في مثل هذه الايام قبل نصف قرن وعام عاشت امتنا العربية احداثا كانت مفصلا قاتلا في تاريخها الحديث..5/11 جوان 1967 :حرب يونية /حزيران او حرب الايام الستة او « النكسة» ..يوم الاثنين 5 جوان كانت الجماهير العربية تحتفل في الشوارع والساحات فقد اندلعت الحرب الموعودة مع العدو الصهيوني ...الساسة العرب واذاعاتهم اقنعونا بان الجيوش العربية ستلقي اليهود في البحر وسيقفل الفلسطينيون في طريق العودة الى ارضهم وديارهم. كان المد القومي في قمته وراء جمال عبد الناصر..ولكن كانت الهزيمة صاعقة، مدوية، اصابت القلوب والعقول بالشلل. الصهاينة استكملوا السيطرة على فلسطين واحتلوا سيناء المصرية والجولان السورية. وخرست اذاعة صوت العرب واختفى احمد سعيد الذي كان مجرد تعليق منه يحرك مظاهرة في نواق الشط ويشعل النار في عدن...استقال عبد الناصر لكن الجماهير المصرية تدفقت بالملايين للشارع تهتف « حنحارب» فعدل متماسكا ليعد لحرب ثارية وافته المنية (1970) قبل ان يخوضها خلفه في اكتوبر1973. ما تلاها كان مزيجا من ارادة مقاومة ما زالت تصارع وهجمة تامر وخيانات وخذلان ما فتئت تتصاعد...مقاومة تمثلت في ثورة فلسطينية مجيدة قادتها حركة فتح وجناحها العسكري العاصفة التي ردت الروح لشباب العرب مذ خاضت معركة « الكرامة» عام 68 وصفعت غطرسة موشي ديان الذي قاد حرب الايام الستة. ثم في حرب اكتوبر/ تشرين 1973 التي قلب السادات نصرها العسكري الى تطبيع وسلام مع العدو والى « موش حنحارب».. ثم كان التمدد في تنفيذ المشروع الصهيوني باحتلال اجزاء من لبنان وصولا الى احتلال بيروت وكانت وراء نشاة مقاومة ظلت تتنامى حتى طردت الصهاينة اذلاء تحت جنح الظلام. ومرت السنوات ثقيلة حبلى بمتناقضات وصولا الى فرز واضح...فرز بين حكام سلموا مقاليد الامر والنهي لقوى مستكبرة متصهينة مرورا بمجازر « ايلول الاسود» عام 1970 واخراج المقاومة الفلسطينية من الاردن ثم ملاحقتها في لبنان واخراجها منه عام 1982 ثم احتلال العراق وتدميره ثم « اتفاق سلام» اردني صهيوني واتفاق وهم التسوية بين ياسر عرفات والصهاينة ( اتفاق اوسلو) ثم اغتيال ابو عمار واحمد ياسين وصولا الى التطبيع العلني بل الى التحالف مع العدو من اجل قبر القضية الام قضية فلسطين و»صفقة القرن» عنوانها.. وفرز مع مقاومة لم تستكن وكانت كالعنقاء تشب نارا وقد ظنوها رمادا. وكان « ربيع» برنارد ليفي وجون ماكين فدك ما كان يمكن ان يكون مصدر قوة للمقاومة.وكانت داعش واخواتها وقد اعد لها منذ العام 2007 بمؤتمر ل»علماء المسلمين» في لندن..ودمرت ليبيا والقي بمصر في اتون معارك تفني الزرع وتجفف الضرع .. ودمر العراق وسوريا. ولكن بين ركام المدن وجثث الضحايا نبت اقحوان مصبوغ بلون الدماء يرسم بين القبور والدمار: «حنحارب» ..بالاظافر حنحارب .. باللحم الحي سنخترق رصاص الخيانة والتامر ونصال ترامب وناتنياهو.. لهم الامس واليوم .. ولنا اليوم والغد... وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة تدق ..