يعكف أعضاء طاقم الرئيس بوش للأمن القومي والسياسة الخارجية على بحث عدد من الخيارات الخاصة بالوضع العراقي، التي تشكل تراجعا لاستراتيجية البيت الأبيض الخاصة بنقل السلطة إلى العراقيين وإضفاء مشروعية (عراقية) على الاحتلال الأمريكي. وتقول مصادر أمريكية أن من بين هذه الخيارات اقتراحا كان تم إثارته لأول مرة في شهر سبتمبر الماضي، يحظى بتأييد نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ويدعو إلى نقل السلطة في وقت مبكر في موعد لا يتجاوز الأول من شهر أفريل المقبل إلى مجلس الحكم المعين بعد توسيعه ليضم عددا أكثر من الشيعة العراقيين، في خطوة تستهدف إقناع السيد علي السيستاني بالموافقة على تأخير الانتخابات. غير أن مسؤولا أمريكيا كبيرا ذكر أن اقتراح تأجيل نقل السلطة إلى العراقيين إلى أن يتم تنظيم الانتخابات، يلقى معارضة المسؤولين في البيت الأبيض الذين يريدون أن يكون بوش قادرا على القيام بحملة إعادة انتخابه على أساس عملية ناجحة لنقل السلطة إلى العراقيين. وتضيف هذه المصادر أن هذا الاقتراح الذي كان الحاكم الإداري العسكري الأمريكي في العراق بول بريمر قد تجاهله، قد تم الآن إحياؤه، حين أعرب رئيس مجلس الحكم لهذا الشهر عدنان الباجه جي عن تشجيعه القوي للاقتراح في محادثاته مع المسؤولين الأمريكيين خلال زيارة وفد المجلس إلى واشنطن الأسبوع الماضي. غير أن وزارة الخارجية الأمريكية وموظفي مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية يعارضون هذا الاقتراح. وعزا مسؤول أمريكي كبير معارضة الاقتراح في جانب منها إلى انه سيبقي السلطة بيد عراقيين لا يتمتعون بتأييد شعبي، وأن العراقيين ينظرون إليهم كأدوات أو جواسيس أمريكيين، وأن تسليم السلطة لهم قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في العراق. وتفضل مستشارة بوش للأمن القومي كوندوليسا رايس وكبار الدبلوماسيين الأمريكيين ما تصفه المصادر ذاتها «أسلوبا بطيئا» يدعو إلى انتظار ما سيقدمه فريق الأممالمتحدة الذي قرر الأمين العام كوفي عنان إرساله إلى العراق لتقصي إمكانية إجراء انتخابات حرة وذات صدقية وفق مطالب السيستاني. ويأمل هؤلاء أن يؤكد الفريق الدولي موقف البيت الأبيض بأنه لا يوجد وقت كاف لتنظيم انتخابات كاملة وإقناع السيستاني بالتخلي عن طلبه. وفي حال رفضه التوصل إلى حل وسط فإن الخيارات المقدمة من الخبراء البريطانيين والأمريكيين تشمل إجراء انتخابات لتشكيل جمعية وطنية مؤقتة في بعض أجزاء العراق أو إجراء انتخابات لا تلبي المقاييس الدولية. وتقول مجموعة صحف نايت ريدر أن تشيني ورامسفيلد يعتقدان أن تسليم السلطة إلى مجلس حكم موسع يمكن أن يسترضي السيستاني في الوقت الذي يضمن فيه استمرار نفوذ الموالين لهم وأن نفوذهم سيكون حاسما حول الاتفاق الأمني الذي تعكف الحكومة الأمريكية مع أعضاء مجلس الحكم على وضع بنوده التي تنص على وجود عسكري طويل المدى لقوات أمريكية في العراق. وقال مسؤول أمريكي كبير إن تشيني ورامسفيلد قلقان من أن الانتخابات في العراق قد تؤدي إلى تنصيب حكومة مناهضة للولايات المتحدة من شأنها أن تلغي أي اتفاقية أمنية تدعو إلى منح الولاياتالمتحدة قواعد عسكرية دائمة في العراق. وتقول مصادر مطلعة أن رامسفيلد يتحدث في مجالسه الخاصة ضد السيستاني الذي يتهمه بأنه ينسق تحركاته ومواقفه مع إيران.