منذ سنوات عبر القوة العسكرية والحصار والاحتلال. وللتوضيح فإن انتقاداتنا موجهة بالأساس إلى سياسات هذا البلد، إن الاعتقاد بأن انتقاداتنا هي ضد دولة إسرائيل أو الشعب الاسرائيلي أو وصف هذه الانتقادات بأنها نزع للشرعية عن دولة اسرائيل كما عبر عن ذلك مسؤولون اسرائيليون مؤخرا هو توصيف خاطئ. لقد حان الوقت لأن تثبت إسرائيل عبر خطوات ملموسة أنها تسعى بصدق إلى السلام.
وكلنا نذكر كيف أن إسرائيل خرقت القانون الدولي عبر عدوانها على قافلة المساعدات الإنسانية التي لم تكن غايتها سوى تقديم المساعدة ل1.5 مليون من الأبرياء الذين كانوا عاجزين حتى عن توفير حاجاتهم الحيوية بسبب الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة منذ سنوات وخلال ذلك الهجوم قتل 9 من الأبرياء فضلا عن عدد كبير من الجرحى. ولا أحد تبعا لذلك يمكنه أن ينتظر منا أن نلزم الصمت حيال هذا الوضع، وكل من يعتقد هذا الأمر فهو يخطئ خطأ كبيرا.
٭ يمرّ لبنان بمنطقة اضطرابات شديدة، وهو يقع تحت مخاطر التقسيم، فما هي الحلول الممكنة والمزمع اعتمادها حسب رأيكم لحلّ هذه الأزمة وتفادي هذا السيناريو القائم؟
إن الرهان الأهم في لبنان هو ضمان الوحدة الترابية والاستقرار وسيادة البلد في وقت تتواصل الجهود من أجل تجاوز أزمة الحكومة اللبنانية.
وقد ركزنا كثيرا على هذا الموضوع خلال اتصالاتنا بإخواننا اللبنانيين وبالأطراف التي نتحاور معها في المنطقة وللأسف – فعلى الرغم من الجهود المبذولة في هذا الإطار – إلا أنه لم يتم بعد تجاوز أزمة الحكومة اللبنانية ونحن نلاحظ أن هوة الاختلاف القائمة بين فريقي «8 مارس» و«14 مارس» في مستوى الخطاب تتسع باطراد .
لذا فنحن نولي اهتماما كبيرا بالحوار لتجاوز المشاكل, من الطبيعي ومن حق الأحزاب السياسية أن تعبر عن أفكارها وتوجهاتها وأن تدافع عن مصالحها ولكن لا بدّ ان يحصل كل هذا في إطار الشرعية وعبر الطرق السلمية والديمقراطية . نحن على اتصال بكافة أصدقائنا اللبنانيين وندعوهم – في هذا الظرف الصعب – إلى التحرك في إطار المسؤولية وإلى تجنب الانزلاق نحو المواجهة.
٭ سيدي رئيس الوزراء , ماهو سر الطفرة الاقتصادية الهامة التي حققتها تركيا والتي نقلتها من دولة على حافة الإفلاس قبل عشر سنوات إلى دولة تتبوأ المرتبة 17 ضمن القوى الاقتصادية الكبرى وبإمكاننا أن تقتلع المرتبة السابعة في حال انضمت إلى الاتحاد الأوروبي؟
نعزو هذه الطفرة الاقتصادية إلى شعب فتي شاب يبلغ تعداده 74 مليون ساكن , وإلى فترة الاستقرار السياسي الداخلي, إلى سوق ليبرالي يشتغل وفق القواعد , إلى صناعة تنافسية , وإلى حيوية رجال الأعمال الأتراك .
وبالتوازي مع كل هذا فقد سعينا إلى حسن استغلال موقعنا «الجيو استراتيجي» باعتبارنا ملتقى ثلاث قارات , لتطوير الاقتصاد .
واليوم ,أصبحت اسطنبول قاعدة للعديد من الشركات الدولية التي تختارها لتركيز مقارها .
هذا إضافة إلى التطور والتجديد المستمر لشركة «تركيا للطيران – turkish airlines – , على الرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية , وتزايد عدد رحلات الطيران مما ساهم إيجابا في النمو الاقتصادي .
اليوم , وخلال 4 ساعات جوا انطلاقا من اسطنبول بالإمكان الوصول إلى 50 بلدا وبلوغ سوق يمثل ربع الاقتصاد العالمي .
ومن جانب اخر , فقد تحولت تركيا , بفضل الإجراءات التي اتخذناها خلال السنوات الماضية , إلى مركز هام للمستثمرين الأجانب , فتشجيعات حكومتنا لهؤلاء المستثمرين ساهمت بشكل كبير في دفع الاقتصاد التركي .. ومن دون شك فإن الاستقرار السياسي لعب دورا مهما في ذات السياق .
ومن بين الأمور الأخرى التي ساهمت في الطفرة الاقتصادية, منع التمييز بين المستثمرين الأجانب والأتراك فنحن لا ننظر البتة إلى لون جواز السفر عندما يتعلق الأمر بالمستثمر.. ف«علي» المواطن التونسي مساو في هذا المستوى ب«مصطفى» المواطن التركي . وبناء على ذلك تحولت تركيا إلى عضو فاعل في مجموعة العشرين وأصبحت لديها كلمة في الاقتصاد العالمي .
٭ إيران مهددة اليوم بضربة عسكرية غربية بسبب برنامجها النووي.. فماهو موقف تركيا في هذه المسألة وهل من حل قادر على التوفيق بين المواقف المتضاربة والمتضادة ويضمن مصالح كافة الأطراف حتى يزيح عن المنطقة شبح مواجهة جديدة؟
لقد دعمت تركيا منذ البداية بقوة الحل السلمي لكافة المشاكل المرتبطة بالملف النووي الإيراني في إطار الحوار ولقد أبدينا ارتياحا لاستئناف جولات المفاوضات بين إيران و«مجموعة الخمس زائد واحد» في ديسمبر 2010 في جينيف وفي جانفي الفارط في اسطنبول كمرحلة ثانية . وكانت الرسالة المقدمة في كافة التصريحات التي أعقبت اجتماعات اسطنبول أن هناك إمكانية لفتح مسارات الحوار ..
والبيان المشترك الموقع في العاصمة الإيرانية طهران في ماي من العام الماضي برهن للمجتمع الدولي قدرة جهود الحوار والالتزام على الوصول إلى نتائج جيدة .
تركيا تؤمن بأنه من الممكن جمع تطلعات وشروط كافة الأطراف حول نقطة مشتركة بيد أن انعدام الثقة المتبادلة والعوامل البسيكولوجية يمثلان أهم العوائق التي تحول دون النجاح . وعلى الرغم من هذا فنحن مقتنعون بأن أيّ مفاوضات تجري بمثابرة وتصميم وعلى أساس واقعي قادرة على النجاح .
٭ الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان لم تحقق أهدافها بعد, وبانت بجلاء حدود الحل العسكري, فأيّ مسلك للخروج من هذه الأزمة ينهي معاناة الشعب الأفغاني ويمكّن من إعادة بناء أفغانستان؟
الحرب في أفغانستان تخاض على عدة جبهات , الحرب على الإرهاب هي إحداها والجبهات الأخرى متمثلة في محاربة الفقر والحرمان اللذين يمثلان أساسا التطرف وعدم الاستقرار.. ومحاربة إنتاج المخدرات والجريمة المنظمة.. كل هذه الأمور لا ينحصر وجودها في أفغانستان ولديها تداعيات على كامل المنطقة .
في هذا الإطار لا بد من دعم ثقة الأفغان وإيمانهم في المستقبل وهذا لن يحصل إلا بإعادة الإعمار والتقدم وتطوير القدرات وخلق مواطن الشغل وتحصيل موارد الغذاء.
ومن جانب اخر فنحن نعبر عن دهشتنا البالغة من الخسائر البشرية في أرواح المدنيين الأمر الذي يستوجب تكثيفا للإجراءات حتى لا تكون هناك خسائر جديدة.
لقد أعلن الرئيس حامد قرضاي في الثاني والعشرين من مارس الفارط بداية مسار نقل السلطات للأفغان وهذا التوجه لابد أن يتقدم بتصميم ودون تراجع , مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الميدانية .
ومن الضروري أيضا على المجتمع الدولي عدم التخلي عن افغانستان بأي شكل من الأشكال ومواصلة مساندتها ودعمها حتى بعد انتقال السلطات إلى الأفغان.. وأنا أريد بهذه المناسبة ان أجدد التزام تركيا طويل الأمد تجاه أفغانستان والتاكيد على أننا سنكون إلى جوار إخواننا الأفغان حال ما احتاجونا .
٭ أكدتم سيادة رئيس الوزراء في أكتوبر 2010 أن مستقبل إيران وتركيا وأفغانستان وباكستان مرتبط وأن أمن كل طرف هو أمن للاخرين, كيف نفهم هذا التصريح؟ وهل بإمكاننا الحديث عن تحالف جيو استراتيجي؟
تركيا, إيران, أفغانستان, باكستان يتقاسمون ذات المجال الجغرافي , والتفاعل بين هذه الدول على أساس العلاقات التي تضرب جذورها في التاريخ كبير وقوي. وفق هذا الأمر يكون من المستحيل تغييب المسائل المتعلقة بالأمن.
الآن أصبحت التهديدات الأمنية متجاوزة للحدود، ولا يمكن لأي بلد أن يتصدى لهذه التهديدات منفردا ودون التنسيق والتعاون مع دول أخرى، وهذا الأمر ينسحب على تركيا كما على أي بلد آخر في العالم.
إن هدف تركيا هو تنمية التضامن والتعاون الوثيق مع دول المنطقة في جميع المجالات، وهذا في الحقيقة أمر ضروري للحفاظ على المصالح المشتركة لشعوبنا.
٭ إنشاء سوق مشتركة لدول الشرق الأوسط بين تركيا ولبنان والأردن وسوريا من المفترض أن يشمل دولا أخرى. فهل هناك نيّة في أن تضم هذه السوق دول المغرب العربي؟
في الفترة الأخيرة أولينا أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع البلدان المجاورة والقريبة وعملنا من ناحية أخرى على إقامة محور ازدهار وتنمية مشتركة وكثفنا جهودنا في هذا الاتجاه.
واليوم يمكن أن أجزم بأننا بدأنا نجني ثمار هذه الجهود، فإلى جانب اتفاقات التبادل الحر التي وقعناها مع لبنان وسوريا والأردن فإن إمكانية التنقل دون تأشيرات بين تركيا وهذه الدول تتيح السمو بعلاقاتنا الاقتصادية والتجارية يوما بعد آخر.. اليوم أصبح بإمكان أخينا الذي يغادر اسطنبول أن يسافر دون تأشيرة الى حلب ودمشق وبيروت وعمان.
وعلاوة على ذلك فإن المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الأتراك يقومون باستثمارات مهمة من أجل إعادة الإعمار في هذه المنطقة الجغرافية، وفي المقابل هناك عدد مهم من الزوار ومن رجال الأعمال القادمين من هذه الدول الى تركيا.
وللإشارة فإن هناك أيضا تعاونا وثيقا مع دول المغرب العربي وعلى الرغم من المسافة النسبية بيننا فإن من واجبنا تقريب ما هو بعيد، وأن نستقبل بأياد مفتوحة أشقاءنا في الدول المغاربية، فكما نمثل لكم نحن الباب الذي يفتح على آسيا الوسطى والقوقاز فإنكم تمثلون لنا الباب الذي يفتح المتوسط على المحيط الأطلسي.
٭ تونس وتركيا بلدان يجمعهما تاريخ مشترك وعدة نقاط التقاء ثقافية، كما أن المبادلات التجارية الثنائية ارتفعت بنسبة 85٪ عام 2008 لكنها تبقى دون التطلعات الحقيقية للبلدين، فهل هناك رغبة لديكم في تحسين هذه النسبة؟
بلدنا يولي أهمية كبيرة لتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية مع تونس، وهذه العلاقات يقودها اتفاق الشراكة الذي يتطلع الى تبادل حر بين البلدين، والذي تمّ توقيعه عام 2004 ودخل حيز التنفيذ في 1 جويلية 2005، ونشير هنا الى أن علاقاتنا الاقتصادية والتجارية عرفت تحسّنا منذ توقيع هذا الاتفاق، كما ان سلّم ميزان علاقاتنا التجارية مع تونس هو لفائدة تركيا فحجم التجارة الخارجية تطوّر من 760 مليون دولار عام 2007 الى 1.14 مليار دولار في 2008، ولكن عام 2009 وبسبب تداعيات الازمة الاقتصادية تراجع حجم المبادلات التجارية ليصل الى 882 مليون دولار، وفي 2010 لاحظنا أن هذا الرقم تطوّر ليدرك 1 مليار دولار، ونحن حريصون على مواصلة هذا التطوّر الايجابي عام 2011.
٭ أية آفاق للعلاقات التونسية التركية؟
قبل كل شيء نحن نريد تطوير حجم علاقاتنا التجارية الثنائية مع تونس، البلد الصديق والشقيق، نريد تنويع علاقاتنا الاقتصادية والتجارية وهدفنا هو أن نحقق استثمارات مشتركة مع تونس في دول العالم الثالث وخصوصا الافريقية منها، ونحن نشجّع رجال الأعمال الأتراك على الرفع من مستوى استثماراتهم.
ولاشك ان الأحداث التي شهدتها تونس قد مثّلت مصدر إلهام للحركات الشعبية الأخرى في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، لقد فتح الشعب التونسي أبواب التغيير والتحول في الشرق الأوسط وتقديرنا للتونسيين عميق.
وأعتقد ان نجاح الفترة الانتقالية في تونس سيمثل مؤشرا مهما لتحقيق الديمقراطية التعددية، كما ان ضمان الاستقرار وارساء النظام والقيام بخطوات لتجاوز نقص المشروعية الذي تعيشه البلاد خلال هذه الفترة الانتقالية كلها تطوّرات إيجابية.
ومن جهة أخرى لابدّ ان نعي بأن الانتقال الديمقراطي هو مسار صعب يتطلب شيئا من الوقت، وتركيا جاهزة لتقديم مساندتها لتونس حتى تنتهي فترة الانتقال الديمقراطي هذه بسرعة، وذلك في إطار الاحترام والنظام وللإشارة فإن وزيرنا للخارجية أحمد داود أوغلو قام بزيارة الى تونس رفقة الأمين العام لمجلس أوروبا السيد جاغلاند يوم 21 فيفري الماضي، وقد كانت طريقة الدعم الذي يمكن ان تقدّمه تركيا لتونس من بين المواضيع التي نوقشت خلال هذه الزيارة. وكما تمت الاشارة اليه آنذاك فقد زار وفد من لجنة فينيسيا الى تونس بين 16 و18 مارس الماضي وكان بين أعضائه خبير تركي.
نحن إذن نحاول ان نقدّم دعمنا لتونس ومساندتنا لها في مجالات التشريع والتطبيق وذلك عبر الاتصالات بين البرلمانيين ومن ناحية أخرى نحن نولي أهمية كبيرة لتطوير علاقاتنا الاقتصادية مع تونس خصوصا لرفع مستوى التعاون في مجال السياحة.
٭ حوار: شكري البكوش ولطفي التواتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.