شهدت الفضاءات التجارية وكذلك تجار التفصيل نقصا غير مسبوق لمادة الحليب مما خلق مناخا من التململ لدى المستهلكين متسائلين حول حقيقة هذه الازمة . تونس/الشروق لا تخفي وزارة التجارة النقص في مادة الحليب اذ أوضحت مصادر ل»الشروق» ان السبب يعود الى المفاوضات حول الزيادة في سعر اللتر عند البيع اذ يتمسك منتجو الألبان من مربّي أبقار وصناعيين بالزيادة في هذا السعر بحوالي 250 مي وهو الامر الذي جعل السلطات الرسمية مترددة تجاه اقرار الزيادة على اعتبار التداعيات التي قد تمس من المقدرة الشرائية للمستهلكين خاصة في مناخ يشهد ارتفاعا متواصلا لاسعار المواد الغذائية. سيناريوهات ان كان النقص فعلا يتعلق بالمفاوضات فانه يمكن القول ان المنتجين والصناعيين قد يكونوا استخدموا النقص كورقة ضغط لاجبار الحكومة على القبول بهذه الزيادة. الا ان الصناعي وعضو الغرفة الوطنية لصناعة الحليب علي لكلابي اكد ل»الشروق» ان الوحدات الصناعية تعمل بشكل عادي في توفير هذا المنتوج ومشتقاته معرجا على المحتكرين كفاعلين في هذا النقص. وتجدر الإشارة الى ان المحتكرين في تونس هم قناصو فرص اثناء أزمات المنتوجات الغذائية وهذا ما تعترف به السلطات الرسمية علنا وتحاول شن حملات كبرى ضد الاحتكار والمضاربة الا ان قدرات المحتكرين اثبتت في عديد المرات انها تفوق احيانا مجهودات المراقبة وقد حاولنا التواصل مع فاتن بالهادي مديرة التجارة الداخلية بوزارة التجارة للحديث حول خطط الوزارة للتصدي لهذا النقص والضرب على ايدي المحتكرين وصيادي الفرص الا ان بالهادي تعذّر عليها الرد. كما يمكن تفسير هذا النقص الكبير في توفر مادة الحليب بإقبال المستهلكين على اقتناء كميات كبرى بشكل يفي بحاجياتهم الغذائية بعيدا عن اي ضغط ما لم تتضح بعدُ المفاوضات بين مهنيي الألبان والسلطات الرسمية. فرضيّة نفاها يوسف حمادي وهو مستهلك من ذوي الدخل المتوسط قائلا «ليس لدى المستهلك عادة التخزين بهذا الشكل والسبب يعود اساسا الى المحتكرين والمضاربين فهم سادة الاسواق رُغْمًا عن القانون» في المقابل قال كريم داود رئيس نقابة الفلاّحين ان النقابة حذرت الحكومة منذ سنتين من تزايد الصعوبات في منظومة انتاج الحليب باعتبار ارتفاع كلفة الانتاج اذ ان الاعلاف تمثل نسبة 70 ٪ من الكلفة الجمليّة للإنتاج في الوقت الذي تشهد فيه اسعار هذه الاعلاف زيادة كبرى بسبب تراجع سعر الدينار امام ابرز العملات الاجنبيّة والحال اننا نستورد الاعلاف المركبة معتبرا ان اي نقص هو نتيجة حتمية لما تعيشه المنظومة منذ سنتين. تفهّم المستهلك اعتبر كريم داود ان الزيادة تكون مرفوقة بوضع استراتيجية واضحة لقطاع تربية الماشية وخاصة التركيز على انتاج الاعلاف واوضح ان الانتاج السنوي لإنتاج الألبان يقدر بمليار و100 لتر مشيرا الى ان النقص في المنظومة يقدر ب20 ٪ خلال السنتين الاخيرتين بسبب التهريب وبسبب ارتفاع كلفة الانتاج. من جهته قال علي الكلابي ل»الشروق» إنه تم اقرار مبدا الزيادة في الاسعار في اجتماع 21 جوان وذلك بعد مفاوضات دامت اشهرا مضيفا «منظومة انتاج الحليب والبالغ عمرها 30 سنة والتي وفرت لنا الاكتفاء الذاتي من الألبان سنة 2000 هي بصدد التآكل بسبب ارتفاع كلفة الانتاج وخاصة الاعلاف وبالتالي اصبحت هناك ازمة تسري في المنظومة وذلك لدى الفلاّح ولدى الصناعي كما ان سعر الحليب لم تتم فيه اي زيادة خلال الثلاث سنوات الاخيرة ونحن نعول على تفهم المستهلكين من اجل انقاذ هذه المنظومة». كما قال الكلابي إن المهنيين اقترحوا زيادة ب260 مي وقد تم اقرار مبدا الزيادة بما لا يقل عن 200 مي وهو مبلغ يخص خاصة الفلاّحين اذ طالبنا بزيادة قدرها 184 مي للفلاح و76 مي للمصنّع و»اعتقد ان الحكومة قد توافق على هذه الزيادات لكن وفقا لارقام تقريبية وفي كل الحالات ستكون زيادات خاصة بالفلاحين». واعتبر الكلابي ان اي زيادة هي مجهود لإنقاذ المنظومة «حتى لا نضطر الى التوريد لان ذلك يعني بلوغ سعر الحليب دينار وستة مائة مليم بدل 1320 مي وهو السعر المرتقب». ودعا الكلابي المستهلكين الى تفهم الزيادة باعتبارها تندرج في اطار انقاذ المنظومة والتي تشغّل الآلاف من الاشخاص اذ لدينا 112 الف مربّ يشغلون معهم عمّالا. كما قال الكلابي ان الوقت حان لإنقاذ منظومة الألبان قبل ان تنهار.