رغم الوفرة في المنتوجات الغذائية تشهد الاسواق ارتفاعا في الاسعار فاق احيانا المتوقع وفقا لما تم رصده خاصة في ما يتعلق بالغلال. وضع تجاري صعب جعل الكثير من المستهلكين يدخلون في التقشف بتغيير العادات الاستهلاكية. تونس الشروق: «لم يعد هناك مجال للشهوات خلال رمضان هذا العام فالأسعار سدت الانفاس واصبح المستهلك ينظر الى الاسعار قبل ان يجول ببصره في ما يتم عرضه من خضر وغلال وشخصيا لا اجد اي تبرير منطقي لهذه الزيادات» هكذا يقول شكري الموظف السامي في احدى المؤسسات العمومية. انهيار المقدرة الشرائية قال شكري إن ارتفاع الاسعار اغرق الفقير في فقره وطال ضرره الطبقة المتوسطة فتآكلت قدرتها الشرائية مضيفا وهو يمسح بمنديل صغير على نظارته الشمسية مطيلا النظر اليها «اختارت زوجتي البقاء في المنزل لتربية بناتنا الثلاث حدث هذا حين كان للطبقة المتوسطة مجال للعيش الكريم ولتحقيق جانب من الرفاهية الا اننا وبعد مضي 15 عاما على اتخاذها لهذا القرار وجدنا انفسنا امام ضرورة اعادة النظر ومراجعة هذا القرار وذلك بخلق مورد رزق جديد للاسرة وسأحصل قريبا على قرض لافتتاح مشروع صغير ستهتم به زوجتي لعلنا نحافظ على مستوى عيشنا». ولإن اهتدى شكري وزوجته الى حل سيساعدهما على مجابهة تحدي انهيار القدرة الشرائية فان ياسر وهو موظّف في احدى الدوائر البلدية بالعاصمة قال انه عجز عن ايجاد حل يساعده على توفير حاجيات عائلته وفي الان ذاته يساعده على الادخار لتأمين مصاريف زواجه بعد خلال العام المقبل قائلا «الاسعار ارتفعت بشكل كبير سواء قبل رمضان او خلال النصف الاول لرمضان فالقفة الرمضانية يوميا لا تقل عن 20 دينارا يعني ان مصاريف شهر رمضان تناهز 600 دينار وهو مبلغ يحصل عليه البعض كأجر شهري فكيف يستطيع تامين حاجياته الغذائية وحاجياته من اللباس والمسكن والعلاج». واكد ياسر ان ارتفاع الاسعار خلال النصف الاول من شهر الصيام رغم تطمينات جميع المسؤولين احدثت نوعا من التململ في حيّه واصبح الموضوع اساسيا في نقاش الناس في المقاهي مع بروز حالة من اليأس بخصوص حلحلة الوضع ووضع حد لنزيف الاسعار. التضخم يشتكي اغلب المستهلكين من الزيادة في اسعار الغلال رغم ان الكثير منها فصلية ويتزامن شهر رمضان مع موسم إنتاجها مثل الخوخ والعوينة والمشمش ويفسرون ذلك بتعدد الايادي في ترويج هذه المواد فعملية البيع تمر من المنتج بأيادي العديد من السماسرة والڤشارة قبل وصولها الى المستهلك وبالتالي يتضخم هامش الربح فيها ليصل احيانا اضعاف اضعافها. كما يشتكي هؤلاء من الزيادة في اسعار اللحوم بجميع أنواعها وكذلك اسعار الأسماك والخضر مؤكدين ان السلطات تبدو عاجزة عن ايجاد حل لحماية الحلقات التجارية من تدخلات السماسرة والڤشارة. ورغم هذا الغلاء الا ان الارقام الرسمية تؤكد الزيادة في الاستهلاك خلال شهر رمضان ورغم اشتداد الازمة الاقتصادية في البلاد وبلوغ نسبة التضخم مستويات قياسية الا ان ارقام المعهد الوطني للاستهلاك تشير الى ارتفاع نسبة الاستهلاك لتبلغ 29.4 ٪ واوضح طارق بن جازية ان هذه الزيادة تشمل خاصة الخبز بنسبة 58 ٪ والبيض ب58 ٪ ومصبرات التن ب111 ٪ والمشروبات الغازية ب115 ٪ والجبن المبشور ب100 ٪ واللبن 680٪. نسب قد تخفي تغيرا في الاطباق التي اصبح يستهلكها التونسي امام الزيادة في اسعار اللحوم والخضر فالكثيرات وضغطا على ميزانية الاستهلاك غيّرن من طبيعة الاطباق الرمضانية حتى تكون اقل كلفة. وهو ما اكدته زهرة وهي خمسينية تشتغل في حمام شعبي اذ تقول ل»الشروق» إنها جعلت من البيض مكونا اساسيا في أطباقها الرمضانية وهي التي لم تعد قادرة على اقتناء اللحوم والأسماك». وقد شهدت اسعار الاستهلاك زيادة بنسبة 1 ٪ خلال شهر افريل الماضي مقابل زيادة ب0.7 ٪ خلال شهر مارس وفقا لارقام المعهد الوطني للاستهلاك. وتعود هذه الزيادة الى ارتفاع اسعار الملابس والغذاء والنقل كما ارتفع معدل التضخم وفقا لنفس المصدر الى 7.7 ٪ مقارنة ب7.6 ٪ في الشهر السابق و7.1 ٪ في شهر فيفري الماضي. وتفسر هذه الزيادة وفقا لمعهد الاستهلاك بالزيادة في اسعار الغذاء بنسبة 8.9 ٪.