الصوم عبادة سامية سرية بين العبد وربّه لا مجال فيها للرياء والكذب . فهو فريضة تعلّم الإنسان أن يكون صادقا مع ربّه أولا وصادقا مع نفسه والآخرين ثانيا لإنَّ الصِّدقَ خلُقٌ يحبُّهُ الله ورسوله ويعرِف فضلَه العقلاء الحكماء و دعوة القرآن إلى التحلي بالصدق واجتناب الكذب دعوة واضحة جلية في كثير من الآيات منها قوله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ )(التوبة)119 وبالمقابل حذرنا نبيُّ الرحمة من الكذب ومضاره النفسية والاجتماعية فقال :( عليكم بالصدق فإنّ الصدق يهدي إلى البرّ والبرّ يهدي إلى الجنّة وإياكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرّى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابا ) البخاري. إن الكذب والإخلاف في الوعد والتدليس والافتراء والخيانة من علامات النفاق وما اجتمعت هذه الخصال في مسلم إلا كان منافقا خالصا قال رسول الله: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان وإذا حدّث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) البخاري. وخطر الكذب على الفرد والمجتمع كبير لذا أمرنا الإسلام بتجنبه وأوصانا أن نربي أبناءنا على الصدق حتى يشبّوا عليه و يألفوه في أقوالهم وأحوالهم ولكن كثيرا من الناس اليوم لا يبالون بما يحدثون بتصرفاتهم مع أبنائهم من انحراف في نفوسهم فتميل إلى الكذب فتجدهم يعوّدون أولادهم بنين و بناتا على الكذب وتعلمه منذ الصغر.خذ على ذلك مثلا لو طرق على أحدهم الباب أو رنّ جرس الهاتف فإنه يقول للابن أو البنت: قل: أبي غير موجود! مع أنه موجود وهو الذي لقّنه الكذب ثم يطلب من أولاده أن يصدقوا ولا يكذبوا فهل ترى إذا هو عوّدهم على الكذب من حيث يشعر أو لا يشعر هل يستجيبون لتربيته ولطلبه الصدق منهم وعدم التعامل بالكذب؟! الجواب بالتأكيد لا لن يستجيبوا لنداءاته بأن يكون الصدق سَجِيّة لهم وعلامة واضحة في حياتهم وإن استجابوا وصدقوا مرة فسوف يكذبون مرات ومرات نظرًا لما طُبعوا وتعودوا عليه وقديما قيل من شبّ على شيء شاب عليه. روى الإمام مالك عن صفوان بن سليم قال : قيل يا رسول الله أيكون المؤمن جبانا قال نعم قيل له : أيكون المؤمن شحّيحا بخيلا قال نعم قيل له أيكون المؤمن كذّابا قال لا) فالإيمان والكذب لا يجتمعان في قلب مؤمن بل الصدق في الأقوال والأعمال من الخلق الذي يتعلمه الصائم في شهر رمضان وبه ينال ثواب الله : (هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)المائدة / 119 .