السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمن القانوني والأمن القضائي (1) La sécurité juridique et la sécurité judiciaire
نشر في الشروق يوم 20 - 05 - 2011

إن مقولة الأمن « La sécurité» من أكثر المفاهيم تداولا في المجال القانوني والقضائي لا سيما عندما يتعلق الأمر بتقييم نظام قانوني أوقضائي معين.
ولقد تزايد في يومنا هذا الاهتمام بالسلطة القضائية دون التعريج على الأمن القضائي عموما حال كونه من مفاصل الدولة، فلا رخاء بدونه خاصة أمام التحولات العالمية التي لا تقف والتي توحي بعدم الاستقرار في الحياة البشرية لان من يقول بعالمية الاقتصاد يقول بكونية القانون والقضاء.
ولا جدال في أن القانون في عمومه ظاهرة تنظم الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من مظاهر حياتية ونشاط إنساني ومن أهداف القانون تحقيق الأمن الفردي والاستقرار المعيشي وتركيز نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يعكس بالضرورة الحراك المجتمعي في كل مرحلة من مراحل الدولة لذلك أصبح الأمن القانوني ومنه الأمن القضائي:
SPAN style= mso-spacerun: yes» في صميم مشاغل الدول النامية والمتقدمة على حد السواء ومن اهتماماتها الكبرى بل من أمهات المسائل المطروحة ضرورة أن الأمن القضائي هورديف الأمن القانوني ولا أمن قضائي بدون أمن قانوني يفرز أمنا اجتماعيا قائما على احترام كرامة الإنسان والتنمية البشرية هي القاعدة الأصولية التي تنبني عليها هذه الكرامة ، كما أن المنتوج القضائي صنوالمنتوج القانوني لا بد أن يرضي المواطن ويؤمنه من الخوف على حياته وممتلكاته ويطمئن الأجنبي ويشجعه على السياحة والاستثمار.
ولقد اتسعت رقعة تدخل القضاء وتعاظمت انتظارات المتقاضين منه وأصبح الأمن القضائي ضرورة قانونية تحتمها المرحلة بغرض تبديد كل قلق وإزالة كل حزن وإذا كان الأمن القضائي مطلبا شعبيا فهو بالنسبة إلى عموم القضاة دون تفرقة هاجسا ومعاناة وإن من يخرس صوته عن هذه الحقيقة تنقصه يقظة الضمير وجرأة البيان واللسان، وإن الأمن القضائي جزء لا يتجزأ من الأمن الإنساني ، فهو قضية امة بأسرها لا قضية أفراد وموضوع شراكة مسؤولة بين كل مكونات المجتمع المدني ولا بد حينئذ أن يكون مستقبل القضاء في صميم سياسة الدولة في هذه المرحلة التاريخية الهامة والخطرة لا على الهامش كما كان سابقا وميزانية وزارة العدل تغني عن كل بيان ، فلا بد من بناء نظام قضائي «un ordre judiciaire» مؤسس على قواعد وتصورات حديثة تنسجم وتتناغم مع خطورة المرحلة القادمة والخطورة هنا تعني الأهمية ، كما لا بد أن تتطابق النتائج مع الفكر والتصورات لان الفكر هومصدر كل حق.
إن الأمن القضائي يقترن بالأمن القانوني الذي يقترن بدوره بدولة القانون، ولا غروإن قلنا بان المساواة بين الخاضعين للقانون يمثل لا محالة الشرط الجوهري لوجود دولة القانون وعندها يكتسب الأشخاص والمؤسسات صفة الشخص القانوني «la personne juridique» كما أن المساواة في تطبيق القانون تعتبر رافدا من روافد نهضة الدولة وفي سيادة القانون أمان المواطن وامن الدولة.
أولا : الأمن القانوني: «La sécurité juridique»
أ مفهومه:
ليس هناك أي تشريع في العالم على حد علمنا عرف الأمن القانوني لكن يمكن القول بان فكرة الأمن القانوني تعني التزام السلطة العامة بتحقيق قدر من الثبات للعلاقات القانونية وحد أدنى من الاستقرار للمراكز القانونية بهدف توفير الأمن والطمأنينة لجميع أطراف العقد القانوني «le contrat juridique».
إن نظرية الأمن القانوني ليست حديثة العهد ضرورة أن ألمانيا كانت السبّاقة في ترسيخ هذا المبدأ منذ سنة 1961 ، حيث أكدت المحكمة الدستورية هذا المبدإ وأصبح منذ ذلك الوقت مبدأ دستوريا يعلو ولا يعلى عليه وتم تكريسه كذلك من طرف محكمة العدل الأوروبية في سنة 1962 تحت عبارة الثقة المشروعة la confiance légitime التي هي متجانسة مع نظرية الأمن القانوني وهذا ما انتهجته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ سنة 1981.
ومهما يكن من أمر فان الفقه سواء كان قانونيا أم قضائيا لم يعرّف الأمن القانوني تعريفا صريحا والسبب في ذلك يرجع بالأساس لكون نظرية الأمن القانوني متعددة الأشكال protéiforme ومتنوعة المعاني polysémique وكثيرة الأبعاد multidinensionnel ،SPAN style= mso spacerun: yes وتأصيلا لكيانها كان شراح القانون كثيرا ما يلتجئون إلى جذع مشترك لمجموعة من الحقوق والمبادئ الواجب احترامها تأمينا لقاعدة قانونية سليمة من العيوب ونذكر من ذلك ولانحصر:
1) العلم بالقاعدة القانونية وإتاحة إمكانية الوصول إليها بسهولة: «accessible»
إن استخدام لغة واضحة في القانون تسمح للمواطن بادراك حقوقه وواجباته ، مما يعني أن تكون صياغة القانون بطريقة واضحة وأسلوب لا يحتمل التأويل لان في الإكثار من التأويل يصبح القاضي مشرعا وناطقا بالقانون حال كونه غير مختص بذلك وهذا ما أكدته محكمة العدل الأوروبية بسترازبورغ في أكثر من مناسبة.
2 اليقين القانوني :
يعتبر أساسيا خصوصا في مجال الحريات والعقوبات الجزائية فلا جريمة ولا عقوبة الا بنصّ قانوني سابق الوضع إلاّ ما كان اخف بالمتهم «la loi plus douce» والتأويل الضيق للنص الجزائي واحترام التقادم المكسب والمسقط للحق واحترام العقود المحررة طبق القانون باعتبار ان العقد هوشريعة المتعاقدين .
3 تحقيق دولة القانون :
إذا كانت الدولة وأجهزتها تخل باحترام القانون وتميز في المعاملات بين الأفراد فانه يصعب أن يسود جومن احترام القانون، فالقاعدة القانونية تجد سندها الأساسي في قيام السلطة العامة بفرض احترامه جبرا على الأفراد ، ولا تنجح الدولة في ذلك ما لم تكن هي النموذج الأول لاحترام القانون ، فلا سلطة تنفيذية ناجحة تستطيع فرض احترام القانون إذا لم تتقيد هي باحترامه وكل ذلك لا يتحقق إلا في دولة القانون تتحدد فيها المراكز القانونية وتحترم الحقوق قولا وفعلا.
4 تحقيق الاستقرار النسبي :
يشترط في التشريعات بجميع أنواعها وأشكالها نوعا من الثبات والاستقرار والابتعاد عن التعديل الدائم للنصوص القانونية مما يؤثر على استقرار الأوضاع والحقوق المكتسبة «les droits acquis» وعلى سبيل المثال اذكر النشاط الاقتصادي الذي بطبيعته ممتد في الزمن وجوهر الاقتصاد التعامل مع المستقبل والرهان عليه ، لذلك وجب أن تكون القاعدة القانونية استشرافية وطويلة النظر وليس معنى هذا أن يكون القانون قوالب جامدة غير متحركة وإنما المقصود ألا يكون تطور القانون وتعديله ميدانا للمفاجآت والهزات، فالقانون يعبر عن حاجات المجتمع وهي بطبيعتها في حالة تطور لا تقف ولا تني تبتدئ ولا تنتهي ولكنه تطور واضح المعالم ، لذلك فان الأمن القانوني أو الاستقرار القانوني لا يعني فقط حماية المراكز القانونية القائمة واحترام حقوق الأفراد وضمانها في الحاضر والمستقبل، لكن الأمر يعني أيضا وبنفس القوة احترام التوقعات والآمال المشروعة.
5 القطع مع القوانين البالية :
إن استمرار قوانين تآكلت بمفعول الزمن ولم تعد تتفق مع العصر واحتياجاته وبالتالي يصعب احترامها إن لم نقل سقطت في التطبيق بمفعول الزمن lois tombées en dése étude وهذا يولد مظهرا من مظاهر عدم الأمن القانوني بما يخلقه من أوضاع شاذة بين قانون غير مطبق وواقع جديد في أمس الحاجة لقاعدة قانونية معاصرة، فالأمن القانوني يقتضي الملاءمة المستمرة بين القاعدة القانونية واحتياجات المجتمع ، كما يجب معاصرة التطورات والمفاهيم الجديدة في أكثر من مجال لمواجهة احتياجات المواطن للقانون باعتباره مادة استهلاكية.
وتجدر الإشارة هنا إلى كون عديد القوانين من عهد البايات لازالت مطبقة من ذلك اذكر الأمر العلي الصادر في 4 جويلية 1929 والقرار الصادر عن المدير العام للفلاحة والتجارة والاستعمار المؤرخ في 18 أوت 1928 حقيقة انها مهزلة ضرورة انه نشرت لدى محكمة الاستئناف بنابل عديد القضايا الجناحية موضوعها تكسير ارض خاضعة لنظام الغابات وقطع ورفع أشجار غابية وقد تمسكت إدارة الغابات بتطبيق الأمر المؤرخ في 04/07/1929 على قطعة الأرض عدد72 الكائنة بمنطقة سيدي داود من ولاية نابل ونذكر من ذلك القضية ع192دد الصادر فيها الحكم بتاريخ 11/05/2011.
(يتبع)
٭ بقلم القاضي الطاهر بن تركية
(رئيس دائرة بمحكمة الاستئناف بنابل)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.