بمجرّد تعطل مصالحه داخل الادارة أو بالمستشفى وبالمؤسسات التربوية يدخل المواطن في صراع وخصام مع مختلف هذه الأطراف وازدادت بعد الثورة مظاهر التوتر الى حدّ اللجوء الى السب والشتم والعنف في بعض الأحيان. «الشروق» حاولت رصد أسباب تعمق التوتر داخل الادارة بعد الثورة وكشفت الدوافع النفسية التي تجعل المواطن متوترا وتدفعه الى القيام بردة فعل سلبية إزاء الموظف. بداية أكد السيد أنيس أنه قصد احدى البلديات وسط العاصمة لاستخراج بعض الوثائق التي يحتاجها في استكمال ملف كان بصدد إعداده لتحصيل وظيفة ولكنه اصطدم بالطابور وبطء الخدمات واضطرّ الى الانتظار حوالي ساعة كاملة. وأضاف: «اعتقدت أنّ الخدمات الادارية بعد الثورة وطرد وتطهير الادارة من رموز الفساد ستكون أكثر تطوّرا ولكن للأسف ظلت المعاملات على حالها ولم يتم تعصيرها ولم تتغير عقلية الموظفين وأسلوب تعاملهم مع المواطنين. السيد محمد قال: «إنّ الخدمات الادارية مازالت رديئة وعقليات الموظفين متكلسة لم تتغير ولم تواكب ما حصل في تونس من ثورة». وتابع: «الادارة لم تتخلص من «الأكتاف» ومبدأ «الأقربون أولى بالمعروف» وتفضيل هذا المواطن على ذاك. وتشير السيدة غالية: «يوجد نقص فادح في عدد الأعوان في مختلف مراكز البريد وكذلك تتعطب التجهيزات الاعلامية لتتعطل مصالحنا (...) وتكشف أن المواطن كان يعلق آمالا كبيرة على تعصير الخدمات الادارية والارتقاء بها الى الأفضل لكنها ازدادت رداءة». وعن الدوافع النفسية التي تجعل المواطن متوترا ويتلجئ الى العنف في بعض الأحيان تؤكد الدكتورة عفاف كرعود شرّاد، الأخصائية في علم النفس: «نعيش مرحلة انتقالية صعبة نوعا ما وبروز بعض مظاهر التوتر داخل الادارة له ما يبرّره وقد تبدو في اللاّ شعور طبيعية. فالتونسي كسر هاجس الصمت والخوف وحتى خطابه وأسلوبه في التعبير تغير لا داخل الادارة فحسب بل حتى بالمؤسسات التربوية وفي المدارس الاعدادية. والمواطن بمجرد دخوله الادارة يشعر بأن مصالحه ستتعطل فيقوم بردّة فعل متشنجة. داخل الادارة أيضا الموظف بمجرّد تعرضه للعنف اللفظي قد يبادر الى ردّ الفعل ولتتعطل مصالح المواطنين أكثر وتزداد رداءة الخدمات. وتضيف: «سلبيات العهد السابق وحالة الكبت التي تواصلت لسنوات طويلة ساهمت أيضا في ما نشاهده من انفلات نسبي في السلوك والتصرّفات ونأمل أن نتجاوز هذه المرحلة وتتحسن الخدمات الادارية وتتوطد العلاقة بين المواطن والموظف.