* بعض اهل العلم يقولون: إن الفرق بين الاخلاص والصدق: أن الصدق هو الاصل، والاخلاص متفرع عنه. * وبعضهم يقول: بأن الاخلاص لا يكون الا بعد الدخول في العمل، وأما الصدق فيكون بالنية قبل الدخول فيه. * وابن القيم رحمة الله يذكر فرقا اخر وهو: ان الاخلاص هو افراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة، او تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، وأما الصدق فهو التنقي من مطالعة النفس، فالمخلص لا رياء له، والصادق لا اعجاب له، ثم يذكر أن هذه الامور بينها تلازم ولا انفكاك لاحدها عن الاخر. * ويمكن ان نعبر عن الفرق بينهما بعبارة واضحة وهو ان يقال: ان الاخلاص هو ان تفرد الله عز وجل بقصدك، وأما الصدق: فهو الموافقة بين الظاهر والباطن هذا في الاعمال وفي الاحوال. وفي الاعمال: بحيث ان الانسان لا يظهر اعمالا صالحة وقلبه ينطوي على غير ذلك. وفي الاحوال: بحيث ان الانسان لا يظهر خشوعا، او صلاحا، وقلبه ينطوي على خلاف ذلك، فهذا غير صادق وكذلك في الاقوال: الصدق فيها بموافقة ا لقول لما في القلب، فمن قال قولا، ولو كان مطابقا للواقع، ولكنه يخالف ما في مكنونه، فإنه يعتبر كاذبا بذلك، فلو سئل عن فلان اين هو؟ فقال: فلان مسافر، وهو يعتقد انه موجود ولكن صادف ان قوله وقع على الحقيقة بحيث ان فلانا قد سافر فعلا وهو لم يعلم، فقال: إنه مسافر وهو يظن انه موجود، فإنه يكون بذلك كاذبا مع ان قوله طابق الواقع. وكذلك ايضا اذا خالف ما في الواقع، وإن لم يقصد ذلك كما هو استعمال السلف كثيرا، وهو استعمال عربي معروف لكلمة: «كذب» التي تقابل الصدق، فإذا قال مثلا فلان مسافر وهو يعتقد انه مسافر، فتطابق قوله مع ما في مكنونه ولكنه اخطأ ذلك وتبين ان فلانا لم يسافر، فالسلف كانوا يقولون عن ذلك بأنه كذب، ويعدونه من الكذب لا الكذب المذموم الذي يعاقب عليه صاحبه، وإنما يطلقون ذلك على كل ما خالف الواقع والحقيقة، ولهذا تجد في اقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم: «كذب فلان» من الصحابة، عائشة رضي الله عنها تقول: «كذب فلان» ماذا تقصد بذلك؟ لا تقصد التهمة، إنما تقصد معنى اخر وهو أنه أخطأ.