تونس «الشروق»: حوار محمد علي خليفة اعتبر السيد البشير الصيد المنسق العام لحركة الشعب الوحدوية أن الحركة تستمد شرعيتها أساسا من نضالاتها التي امتدت لعقود من الزمن وأنها تحتوي تجارب نضالية لعدة حركات قومية تقدمية وتعمل على احداث ثورة ثقافية لتوجيه الاصلاح الشامل وجهته الصحيحة. وفي حديث ل«الشروق» رأى الصيد أن أداء الحكومة متعثر وحذر من أن الشعب الذي صنع ثورة 14 جانفي 2011 لن يسكت ما لم تلب حوائجه. وتحدث الصيد أيضا عن أهداف حركته ومبادئها ومسألة التوحيد مع حركة «الشعب» وعن الانتخابات والعلاقات مع الأحزاب السياسية الموجودة حاليا على الساحة وعن ملف اغتيال الزعيم صالح بن يوسف والأحداث الجارية في ليبيا وسوريا واليمن. ومواضيع أخرى تقرؤونها ضمن الحوار التالي: كيف نشأت فكرة تأسيس الحركة الوحدوية التقدمية وماذا عن مسألة التوحيد مع حركة الشعب! أولا حركة الشعب الوحدوية التقدمية (وأنا أتكلم باعتباري المنسق العام لهذه الحركة) ليست وليدة اليوم كما قد يظن البعض لأن القومية في تونس تيار أصيل متجذر في القطر التونسي وقائم بدوره الوطني وبدأ ينشط سياسيا على الأقل منذ عام 1948 عندما تطوع عدد من القوميين للقتال دفاعا عن فلسطين ضد العدو الصهيوني، ونحن كقوميين نستمد شرعيتنا من النضال ومن ارادة الشعب وقد أخذنا هذه الشرعية بالاعدامات والاغتيالات والتعذيب والقهر والظلم والحصار المسلط على القوميين منذ سنة 1956 الى يوم 14 جانفي 2011. نعم، نحن نستمد شرعيتنا من هذه النضالات ومن الأدوار الوطنية التي قمنا بها دفاعا عن تونس وعروبتها وإسلامها، عن حرية شعبها وكرامة مواطنيها. والذين أعدمهم النظام واغتالهم كثيرون، فيكفي أن نذكر اليوم باغتيال الزعيم صالح بن يوسف والذي نطالب بفتح ملف اغتياله على قاعدة العقوبة الشخصية التي تطال من قام بالعملية من فاعل ومحرض ومسهل، كما نطالب بفتح معتقل «صباط الظلام» الواقع بالقرب من قصر العدالة وما ارتكب فيه من تعذيب وتقتيل، وفي محاكمة قفصة أعدم 14 من المناضلين القوميين وفي محاكمة انتفاضة الضباط (1962) أعدم حوالي 10 من القوميين، كما استشهد عدد من الشباب في انتفاضة الخبز فضلا عن استشهاد عدد هام في ثورة 14 جانفي 2011. ونحن عندما توخينا أسلوب النشاط السياسي الديمقراطي والعلني منذ 11 ماي 1981 تاريخ تقديم طلبنا للحصول على تأشيرة وفق القانون باسم التجمع القومي العربي، وعندما أعدنا الطلب باسم القوميين في اطار التجمع الوحدوي الديمقراطي تماشيا مع قانون الأحزاب الذي صدر سنة 1988 جابهنا النظام بالقمع ومنعنا من النشاط رغم أن حركة التجمع الوحدوي الديمقراطي قد أصبحت حزبا قانونيا لأن وزارة الداخلية لم تجبنا بالرفض مدة أربعة أشهر بعد ايداع وثائق التأسيس فأصبح حزبنا قانونيا ونشرنا ذلك بالرائد الرسمي مثلما ينص عليه القانون وعند ذلك كان رد النظام بأن استهدفني بمحاولة اغتيال حيث أمر عصابة هاجمت مكتبي وسدد لي أفرادها عدة طعنات بالسكاكين، ثم بعد ذلك أسندت تأشيرة الحركة القومية لعبد الرحمان التليلي في اطار الجهاز المخابراتي الذي أسموه الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ولما أصدرنا بيانا وقلنا ان الحركة أصبحت قانونية لفقت لي قضية وزج بي في السجن وحكم علي بخمس سنوات ونصف السنة بتهمة مختلقة وهي أني كونت عصابة ضد الرئيس المخلوع وأخطط للقيام بانقلاب عليه. بذلتم جهودا كبيرة من أجل توحيد الحركة الوحدوية التقدمية وحركة الشعب وذلك في اطار المساعي لتوحيد التيار القومي الذي اتسمت مسيرته بالتعثر والتشتت... الى أين وصلت الأمور في هذا المجال؟ أقول للأمانة ولإنارة الرأي العام خصوصا القوميين ان التوحيد قد تم بين الحركتين تحت اسم جمع اسميهما معا فأصبحت الحركة القومية تسمى حركة الشعب الوحدوية التقدمية وهذا التوحيد تمّ فعليا وإجرائيا ، إذا قمنا بالاجراءات القانونية ورفعنا ملفا في ذلك لوزارة الداخلية تضمّن تغيير اسم الحركة وتغيير تركيبة المكتب السياسي وقد أمضى السيد وزير الداخلية على تغيير الاسم وسنتسلم قريبا إن شاء اللّه القرار في ذلك وإني أطمئن كل الاخوة القوميين بإتمام اجراءات التوحيد. ولكن البعض في حركة الشعب لم يعترف حتى الآن بموضوع التوحيد؟ إذا بقي بعض الاخوة في عددهم القليل جدّا لم يلتحقوا بالتوحيد ومصرّين على الانفصال فهم أحرار في ذلك ويتحملون مسؤوليتهم. لو تقدمون لنا لمحة عن أهداف الحركة ومرجعياتها ومبادئها وعلاقاتها مع التيّارات والقوى السياسية الأخرى؟ حركتنا قومية وحدوية تقدمية مبنية على مرجعية فكرية مستمدّة من التجربة الناصرية ونظرية الثورة العربية للدكتور عصمت سيف الدولة وجملة الكتب القومية الصحيحة، وعليه فإن القومية خلافا لما يزعمه البعض هي نظرية سياسية واقتصادية واجتماعية إذا تمّ تطبيقها فهي توفر الحرية والوحدة والعدالة الاجتماعية وتحقق الخير العميم للشعب. وبخصوص الأهداف نؤكد أن حركتنا تنطلق في عملها السياسي من القطر التونسي وتعمل على النهوض أكثر بالشعب العربي في تونس والارتقاء بتونس الى الأفضل ثم نعمل على توحيد الأقطار العربية التي قسمها الاستعمار وأيّدته الأنظمة الحاكمة في ذلك لاعتقادنا أن أي قطر عربي بمفرده لا يستطيع التعامل مع القوى الكبرى وباختصار فإن من أهدافنا: العمل على إلغاء الدستور والقوانين التي أصدرها النظام السابق (في عهدي بورقيبة وبن علي لأنه نظام واحد) واصدار دستور وقوانين حديثة تؤسس لنظام سياسي ديمقراطي تعدّدي يضمن المساواة بين الجميع ويصون الحرّيات العامة والخاصة. الاهتمام بقضايا المواطنين لأن ما يطمح إليه المواطنون هو توفير أوضاع أفضل وأرقى في مستوى عيشهم من توفير الكرامة الانسانية والشغل والعلاج والمسكن والثقافة. العمل على تأمين حقوق المرأة وحريتها ومشاركتها في الحياة العامة بطريقة أنجع وأفضل. العمل على إحداث ثورة ثقافية تؤسس على ثوابت الحضارة العربية الاسلامية وتسير وفق مقتضيات التقدم والحداثة وما تستوجبه التطورات العصرية من انفتاح العالم والعولمة. وفي الجانب الاقتصادي نرى أن النظام الاقتصادي الأنسب لتونس في هذه المرحلة يجب أن يكون متوازنا بين القطاعين العام والخاص، إذ من المطلوب أولا تطهير الاقتصاد التونسي ممّا علق به من فساد، ففي عهد بن علي مثلا أسندت أهم المشاريع لا على أساس الجدوى والنفعية الاقتصادية، بل على أساس المحاباة والرشوة. وأمّا في ما يخص علاقة حركتنا بالأحزاب السياسية القائمة فهي علاقة مفتوحة مع قوى ومكوّنات المجتمع المدني من أحزاب وحركات ومنظمات، ونحن ضدّ الاقصاء والتهميش فمن حقها جميعا أن تشارك في القضايا الوطنية، وأشير هنا الى أن مناضلي حركتنا بصدد دراسة موضوع التحالف مع بعض الأحزاب في الانتخابات التي قرّرنا المشاركة فيها وقد فتحنا فروعا وتنسيقات في عدّة جهات بالبلاد. على ذكر الانتخابات وقبل حوالي شهرين من موعد 24 جويلية كيف تقيّمون أداء الحكومة خلال هذه الفترة الحسّاسة وهل بالامكان الوصول الى موعد الاستحقاق الانتخابي بسلام؟ نرى موضوعيا أنّ أداء الحكومة متعثر الى حدّ الآن مع أننا لا ننكر وجود صعوبات أمام الجميع، فالانتقال الديمقراطي لم يتقدم في مساره الصحيح ومازالت الحكومة متردّدة، فإلى حدّ الآن لم يتبلور مسار الانتقال فمثلا لم يعد يفصلنا عن موعد 24 جويلية سوى شهرين ولكن متطلبات انتخابات المجلس التأسيسي لم ينجز منها أي شيء. وأما الناحيةالأمنية فلاتزال منخرمة ولم يستتب الأمن للجميع ولم تتمكن الحكومة حتى الآن من تصفية ميليشيات وعصابات ترجع إما الى النظام السابق أو الى المنحرفين وهي التي تخرّب وتعتدي وتندس في صفوف المظاهرات والاعتصامات لافساد الاحتجاجات السلمية الديمقراطية. ولا بدّ أن نؤكد هنا أن المحاسبة والمحاكمة لا تجري هكذا جزافا وإنّما بواسطة القضاء دون سواه، إذ لا حلّ لنا وللبلاد إلاّ أن نوكل الأمر الى القضاء مهما قيل ويُقال فيه ونأمل أن ينجز القضاء استقلاليته التامة وأعتقد أن بإمكانه الآن أن يفرض استقلاليته الفعلية. كحركة قومية ما موقفكم من الأحداث التي تعيشها ليبيا والتوترات في سوريا والانتفاضة الشعبية في اليمن؟ نحن نرى أن كل شعب عربي في قطر عربي هو مؤهل لاختيار قياداته بأسلوب ديمقراطي وهو المؤهل لاقالة هذه القيادات عندما يرى ذلك، لكن نحن ضدّ أي تدخل أجنبي في أي قطر عربي لذلك ندين التدخل الأجنبي في ليبيا أو في سوريا أو في غيرهما، ولا نرى أيّ مبرّر للاستنجاد بالأجنبي بأي شكل كان.