عاجل/ قضية عبير موسي..هيئة الدفاع تكشف تطورات جديدة..    الشركة اليابانية متعددة الجنسيات متسوي آند كو تستكشف السوق التونسيّة    ماكرون يعبر عن استعداده لحوار جاد وهادئ مع تبون    رسميّا: أربع قنوات تعلن نقل منافسات كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمجموعات    تقلبات جوية منتظرة: الحماية المدنية تقدّم جملة من التوصيات..#خبر_عاجل    عاجل/ نتنياهو يوجه هذه الرسالة لسوريا.. ويكشف أسرار "زيارة الجنوب"..    وزير التشغيل يتفق ونظيرته الجزائرية على دراسة إمكانية إحداث أكاديمية مهن مشتركة في إحدى المناطق الحدودية    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..أمطار بهذه المناطق..    يونيسف: استشهاد طفلين على الأقل يومياّ في غزة منذ وقف إطلاق النار    تدعو الى تعزيز التشريعات الوطنية لحماية الطفل    المؤتمر الدولي" من الزيتون الى الزيت....نحو انتاج مستدام وتميز في السوق العالمية" يوم 10 ديسمبر 2025 بصفاقس    وفاة شخصين وإصابة اثنين في انقلاب شاحنة بين منزل المهيري ونصرالله    مصر.. فضيحة تهز مدرسة دولية واتهام موظفين بالاعتداء على طفلتين    الويكاند : شوف برنامج مباريات الجولة 15 للرابطة المحترفة الأولى    شكون فاطمة بوش الفائزة بلقب ملكة جمال الكون 2025؟    وزير الشباب والرياضة يجتمع برؤساء وممثلي أندية الرابطة الثانية لكرة القدم    الدولي البرلزيلي السابق فيرناندينيو يعلن اعتزاله    نيجيريا: مسلحون يختطفون 52 تلميذا من مدرسة    قبلي: نزول كميات هامة من الامطار على عدد من مناطق الولاية واستبشار الفلاحين بها    المحامي منير بن صالحة يقترح نقل العاصمة إلى القيروان...علاش؟    قليبية: العثور على جثة مفقود داخل بئر في ضيعة فلاحية    ألعاب التضامن الاسلامي: تونس تحرز برونزية الفرق في سلاح السابر    انطلاق مهرجان الخط العربي بالجريد في دورته الخامسة    عدنان الشواشي يكشف تفاصيل "البدعة التلفزية" ما بعد الثورة... ويثير موجة تضامن واسعة    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    رابطة أبطال إفريقيا : تراكم الإصابات لا تثني الترجي عن البحث عن انطلاقة قوية أمام الملعب المالي    عاجل: المخدّرات وراء حرق 5 سيّارات بجبل الجلود    الخير جاي لتونس: ديسمبر يبدأ بالغيث النافع    10 سنوات سجنا لشاب نفّذ براكاج ضدّ سائق تاكسي في المروج    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    سناقرية: المساكني «إضافة للترجي حتى لو لعب بفوطة»    زلزال يهز هذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..خبر_عاجل    وزيرة الشؤون الثقافية تكشف ملامح الإصلاح الشامل للقطاع: مشاريع كبرى وهيكلة جديدة للتراث وخارطة وطنية للمهرجانات ضمن رؤية تنموية 2026–2030    مواعيد التأشيرات والرحلات للحجّاج التونسيين    كأس ديفيز للتنس: تأهل المنتخب الإسباني للدور نصف النهائي    "مفاجأة" في خطة إنهاء حرب أوكرانيا.. ضمانات غير مسبوقة    ممثّل عُمّال الحضائر جمال الزموري: القرار الأخير لتسوية الملفّ خطوة مهمّة... لكن    في مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية: انتقادات لضعف أداء القطاع الثقافي وتأخر البرامج والمشاريع    مكسيكية تفوز بلقب "ملكة جمال الكون" 2025    وزير التربية : الإصلاح التربوي في تونس سيقوده المجلس الأعلى للتربية    لبنان.. تحديد موعد محاكمة الفنان فضل شاكر أمام المحكمة العسكرية    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    المعلّق الذي شغل الناس .. عامر عبد الله موهبة إماراتية بروح تونسية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    عاجل: المسرحية التونسية'عطيل وبعد' تحصد 3 جوائز في مهرجان الأردن المسرحي    JMC VIGUS ب 70 مليون : البيك آب اللي كسّر الأسعار في تونس    الشتاء والماكلة: وقتاش ''لازمك تتعشى'' بش تحافظ على صحتك ؟    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    قهوة مصنوعة من الصراصير تثير الجدل    عاجل : خبر سار لصغار الفلاحين التونسيين ...اجراءات جديدة و هذه أهمها    يحي الفخراني في تونس    البنك الدولي يؤكد استعداده لدعم تونس في مجال المياه والأمن المائي    عودة أيام الصيانة هيونداي «Hyundai Care Days» : ألفا هيونداي موتور وتوتال إنرجيز يجددان التزامهما بحملة ما بعد البيع المميزة من 17 إلى 28 نوفمبر 2025    حيلة زوجان حققا تخفيض مذهل في فاتورة الطاقة    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفحات .. أنين ناي مولانا
نشر في الشروق يوم 09 - 06 - 2018


هل تعلمون من هو أكثر الكتاب قراءة في أمريكا؟
هو جلال الدين الرّومي. أفغاني المولد، فارسي اللّغة، حنفي المذهب، تركي المقام، متصوّف الهوى. هو محمد بن محمد البلخي. ولد ببلخ (في أفغانستان) سنة 1207 من والد فقيه. غادرت أسرته بلخ إثر الغزو الماغولي الذي هدّم المدينة ووصلت نيسابور حيث استقبلهم العالم المتصوّف فريد الدين العطّار ويروى أنه تلمّس في الصّبى جلال الدين مستقبلا مرموقا. ثم اتجهت الأسرة إلى بغداد حيث كان في استقبال الوالد وابنه كبار علماء المدينة، ثم من بغداد قصدت الأسرة مكّة لقضاء فريضة الحجّ قبل أن تعود إلى الشام. ويقال إن الشيخ محيي الدين بن عربي كان يلتقي بمحمّد وابنه جلال الدين وكان يرى الابن يمشي خلف والده فيقول: «بحر يمشي وراء بحيرة». انتقلت الأسرة بعد ذلك من الشام إلى بلاد الأناضول، التي كانت تُسمى «الرّوم الإسلامية»، بدعوة من السلطان السّلجوفي واستقرت بمدينة قونية حيث تولّى الوالد محمد المعروف ببهاء الدين منصب القضاء والتدريس إلى أن توفّي فخلفه ابنه جلال الدين. لكنه سرعان ما هاجر إلى الشام حيث تنقّل بين دمشق وحلب ليستكمل تعلمه وعاد إلى قونية عالما كبيرا لتدريس الفقه والتصوّف. غير أن حدثا سيغيّر حياته ومنهج عمله، ويتمثّل هذا الحدث في لقائه بأحد أعلام التصوّف شمس الدين التبريزي الذي فجّر فيه طاقاته الكامنة وأراه كما يقر هو بذلك «طريق الحقيقة وهو الذي أدين له في إيماني ويقيني».
تعليم شمس الدين لجلال الدين كان أشبه ما يكون بفصله عن حالة السبات التي يغطّ فيها ويدفعه للبحث عن الحقيقة. وكان شمس الدين يعيد قول السّنائي: «إن العلم الذي لا يحرّر النفس من النفس فإن الجهل خير منه».
كانت الثورة التي فجّرها شمس الدين التبريزي في نفس جلال الدين الرومي ثورتين اثنتين مقترنتين الواحدة بالأخرى. ثورة على المنظومة التعليمية وأساسا الدراسات الدينيّة التي صارت جافّة ولم تعد تخاطب الروّح وتحوّلت مدارسها إلى دكاكين، وثورة سياسية اجتماعية على حالة الاستكانة والفتور التي أصابت الجسم الاسلامي إثر الغزو الماغولي.
اتّجه جلال الدين إلى إصلاح وضع المسلمين مركّزا على معالجة الرّوح والمشاعر اعتمادا على قراءة للقرآن والسنّة تحيي نفس الإنسان المسلم وتنعشها وتسمو بها إلى أعلى درجة ممكنة وهي انسانيته التي لا يقبل معها خمولا ولا ضمورا. وكيف يقبل وقد اختاره اللّه خليفة له في الأرض؟
لقد عمل جلال الدين الرّومي على استنهاض الروح في الإنسان واستثارة الشوق فيه إلى المطلق، إلى الحقّ، إلى اللّه.
وقد اخترنا من آثار الرومي قصيدته الشهيرة «أنين الناي» التي يفتتح بها ديوانه «المثنوي». والمثنوي هو شكل فارسي في كتابة الشعر على طريقة «المزدوج» تتّحد فيه قافية شطري كل بيت لكن القافية لا تتّحد مع قوافي الأبيات الأخرى:
استمعْ من الناي إذ يَشْكُو
فما إن قطّعوني من مزرعةِ القصب
حتى بدأت أئنّ ويئن معي الرجال والنّساء
إني أطلبُ صدرًا قد مزّقه الفراق
ليشعر منّي بآلام الاشتياق
إن صوتي أنينٌ وأنيني نارْ وليس هواء
فَلْيَمُتْ من لا يملك هذه النار وليكن هباء
إنها نار العشق التي وقعتْ في الناي
إنها فورة العشق التي وقعت في الخمرة
الحكمة التي يرويها محرّمه.. على الذين لا يعقلون
فلنقلل الكلام ولنقل السلام.
إن قصيدة «أنين الناي» صرخة مفعمة بمعاني العطف واللطف وكذلك، وفي ذات الوقت، بروح الثورة والانعتاق. فالناي هو كل إنسان يبحث عن سرّ وجوده، وسرّ وجوده يكمن في هذا الانجذاب الذي تُحدثه نفخة الرّوح التي هي نفخة اللّه في الإنسان. إذ يقول تعالى في سورة الحجر آية 29: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾.
فتلك النفخة الإلهية تبقى المحرّك الرئيسي لحياة الإنسان وعمله وتوجهه نحو المعيار الأعلى، تثير فيه الشوق وتدفعه إلى التوجّه إلى اللّه نحو كل ما يتّصف به من صفات الجلال والجمال والكمال، نحو المعرفة والعلم والعمل، نحو الكرامة والرحمة، فلا يقبل بالدوّن والهون. توفي جلال الدين الرومي بقونيه ودفن بها سنة 1272.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.