مكتب نابل «الشروق»: تشتهر مدينة نابل بكونها مدينة الصناعات التقليدية بامتياز منها صناعة الحصير بوّأتها إلى أن تكون من المناطق الرائدة في هذا المجال منذ أوائل القرن العشرين، لكن أصبحت هذه الحرفة مهددة بالاندثار. فالحرفيون المختصون في صناعة الحصير أصبحوا اليوم يعدون على الأصابع وهو مؤشر دال لوحده على المصاعب الجمة التي يعيشها القطاع، ولولا غيرة بعض الحرفيين لاندثرت كليا منذ سنوات. ومن المنتوجات التي يتم إنتاجها من مادة السمار نذكر على سبيل الذكر لا الحصر الحصير ذو الاستعمال المنزلي (فراش) والحصير الذي يتم استعماله للصلاة في المساجد وكذلك الحمامات بالإضافة إلى صناعة السلال. بعض الحرفيين لم يقتصر إنتاجهم على مثل هذه المنتوجات فحسب بل عملوا على تطويرها بما يلاءم روح العصر ومسايرة للتقدم العلمي والثورة التكنولوجية التي مست جميع المجالات، فكان نتاج تفكيرهم المعمّق والبحث الدقيق ابتكار عدة تصاميم لقاعات جلوس وبيوت نوم ومحفظات ولوحات حائطية وغيرها صُنعت كلها من مادة «السمار» حيث لاقت رواجا كبيرا على الصعيدين الداخلي والخارجي.إلا أن هذه النقاط المضيئة تخفي وراءها عدة صعوبات قد تعصف بمستقبل قطاع بأكمله ومن ورائه الأسر التي تمثل صناعة الحصير مورد الرزق الوحيد لها. للأسف وبالرغم من أن الطلب على منتوجات الحصير يظل قائما على الصعيد المحلي وخاصة على الصعيد الخارجي، إلا أنه يتجاوز بكثير طاقة إنتاج الورشات القليلة الموزعة هنا وهناك خاصة في نهج الحصايرية الذي يجمع أغلب الحرفيين نظرا للنقص الواضح في اليد العاملة المختصة وكذلك الشأن للمواد الأولية المتمثلة أساسا في مادة السمار التي يتم جمعها من مجاري الأودية وهي تتواجد في مناطق دون أخرى على غرار ولايات سيدي بوزيد والقيروان وتوزر، بالإضافة إلى غياب المواد الملونة التي يتم استعمالها في تلوين المنتوجات . في مدينة نابل لا يتعدى الذين يمتهنون هذه الحرفة الأربعين نفرا بين أرباب عمل ويد عاملة وكلهم يتجاوزون الخمسين سنة من العمر، وهو ما يطرح إشكالا حقيقيا حول مستقبل هذه المهنة. وفي هذا الإطار دعا الحرفيون دوما الساهرين على القطاع إلى ضرورة إحداث مدرسة خاصة لتكوين شبان في هذه الأنواع من الحرف التي على ما يبدو أنها آيلة للاندثار وكذلك العمل على إعادة إحياء القطاع عبر مزيد الترويج له في الداخل والخارج ولما لا تحفيز الحرفيين ماديا ومعنويا ومساعدتهم على ترويج منتوجاتهم.