المتتبع للآثار العربية يرى وعن جدارة واستحقاق ما وصل اليه الفن المعماري في عصور النهضة. ولا أدل على ذلك من المساجد والقصور والمدارس والقلاع والمآذن التي لا تزال تطاول الزمن وتتحدى حوادثه وأعاصيره، فبقيت حتى يومنا هذا تدهش المشاهد وتدفع المتتبع الى البحث عن سر هؤلاء الأعراب أصحاب هذه الحضارة العربية. وأكبر مثال القصور التي تركها الأمويون في بلاد الشام فقد كانت عجيبة في بنائها ومواقعها، عجيبة في أسرارها التيماتت بموت أصحابها وزالت بزوال العصر الذي تمت فيه، ولكنها بقيت حديث المحدثين وموضوع الباحثين والمؤرخين. فهذه القصور تمثل الجانب المدني للعمارة الأموية. أولا : القصور الأمية في فلسطين : قصر الميناء : تم بناء هذا القصر في فلسطين بالقرب من شاطئ بحيرة طبريا في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك وبنيت جدرانه من أحجار كلسية، أما أرضية القصر فهي من الفسيقساء والرخام، وزينت القاعات بلوحات فنية رائعة. القصور المكتشفة مؤخرا في القدس: بعد حرب 1976م قام عالم الآثار الصهيوني «مازار» مع طلابه بحفرياته في القدس، وكان يهدف الى توسيع حدود حائط المبكى وإبراز معالم الهيكل، وفي عام 1970 كان الأثري بن دوف» مساعد «مازار» قد اكتشف في السوية الاسلامية وتحت مدينة البنات التي هدمت في حي المغاربة ثلاثة قصور أموية بنيت في عهد الوليد بن عبد الملك. ثانيا : القصور الأموية في لبنان : إن عنجر الواقعة في منتصف طريق دمشقبيروت هي موقع أموي أصيل، ولقد قام الوليد ببناء قصر في عنجر ويتألف القصر من قسمين متشابهين وهو مبني من الحجر المنحوت والآجر، وما تزال بقايا من مدينة عنجر وقصرها شاهدة على حضارة الأمويين. ثالثا : القصور الأموية في سوريا : قصر معاوية «قصر الخضراء» : لم يعرف معاوية من القصور الا هذا القصر الذي بناه أيام ولايته على الشام كدار للإمارة، ولقد سكنها أربعين سنة، وبناء القصر كان محاذيا للمسجد الأموي، ويعدّ أول قصر عربي يشاد في بلاد الشام، ولقد أصابه الخراب، ثم الدمار، ولم يبق له أثر. قصر أسيس : ويعدّ من أقدم قصور البادية، ويقع على بعد 105 كليومترات من دمشق، وهو يضم أول جامع وحمام يقع خارج المدن، وكذلك إن زخرفته من أقدم الزخارف الأسلامية، بناه الوليد بن عبد الملك. قصر حوارين: بناه يزيد بن معاوية، ولقد كان مولعا مع أمه ميسون بحياة البادية بين أهل أمه، فبنى هذا القصر ليكون منتجعا لهم. القصر الأبيض : روى المؤرخون أن الوليد أنشأ هذا القصر وأقام فيه، وهو يقع بالقرب من جبل أسيس، ومبني من البازلت ومؤلف من طابق واحد. قصر الرصافة : الرصافة مع قصورها مدينة أموية في البادية السورية قرب مدينة «تدمر» سميت برصافة هشام، ولقد سكنها الخليفة هشام بن عبد الملك حتى وفاته، وبنى فيها قصوره، القصر الأول عبارة عن شبه حصن، تم الكشف عنه عام 1952م وهو مبني من الطوب والآجر والحجر، أما القصر الثاني فكان يستخدم لحفلات الاستقبال وله قبة خضراء يجلس تحتها الخليفة، واستمرت رصافة هشام مسكونة حتى القرن العاشر. وتضم القائمة عدة قصور أخرى مثل القصور الأموية في الأردن والعراق وسائر بلاد الشام. وهي كلها رمز للمعمار الاسلامي الراقي.