تونس «الشروق»: فاجأت الفنانة زهيرة سالم، مساء أول أمس الثلاثاء 29 ماي 2018، جمهور مهرجان ليالي باب سويقة بالعاصمة، باصطحاب الفنانة القديرة صفوة الى جانبها و اقتسام السهرة التي كانت مخصصة لها بمفردها، مع زميلتها، وذلك في حركة رمزية للتأكيد على نجوميتهما و خلود أغانيهما. زهيرة سالم، تحدثت وغنت في السهرة كما لم تغن من قبل. وكانت تلقائية إلى أبعد الحدود.. وتحدثت عن مرضها وعن العملية الجراحية الأخيرة على قلبها.. وعبرت عن حزنها على رحيل ابن الفنانة الراحلة شبيلة راشد، «خالد».. ورحبت بضيفتها وزميلتها الفنانة القديرة صفوة، مشدّدة على حقها في العمل، بعد مسيرتها الكبيرة في الفن.. كرم وحب وحزن، قيم ومشاعر امتزجت بالغضب، حين تحدثت نجمة السهرة عن أشباه الفنانات اللواتي أصبحن يسجلن أغانيها. وتقع برمجتهن في المهرجانات، ودعوتهن إلى بلاتوهات التلفزات.. غضب أو استياء، جعل زهيرة تعلن من ركح باب سويقة وبشهادة جمهورها الغفير الذي تفاعل مع كل ما قالت، مقاطعتها للقنوات التونسية. كل ذلك لم يمنع صاحبة «باطل يا حمة باطل» من التأثر بلحظات السعادة والنشوة، بتفاعل الجمهور معها وحبه الكبير لها، ولأغانيها، تفاعل تجسد بالتصفيق المستمر والزغاريد، والرقص والغناء معها، وخاصة بمطالبتها بمواصلة الغناء، كيف لا وقد تحدت نجمة الحفل مرضها. وأهدت جمهورها موّالا شرقيا في مقام الصبا، بصوت مازال يحافظ على قوته ونقاوته، وفي طبقة لا تصل إليها أصوات أشباه الفنانات اللواتي تمررهن قنوات «الهشتك بشتك». مشهد غريب الحديث عن الموال، ذو شجون، لأن ما حصل بقلب ساحة باب سويقة أول أمس فعلا غريب: ساحة مفتوحة تعج بالجمهور والمارّة والجالسين بالمقاهي الشعبية في هذه المنطقة الشعبية، وأطفال يلعبون... ومع ذلك خيّم الصمت على ساحة باب سويقة لهول ما سمعوا.. إنّه صوت من الزمن الجميل، يهز الوجدان هزّا بنقاوته وحلاوته وقوته،صوت تسلطنت صاحبته وأدمعت عيون بعض الحاضرات الجالسات خلفنا، بعد أن رقصن على أنغام «لا لا رموش عيونك قتالة» و»يا بو الشعر العنابي» والأغنية الجديدة «خوذ كلامي» و»يا أمة براسك بريله»، ثم «ما هي بالفم المحبة» و»توبة» و»يا أمة سامحيني» بطلب من الجمهور و»باطل يا حمة». صفوة متميزة تفاعل كبير بين نجمة سهرة أول أمس بباب سويقة وجمهورها تواصل أكثر من ساعة زمن قبل أن تفسح الفنانة القديرة زهيرة سالم المجال، للفنانة صفوة، التي تخمرت هي الأخرى في الأجواء. وأطربت بموال في مقام البياتي. وأرقصت الجمهور على أنغام «ريحة البلاد» و»يالي ماشي للجزيرة» و»زرقة زرقة» و»دبلج وحديدة» و»هلي يا نجمة تتعلي»، أغان كان يحفظها الجمهور ورددها معها، إلى درجة جعل صفوة تنتشي بهذه الأجواء المميزة. صفوة هي الأخرى برهنت على أن الفنانين الكبار، والأصوات الفنية الحقيقية لا تتأثر بفعل الزمن فيها. بل إن هذه الأصوات المتمرسة، تزداد حلاوة كلما تقدم الفنان في السن، صفوة كزهيرة غنت فأطربت ورقصت فأرقصت. بل هي عبرت عن سعادتها فردت الزغاريد بزغرودة، شرقية، معبرة عن حبها للجمهور التونسي الذي يحترم فنانيه... سهرة الفنانة زهيرة سالم التي غابت عنها وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ستبقى عالقة في ذاكرة جماهير باب سويقة. وهي سهرة يجب أن تكون عبرة لمديري المهرجانات، حتى لا يواصلوا ظلمهم لفنانين ممن صنعوا مجد الأغنية التونسية كزهيرة وصفوة، وفي المقابل، يبرمجون فنانين ليس في رصيدهم أكثر من ثلاث أغان والباقي، إعادة لأغاني الأموات والأحياء، بموجبها يأكلون المال العام ويظهرون في المنابر للحديث عن فن أو أغنية هم أصلا لا يعرفونها أو لا يعرفون تاريخها.