يعتقد بعض صناع السياسة في حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش أن الوقت قد حان للبدء في سحب القوات الأمريكية من العراق حتى لو لم تتمكن من فرض حالة الاستقرار والديمقراطية هناك وهو الشعار الذي رفعه المحافظون الجدد بعد إخفاقهم في إيجاد أسلحة دمار شامل في العراق الذي سوغوا به الحرب على العراق واحتلاله. وتقول مصادر مطلعة داخل الحزب الجمهوري أنه رغم ما يبديه بوش من رفض للاعتراف بوجود نية للانسحاب من العراق فإن هناك اتجاها بدأ بالتنامي داخل حكومة بوش يدعو إلى استغلالالانتخابات المقرر إجراؤها في العراق في شهر جانفي المقبل لوضع خطة لسحب تدريجي للقوات الأمريكية. ويتكهن مؤيدو المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، جون كيري، الذين لديهم خبرة في السياسة الخارجية أن كيري في حال فوزه سيتخذ على الفور قرار الانسحاب من العراق. وأيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثاني من شهر نوفمبر المقبل، فإنه سيتلقى تقريرا من هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية بافتقارها إلى قوات أمريكية كافية في العراق لشن حرب فعالة ضد المقاومة العراقية، وهو ما قد يترك للرئيس الجديد أن يقرر تبني أحد الخيارات الواقعية الثلاث: زيادة القوة العسكرية الشاملة لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في العراق، أو البقاء بالقوة الحالية لمواصلة الحرب هناك، أو الانسحاب. وتؤكد المصادر ذاتها أن القرار الذي سيتخذه الرئيس المنتخب سيكون الانسحاب من العراق. وذكرت صحيفة شيكاغو صن تايمز أن توصية الانسحاب من العراق قدمها طاقم بوش للأمن القومي والتي سيتبناها أيضا كبار المسؤولين في حكومة بوش في ولايته الثانية في حال فوزه، حيث تتكهن مصادر أمريكية مطلعة أن تتولى مستشارة بوش الحالية للأمن القومي كوندوليسا رايس منصب وزير الخارجية فيما قد تسند حقيبة الدفاع إلى نائب وزير الدفاع الحالي بول وولفويتز فيما سيتولى ستيفن هادلي نائب رايس حاليا منصب مستشار الأمن القومي. ويعترف مسؤولون أمريكيون ومصادر الاستخبارات الأمريكية أن من الممكن أن يدخل العراق في حالة من الفوضى بسبب استمرار الحرب الداخلية للسيطرة على السلطة لكن هذا لن يؤدي إلى تقسيم البلد. وتقول الصحيفة أن المسؤولين في حكومة بوش ينظرون إلى الفوضى التي قد تعم العراق مستقبلا على أنها أفضل بكثير من نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين الذي أطاحت به قوات الغزو الأمريكي. ويشير بعض المسؤولين الأمريكيين في مجالسهم الخاصة أن الخطأ لم يكن بإسقاط نظام صدام حسين، بل في البقاء في العراق لبناء الدولة بعد الإطاحة بنظامها السابق، وأن التخلي عن بناء الديمقراطية في العراق سيكون ضربة مخيفة لحلم المحافظين الجدد وأن ابتعاد حكومة بوش عن تلك الفكرة قد ظهر في رد الفعل المتحفظ تجاه القرارات السلطوية الأخيرة التي اتخذها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتشديد قبضته على السلطة في موسكو، حيث يقدر المسؤولون الأمريكيون بأن بوتين مصمم على الحيلولة دون تحلل روسيا وتجزئتها حتى لا تصبح فريسة لما يسمونه «الإرهابيين» الذي لن يكون في صالح الولاياتالمتحدة.