بين تأجيل موعد انتخابات المجلس التأسيسي الحاصل والموجود وفق ما أعلنته الهيئة المستقلة للانتخابات، وبين التوافق المنشود وفق «التوضيح» الصادر أول أمس عن الحكومة المؤقتة، بين هذا وذاك تظل البلاد تتأرجح ويظل الشعب يترقب وكله تطلع الى حسم هذا الملف وايجاد نهاية له تفضي الى إعادة الشرعية... وبالتالي الى إعادة الأمن والاستقرار. لا نعتقد ان حزبا او ناشطا سياسيا او مسؤولا لا يدرك دقة وخطورة الوضع الذي تعيشه البلاد.. ولا نعتقد أن أحدا يجهل العلاقة العضوية المباشرة بين تثبيت موعد للانتخابات وبين مزاج الناس الذين ملّوا الانفلاتات وهشاشة الوضع الأمني وغياب الاستقرار الاجتماعي.. لا نقول بهذا ان المطلوب هو اجراء انتخابات كيفما اتفق.. لكن المطلوب هو التوافق على موعد يراعي احتياجات الهيئة المستقلة للانتخابات وحاجة الناس الى موعد محدد يفضي لوضع نهاية لهذا الكابوس الذي ثقلت أعباؤه. واعتقادنا جازم بأن البلاد تزخر بالطاقات والكفاءات التي يمكن في عملها ان تصل الليل بالنهار في سبيل انجاز انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وتتوفر على كل المعايير الدولية للانتخابات الديمقراطية في آجال معقولة ومقبولة وتوفر اشارات وأجوبة مطمئنة للشعب التونسي لمختلف مكوناته. واذا كان موعد 24 جويلية قد أصبح مستحيلا للاعتبارات التقنية واللوجيستيكية، فإنه بالإمكان التوافق على موعد غير موعد السادس عشر من أكتوبر الذي أعلنته الهيئة المستقلة للانتخابات.. وهو تقريبا ما يفهم من تصريح المصدر الحكومي أول أمس.. والذي يترك الباب مواربا لهذا الاحتمال ويفتح بابا للأمل بقرب نهاية هذه الوضعية التي تردت فيها البلاد والتي تلقي بظلال كثيفة على الأمن والاستقرار وعلى مزاج الشعب وعلى توقه لتطبيع الاوضاع في البلاد والانصراف الى تحقيق الأهداف الكبرى للثورة. والأكيد أن كلمة التوافق الواردة في التوضيح الحكومي هي كلمة مفتاح يمكن أن تلتقي حولها كل العزائم الصادقة وكل الإرادات الخيرة لمختلف مكونات المشهد السياسي للتوصل الى حلّ وسط يحقق الغاية المنشودة في انجاز انتخابات تتوفر على المعايير الدولية وفي إرسال رسالة مطمئنة الى الشعب تساعد على قطع الطريق أمام الانفلاتات الأمنية المتكررة وعلى إعادة سلطة القانون والمؤسسات والانكباب على المشاكل الحقيقية للتنمية والتشغيل في كل ربوع تونس وبخاصة في الجهات الداخلية المحرومة.