كان نور الدين عازما على الاستيلاء على مصر لذلك انتهز الفرصة مرة اخرى وارسل للمرة الثالثة قائده شيركوه بمعية صلاح الدين، وما ان وصلت الجيوش الشامية وانضم اليها الجيش المصري حتى بادر الصليبيون بالانسحاب وفك الحصار دون قتال. ودخل شيركوه الى القاهرة دخول القائد المنقذ فهلل له الناس واستبشروا به وقربه الخليفة الفاطمي العاضد منه وخلع عليه ثم دبرت مؤامرة ضد شاور السعدي فقتل سنة 564 هجري وانتصب اسد الدين شيركوه وزيرا للخلافة الفاطمية ولكن لم تدم وزارته اكثر من شهرين فتوفي في جمادى الثانية سنة 564 هجري 1669 ميلادي . وبينت المواقف التي وقفها صلاح الدين مع عمه عماد الدين شيركوه في معارك مصر مع الصليبيين والجيوش المصرية ان شخصيته نادرة في الشجاعة والحنكة والسياسة والخبرة في فنون الحرب والقتال وكأن الاقدار قد هيأته منذ نعومة اظفاره وتدرج شبابه ليكون الشخصية الفذة في التاريخ والبطل العظيم في معارك التحرير من الصليبيين ولا شك ان المعارك الاولى التي خاضها مع عمه في حروب مصر زادته قوة وخبرة وملأت نفسه ايمانا وثقة وكشفت عن بطولته التي كان لها الدوي الكبير في مسامع التاريخ اضافة الى سياسته الفائقة في ضم البلاد مع بعضها تحت وحدة سياسية شاملة وجبهة اسلامية واحدة وهذا من العوامل الاساسية التي اعجزت الصليبيين وحققت الانتصار في حطين . وقد كتب كثيرون عن شخصية صلاح الدين الايوبي فوصفوها بعديد الاوصاف الحميدة فقد اشتهر عند اغلب المؤرخين منذ ايام شبابه الاولى رافقته طيلة حياته واهمها التقوى والايمان الراسخ وقد اورد القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد الذي عاصره واجتمع به وعرف اخباره في كتابه سيرة صلاح الدين ،انه كان رحمه الله حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى وقد اخذ عقيدته على الدليل بواسطة البحث مع مشايخ اهل العلم واكابر الفقهاء وكان شديد المواظبة على الصلاة حتى انه ذكر يوما انه من سنين ما صلى الا جماعة. وكان يصلي في مرضه الذي مات فيه وما تركها ابدا واما الصدقة فقد استغرقت جميع ما ملكه من الاموال، اذ انه لم يخلف في خزانته يوم مات الا سبعة واربعون درهما ولم يخلف ملكا ولا دارا ولا عقارا ولا بستانا ولا اي شيء من انواع الاملاك وقد كان عازما على الحج عام وفاته ولكن المنية عاجلته. وقال القاضي بهاء الدين في وصف عدله. كان على جانب كبير من العدل والرحمة والرأفة ونصرة الضعيف على القوي. وكان يجلس للعدل كل يوم اثنين وخميس في مجلس عام يحضره الفقهاء والقضاة والعلماء ويفتح الباب للمتحاكمين حتى يصل اليه كل احد من كبير وصغير وعجوز هرمة وشيخ كبير. يتبع