وصفت مصادر من وزارة البيئة والفلاحة الحرائق التي التهمت أكثر من 200 هكتار من غابات «دار شيشو» ب «الخطيرة» و«الحرجة».. ونبّهت الى إمكانية حصول كارثة بيئية لولا السيطرة على الأوضاع مبدئيا.. كما أشارت الى الانعكاسات السلبية للحرائق على البيئة وصابة الفلاحة وحتى على التشغيل والمعمار!! «الشروق» حاولت معرفة حقيقة الوضع في «دار شيشو» وتأثيرات الحرائق على المنطقة... كما اتصلت بمصادر من وزارة الفلاحة والبيئة لمعرفة التدابير المتخذة لتجنب الحرائق وسط وضع أمني حرج ودقيق بعد الثورة.. كما حاولت معرفة حقيقة ما يروّج حول حرق الغابات «بفعل فاعل» من أجل تحويلها الى أراض سكنية في منطقة استراتيجية بالوطن القبلي. ذكر السيد حسين البحري رئيس الدائرة الغابية الفرعية بقليبية انه تم التحكم يوم 18 جويلية في حريق دار شيشو الذي اندلع يوم 14 جويلية. لكن ألسنة اللهب مازالت موجودة داخل الغابات في منطقة تتراوح مساحتها بين 200 و300 هكتار.. ومن المنتظر ان يتم القضاء نهائيا على الحريق خلال عشرة أيام ما لم تحدث مستجدات مثل إعادة التهاب بقايا الجذور وتوسّعها بفعل الريح. وقال «لقد وصلنا الى مرحلة حرجة وخطرة في المنطقة لكن الحمد لله تمّت السيطرة مبدئيا على الحرائق وتحكمنا في الوضع... وأضاف ان التخوّف كان من انتقال النيران والحريق الى 12 ألف هكتار من الغابات الموجودة في المنطقة، وتلعب هذه الغابات دورا هاما في الحفاظ على مخزون الماء والآبار. كما تقوم بجلب الأمطار والحفاظ على الكثبان الرملية المهددة باكتساح المنطقة والزحف على المناطق العمرانية.. كما تقوم بدور حاجز الرياح وتحمي صابة الطماطم والفلفل والاراضي الزراعية المتاخمة لغابات الوطن القبلي. «عيون لا تنام»! استقرار الوضع حاليا جاء نتيجة عمل متواصل من أطراف متعددة من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع الوطني ووزارة الفلاحة والبيئة.. حيث ساهم في عملية تطويق الحريق حوالي 120 جنديا، و300 عامل من أعوان الغابات و65 عونا من الحماية المدنية وعشرة فنيين، وعمال وأعوان كما تم توفير آلات كاسحة وشاحنات وطائرات مروحية (4 هيليكوبترات) وطائرة خطية ومجموعة من العملة والأعوان والمواطنين. ويتواصل استعداد واستنفار كل الأطراف لمواصلة السيطرة النهائية على الوضع وتؤكد مصادرنا ان العمل يتم ليلا نهارا بالتداول بين مجموعة من الفرق دون توقف. من جهته أدرج السيد الحبيب عبيد (مدير المحافظة على الغابات بوزارة الفلاحة والبيئة) الحريق الذي عرفته دار شيشو ضمن الحرائق السنوية التي تعرفها البلاد... وتتراوح معدلات الحرائق سنويا ببلادنا بين 300 هكتار و1400 هكتار. لكن ما يميّز حريق دار شيشو هو نوعية الاشجار «الصنوبر» التي تحتوي مواد سريعة الاحتراق والالتهاب. وأشار الى رغبة بعض المواطنين في التخلص من الغابة واستغلال هذه المساحات القريبة من البحر. وأضاف ان المصالح المختصة بوزارتي الداخلية والعدل تقوم حاليا بالتحقيقات اللازمة لمعرفة حقيقة الأسباب التي تقف وراء احتراق هذه الغابات، والتي تجاوزت ال 200 هكتار. وترتبط هذه الاراضي بعقد تشجير يتواصل منذ عقود وهو ما لم يعد يعجب بعض المواطنين الراغبين في استغلال الاراضي ذات الموقع الاستراتيجي المحاذي للبحر في الوطن القبلي. وقال السيد الحبيب عبيد، ان الكثير لا يعرفون ان هذه الغابات تلعب دورا هاما وأساسيا في حماية الأراضي الفلاحية، والمناطق العمرانية من زحف الرمال الشاطئية... وانها تحمي ثروة من الاراضي المعدة لزرع الفلفل والبطاطا والطماطم.. كما تحمي هذه الاراضي من التملح. وأكد محدثنا عدم مساس هذه الحرائق بحيوانات ونباتات دار شيشو النادرة، حيث تم تطويق النيران قبل الوصول اليها.. كما أكد على وجود مخطط لحماية وإغاثة الحيوانات النادرة الموجودة في المنطقة في صورة وصول الحريق هناك. وقد تمت الاستعانة بالأعوان والامكانيات المتواجدة بالمناطق المجاورة في سوسة وسيدي بوزيد وجندوبة لتطويق الحريق. مع العلم ان هذه السنة قد تم تسجيل حرائق بكل من الكاف وجبل عمار والقصرين. ويمثل شهرا جويلية وأوت شهري الحرائق في بلادنا حيث يتم تسجيل ذروة الحرائق خلال هذه الفترة... كما لاحظ السيد عبيد وجود برامج لتعويض ما تم اتلافه. على طاولة الوزير مصادر مطلعة من وزارة الفلاحة والبيئة أكدت ل «الشروق» وجود ملف هام يتم دراسته بالوزارة من أجل التحسيس والتذكير بالعقوبات المسلطة على من يتعمد احراق الغابات والمناطق الطبيعية. وقالت مصادرنا ان مصالح وزارة الفلاحة والبيئة «تستغيث» من الحرائق . وتذكر بالفصل 307 من القانون الجبائي.. وأن ملف الحرائق هو الهاجس البيئي حاليا. مصادرنا أكدت وجود تحرّكات من أجل القيام بخطة عمل واجراءات جديدة في هذا المجال.. خاصة أن الحرائق عادة ما تقضي على مجهود عقود من التشجير والعناية.