يبدو أن أغلب الأحزاب على كثرتها ان لم تكن كلها لا هم لها سوى أن تنسج من الحملة الانتخابية سجادا سحريا يطير بها الى المجلس التأسيسي ومنه الى هنشير الكراسي وتسجيله ملكا لها في «دفتر خان» يخون خونا وخيانة لعهده كالسابقين. وأكيد وألف في الألف أن احزابا سيطير بها هذا السجاد، وأن أحزابا اخرى سيسحب من تحت أقدامها سرا وعلانية وخاصة منها تلك التي أعدت السجاد قبل الجامع. وتيممت بالحجر المقذوف في الشارع وفيه صلت صلاة الغائب على الأمن والاستقرار، واعتصمت بحبل الاعتصام واتخذت من الاضراب محرابا ووقفت بالبلاد على باب جهنم وبئس المصير. بعض الأحزاب شرعت بعد في الحرث في هنشير الكراسي لزراعة أصوات الناخبين بعلي. وأخرى تزرعها باكورات تحت البيوت المكينة مع بطيخ «الكاتلون» المروي قطرة قطرة، والكل يراهن على «تخضير» «صابة الأصوات» وكل المؤشرات تفيد بأن سعر الصوت الانتخابي الواحد سيتخطى سعر «بالة القرط» في السنين العجاف، وأن موسم الجهاد هذا سيكون ككل مواسم الحصاد مبنيّا على قاعدة «ذراعك يا علاف». وفي غمرة كثرة الأحزاب المعروضة في أسواق السياسة كيف ستكون أثمانها خاصة أن العرض يفوق الطلب عشرات المرات عند العامة حتى أنها باتت منتصبة انتصابا فوضويا تماما كسلعة الشنوة في أسواق ليبيا عندنا؟فهلا تكون أسعارها كأسعار البطاطا الشتوية في الشتاء أو البصل الربعي الأخضر في الربيع او الفول «المدمس» في نفس الفصل. سامح االله أولئك القائلين عن الأحزاب بأنها «الكثرة وقلة البركة» وكأنهم يستكثرون على الشعب الكريم أن «ينزل» في أكله على السياسة والبطاطا والبصل والفول المدمس بأسعار الجملة في الأسواق الكاسدة. وأن يكون لصوته ثمن يرتفع كلما رفض بيعه ونادى المنادي «انزل على الهندي يا ولدي» و«اشر تربح».