يحتاج الانسان في حياته الى ثلاثة أنواع من الأغذية الأساسية في رأينا لا محيد عنها أولها الغذاء المادي لنموّ جسمه وثانيها المعرفة لبناء عقله وثالثها الثقافة لتليين حياته ليسهل عليه مواصلة معركته الوجودية تأصيلا لكيانه، وبناء على هذا يتنزّل ميلاد مدينة الثقافة الجديدة التي جاءت لتوقد شعلة ثورة ثقافة الزمن الجميل التي أفلت بفعل فاعل والتي أنجبت جيلا مميّزا من المثقفين والمبدعين ساهم مساهمة فعلية في إثراء المشهد الثقافي وإيصاله الى المشاهدين لتثقيفهم والترفيه عليهم بمختلف جهات البلاد على الرغم من تواضع التجهيزات وندرة الامكانيات المادية وقتها، لهذا يتحتّم على مثقفينا اليوم وبمناسبة افتتاح أنشطة هذا الصّرح الثقافي الجديد والمعاصر أن يبادروا بإعداد منظومة ثقافية ثريّة لدعم الفنون الثقافية التي صمدت وإحياء ما اندثر منها وخاصة التراثية منها والتفتّح على فنون العصر وتقنياتها الحديثة للمسك بناصيتها أخذا وعطاء وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة وبمعاضدة من المؤسسات ذات الصلة كوزارتي التربية والتعليم العالي باعتبارها تمثّل الجمهور المستهدف مباشرة بهذه الأنشطة الثقافية والترفيهية، ولدعم فعاليات هذه الخطة الثقافية أسوق هذه المقترحات للاستئناس بها في رسم معالمها. دعوة كل المثقفين بمختلف مشاربهم واختصاصاتهم للتنظّم في هيكل ثقافي وطني منتخب يجمع شملهم لتوحيد إرادتهم ليستجيب لها القدر ويمكن تسميته الاتحاد الوطني للمثقفين التونسيين وتتفرّع عنه هياكل مماثلة جهوية ومحلية لتفعيل هذه الاستراتيجية الثقافية بالشراكة مع المؤسسات الثقافية والتعليمية المحلية والجهوية أيضا لانجاح تظاهراتها وتوسيع دائرة إشعاعها. تولّي الهيئة الثقافية المقترح إحداثها المبادرة بالتفاوض مع الحكومة لإقناعها بالضرورة الملحّة للترفيع في ميزانية وزارة الثقافة لأهمية رسالتها الحضارية وقدرتها على تحصين عقول ناشئتنا من الوقوع في براثن الانحراف والتطرف الديني والإرهاب وغيرها من الآفات الاجتماعية المدمّرة للمجتمعات والأوطان. سعي هذه الهيئة الثقافية المؤصّل بعثها بالتعاون مع وزارة الثقافة لترغيب أصحاب المال والأعمال في الاستثمار في الثقافة بمختلف فنونها وعلى رأسها صناعة السينماء وذلك بتركيز منطقة سينماذية بعنق الجمل بنفطة بناء على نجاح الفيلم العالمي الضخم حرب النجوم La guerre des étoiles، الذي دارت أحداثها على أرضها على غرار منطقتي Hollywood الأمريكية و cannes الفرنسية أو أي موقع رائع آخر كمدينة طبرقة أو عين دراهم من بين المواقع الساحرة التي تزخر بها بلادنا وتؤسّس بذلك لصناعة ثقافية يمكن تصديرها على منوال مصر أمّ الدنيا وتصبح رافدا من روافد تنمية اقتصادنا. إن المواطن التونسي ينتسب الى أمة إقرأ قولا وفعلا إلا أنه أصبح لا يقرأ لغلاء ثمن الكتاب في وطنه لذا فإن الهيئة الثقافية المراد بعثها مدعوّة للنظر مع وزارة الثقافة في امكانية اقرار دعم سعره لتشجيع القارئ التونسي على القراءة ليعيش مرتين كما يقولون. إن الإنسان الذي لا يحرّكه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره فهو فاسد المزاج يصعب علاجه لذا لابدّ أن تعمل هذه الهيئة الثقافية المزمع إحداثها على تحفيز وزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي لتعزيز مؤسساتها بحاجياتها من الموارد البشرية من أساتذة للموسيقى والمسرحوالسينماء والتربية الفنية والتنشيط الثقافي والغنائي ودعمها بحاجياتها اللوجستية من تجهيزات موسيقية ومسرحية وسينمائية ليتمكن شبابها المدرسي والجامعي الذي يرتادها من ممارسة هواياته الثقافية المختلفة فينواد موسيقية ومسرحية لإحياء زمن نوادي هواة السينما ciné club وسينما الشباب ciné jeunesse وغيرها من الفنون الثقافية لملء فراغه الذهني والروحي لدرء مخاطر العصر الرهيبة مع العمل على تغطية هذه الأنشطة اعلاميا عبر القناة الثانية للتلفزة التي بعثت خصيصا للتعريف بأنشطة وإبداعات شبابنا في مختلف الفنون الثقافية بغاية فتح آفاق أرحب لها لمزيد صقلها وتطويرها للاستفادة منها في حياتهم المهنية والمجتمعية لتأمين حياة متوازنة لهم ومنسجمة مع عصرهم. مبادرة هيئة الهيكل الثقافي المتوقع بعثه بدعوة وزارة الثقافة لتوخي اللامركزية في عرض الأيام الفنية الوطنية الدورية لتغطية كل ربوع الوطن لتطال الثقافة عموم أبناء الوطن وإفراد شبابها التلمذي والطالبي والمعطّل عن العمل بأسعار تفاضلية للتفاعل مع فعالياتها لتحقيق المصالحة بين الثقافة الهادفة الشباب التونسي المعوّل عليه في بناء تونس الغد. بهذه المقترحات وغيرها وبما يملكه مثقفونا من مواهب وإبداعات ثقافية يمكن أن نضيء شعلة التنوير من جديد وذلك بخوض ثورة ثقافية معاصرة وديمقراطية شاملة لكل المجالات الحياتية لنبدّد سريعا الغيوم التي سكنت عقول شبابنا وعطّلت ملكة أفكارهم النيّرة والخيّرة والبنّاءة إيمانا منّا أن كل الثورات إلى زوال ولو بعد حين باستثناء الثورات الثقافية تخبوطيت ولا تموت، فمن يجرؤ من مثقفينا الوطنيين الواعين بواقعنا الحالي على قيادة هذه الثورة الثقافية لتخليص أمّتنا من تكتّل الذين لا يعلمون ضدّ الدين يعلمون ليكون لديمقراطيتنا الحديثة معنى. فرج بن مصطفى (مثقف ترشيحي وطني معتمد سابق)