«السّوسة» هي تلك الحشرة ذات الأحجام الصغرى المختلفة والتي كلما اقتربت من أي شيء صلبا كان أم ليّنا الا ودخلته ونخرته وأفسدته وعقّمته خاصة اذا تعلق الأمر بالبذور حبوبا كانت أم بقولا. اذ تنخر لبها وتتركها قشورا لا تصلح لا للزرع ولا للأكل. وبالرجوع الى أوضاعنا الحالية كدت أجزم بأن السّوسة هي مصدر من ساس يسوس سياسة، معنى ذلك ان السّوسة والسياسة كلاهما واحد، حتى أن السياسي الذي لا يترك شيئا الا ونفذ اليه ونخره، وعقّمه يسمونه «سوسة». ناهيك انه اذا استعصى عليك أمر وجدت من ينصحك بالقول: عليك بفلان إنه «سوسة البلاد»، وزادك نصحا وتأكيدا على انه «زرسة مسوّسة» فممّا العجب من وحدة السّوسة والسياسة في الفعل والنتيجة؟ أليست كل أوضاعنا المسيّسة مسوّسة منخورة اللب فارغة لا شيء فيها سوى القشور التي لا تغني من جوع، ولا تثمر سمنة للجائع؟ السّوسة والسياسة عندي كلاهما واحد غير أن السّوسة تنخر حبة قمح او عدس او فول.. والسياسة تنخر اقتصادا، تنخر ثروة، تنخر وطنا. ولكن اي السياسات التي تصبح سوسة؟ انها سياسة «نحكم ولاْ نحرّمْ» بكل الطرق بما في ذلك قطع الطرق. يبقى اذا كان للسّوسة دواء لمقاومتها، فهل يتوصل مخبر لجنة حماية الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي الى اكتشاف دواء ناجع لمقاومة السياسة؟ وفي انتظار ذلك أعرف أن المزارعين ينشرون بذورهم للشمس لأن السوس يخشاها ويموت بلظاها، إذن لماذا لا ننشر أوضاعنا للشمس على حبل الغسيل مثلا؟