تسجيل 65 بين حالة ومحاولة انتحار خلال النصف الاول من سنة 2025    تأجيل محاكمة وزير أسبق وبلحسن الطرابلسي إلى 13 أكتوبر المقبل    الدكتور التونسي حبيب قمرة يتحصّل على ''وسام الشمس المشرقة، أشعة ذهبية مع وردية''    الندوة الصحفية لمهرجان جمال: "مرتضى" في الافتتاح وأمينة فاخت في الإختتام    قبلي: تواصل مراقبة الوضع الصحي للواحات وعدم تسجيل بؤر مقلقة للاصابة بعنكبوت الغبار    الحبيب زيتونة: التضخم في تونس ما زال مرتفعًا رغم استقراره عند 5,4% في جوان 2025    تنديد عربي وفلسطيني باعتقال مدير مكتب قناة الميادين في فلسطين المحتلة    مدفيديف: مستقبل كارهي روسيا رهن إشارات "راديو يوم القيامة"    الجامعة التونسية لكرة القدم تكشف عن مواعيد المسابقات الوطنية للموسم الرياضي 2025-2026    إنتقالات: الملعب التونسي ينجح في تجديد عقد نجم الفريق    "إشاعات تحاصر الشواطىء".. ومعهد الرصد الجوي يطمئن    الحماية المدنية : 132 تدخل لااطفاء الحرائق خلال 24 ساعة الماضية    بدنك شايح وناقص ''hydratation''؟ راو خطر صامت رد بالك    للتوانسة بالخارج : فلوسك تنجم تتحجز في المطار إذا ما صرّحتش بالعملة ...تفاصيل    رد بالك من البحر نهار الثلاثاء والخميس! عامر بحبّة يحذّر من اضطرابات جوية مفاجئة    جريمة مروعة/ اكتشف علاقتهما فقاما بقتله: امرأة تنهي حياة زوجها بمساعدة عشيقها..    قبل أسبوع فقط على زواجه: وفاة عون حرس في حادثة مؤلمة..!    طوابع بريدية جديدة تُكرّم محميات تونس الطبيعية    ما تكريش دارك بالكلمة، معلومات مهمة لا تفوّتها !    كي تخدم الكليماتيزور في 16 درجة: تعرفش قداه تستهلك ضوء؟    النادي الإفريقي: تعيين «الجنرال» مديرا جديدا للحديقة    بطولة ويمبلدون للتنس - ألكاراز يتأهل لربع النهائي    نصف نهائي كأس العالم للأندية : التوقيت و القنوات الناقلة    جندوبة: مندوبية التنمية الفلاحيّة تتفاعل مع الشروق أون لاين    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل"الشروق أون لاين": برنامج خصوصي للمراقبة وكافّة المواد الأساسية متوفّرة    اعتقالات في سوريا تطال عناصر مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني    إنقاذ 20 مهاجرا غير شرعي قبالة هذه السواحل..#خبر_عاجل    عاجل/ الجيش الإسرائيلي يستهدف مواقع حوثية في اليمن ب60 قنبلة..    انطلاق التسجيل في خدمة الحصول على نتائج التوجيه الجامعي للمترشحين لدورة المتفوقين    لمواجهة الحرّ: 2 مليون ''كليماتيزور'' في تونس    الشركة الجهوية للنقل بنابل.. برمجة عدة سفرات على مستوى الخطوط نحو الشواطئ (وثائق)    عاجل/ نشرة تحذيرية جديدة للحماية المدنية..وهذه التفاصيل..    فيبالك.. الي البطيخ في الصيف يولي دواء    من غير كليماتيزور ولا مروحة : الطريقة هاذي باش تخليك تبرد دارك،ب0 مليم!    عاجل/ هذه حقيقة تعرض البريد التونسي إلى اختراقات سيبرنية..    البطولة العربية لكرة السلة للسيدات: المنتخب الوطني يبلغ النهائي    ليفربول يقرر العودة للتدريبات غدا الثلاثاء بعد تأجيلها بسبب وفاة لاعبه غوتا    كاس العالم للاندية : مبابي لم يلحق ببعثة ريال مدريد إلى ميامي بسبب اختبار المنشطات    عملية سطو ب"سيناريو هوليودي" في ماطر: الأمن يسترجع مجوهرات بقيمة نصف مليار بعد تتبّع دقيق دام شهرين    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات "تكساس هيل كنتري" إلى 82 قتيلاً    نفوق دلفين في شاطئ حمّام الأنف يثير القلق حول تلوّث المياه وغياب الحوكمة البيئية    ترامب يعلن فرض 10% رسوم إضافية على الدول الداعمة لسياسات "بريكس"    عاجل : معهد الرصد الجوي يطمئن التونسيين : ما فماش موجة حر    بكالوريا: اليوم انطلاق التسجيل في خدمة ال SMSلنتائج دورة المراقبة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    غابت عنها البرمجة الصيفية ...تلفزاتنا خارج الخدمة    الفنانة نبيلة عبيد تستغيث بوزير الثقافة المصري: 'أودي تاريخي فين؟'    وائل كفوري يثير الجدل بصورة من حفل زفافه ويعلن نشر فيديو الزواج قريبًا.. فما القصة؟!    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    صحتك في الصيف: المشروبات الباردة والحلويّات: عادات غذائية صيفية «تُدمّر» الفمّ والأسنان !    أكثر من 95 ألف جزائري عبروا الحدود نحو تونس خلال جوان: انتعاشة واعدة في جندوبة مع انطلاق الموسم السياحي    وزارة الثقافة تنعى فقيد الأسرة الثقافية فتحي بن مسعود العجمي    الفنان غازي العيادي يعود إلى المهرجانات بسهرة "حبيت زماني"    عادل إمام يتوسط عائلته في صورة نادرة بعد غياب طويل بمناسبة عقد قران حفيده    نوردو ... رحلة فنان لم يفقد البوصلة    تاريخ الخيانات السياسية (6) .. أبو لؤلؤة المجوسي يقتل الفاروق    بالمرصاد : لنعوّض رجم الشيطان برجم خونة الوطن    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاد المعلم أن يكون رسولا
نشر في الشروق يوم 26 - 08 - 2018

كان من الواجب المفروض أن أكتب كلمة تقدير ووفاء للمعلم وأنا أحد أولئك الأوفياء، الشموع المحترقة من أجل أجيال تونس المستقبل، وأنا في حقل التربية والتعليم، وقد أثّرت فيه وتأثّرت به، وانصهرت فيه وانصهر في كياني فكنّا في ذلك الزمن الماضي نعطي ولا نفكّر في الأخذ وكمّه لا يعنينا الأخذ والتملّك، لأن هدفنا الأسمى، حبّ الوطن من الإيمان والوطن للجميع والدين لله.. فهذه الأجيال منا وإلينا واكبتها فاعلا ومنفعلا منذ الاستقلال وبعده لكنني كلما هممت بالكتابة عنه للذكرى والتاريخ بما يمليه عليّ واجبي وضميري إلا شغلتني أحداث وواجبات محتومة وأخذتني عواصفها الثائرة الهوجاء، إلى حيث لا أعود إلى نفسي إلا مرهقا مكدودا فنُسّيتُه رغم سلطانه عليّ والتصاقه بحياتي التصاقا لا يمكن أن يفرّقنا إلا ريب المنون غير أشعر بمرارة وألم يحزّ في نفسي وشوق عارم مكبوت يدفعني نحوه دفعا لا طاقة لي بردّه أو التغافل عنه، وإني لأخشى أن يحول بيني وبينه حائل مباغت فأموت وفي نفسي شيء يؤلمني وندم يقضّ مضجعي ويحرمني أحيانا لذّة النوم والطعام، وكما يقولون خير البرّ عاجله وبسرعة ندخل الموضوع.
قم للمعلّم وفّه التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا
فالمعلّم قرّائي الأعزّاء له مكانة في المجتمع الإنساني ودور أساسي خطير، فعليه وبه يرقى المجتمع إذا هو أعطى المكارم حقها وجعلها ومنها روح التربية والتعليم قاعدة ومنهاجا ونشأة وتربية وسلوكا، فهذا الحقل وفي كل الأمم في دنيانا هذه لو تعلمون من أهم الحقول وأعظمها وأخطرها ولا فخر، وبكلّ تواضع أقول لهذا وعلى هذا ينبغي أن يعدّ المعلّم في كل زمان ومكان الاعداد الكامل الحسن أدبيا ومهنيا وبيداغوجيا وحتى لا أقول ملائكيا.. لماذا؟
ذلك لأنه صانع الأجيال ومهذبها وصانعها والفاعل فيها وطبعا ليس وحدها حتى لا ننسى الوسط والبيئة والوالدين، وأركّز على الوالدين لأنهما ضروريان لإعانة المعلم على التربية والتعليم وإخراج وخلق شعب طيب الأعراق ولا يمكن ذلك أيضا الا مع دولة تقدر المعلم وتعمل لخير الشعب والوطن العزيز.
وقد كنا والحق أقول زمان احتلال تونس وتحت الاستعمار الفرنسي البغيض تتفاني نحن نخبة المعلمين مع زملائنا من فرنسيين و أجانب تتفانى رغم الحيف والظلم والخصاصة واسألوا التاريخ عنا..
فالمعلّم في الماضي البعيد والقريب لا يهنأ له بال ولا يرى سعادته الا في الارتقاء بالناشئة إلى أعلى عليين وفي سبيل ذلك ينشي نفسه ولا يركض وراء شهواته بل همه الأوحد تعليم وتربية النشء كلّفه ذلك ما كلّفه.. واسألوا التاريخ عنّا.. وأكثر من ذلك تراه دائما يعمل لإثراء مكتسباته وتوسيع ثقافته في المكتبات والمنظمات وقاعات المطالعة وبين أكداس الكتب والموسوعات وحتّى الجرائد والمجلات بعيدا عن اللهو والمجون اللهم شيء من وقته يخصصه للتمثيل ومواكبة المسرحيات والنوادي للثقافة والاطلاع والترفيه الإيجابي النظيف المثمر الكريم...
وهو يعلم علم اليقين أنه رسول يعمل لخير وطنه والناس جميعا مع التقوى والبساطة وبراءة الأطفال في كثير من نكران الذات هدفه الرقي بتونس من موقعه ذاك الخطير رؤية وطنه يتبوّأ مصاف الأمم الراقية مشرقا ومغربا وفي كل ذلك لا ينسى أنه المعلّم الرسول الأمين الخادم الكريم الرحيم في خدمة الأجيال وتربيتها وتعليمها حتى تقف صامدة في وجه عواصف الزمن المتقلب وهجمة الغرب التي لا ترحم... وبهذا وعلى هذا ترى المعلمين رسل الخير والمحبة والإخلاص والسلام شموعا على الطريق تضيء للأمة العربية، والعربية الإسلامية حتى تنهض وتأخذ القيادة والريادة كما كانت من قبل في ماضيها السعيد المشرق وستواصل هذه الأجيال التي تحدثت عنها في مقالي هذا، تلك الأجيال التي فجر طاقتها الخلاقة أولئك المعلمون رسل الخير والمحبّة والسلام تلك التي ستكون بحول الله الفجر الساطع والأمل المشرق لبناء مجدها متلاحمة مع ماضيها السعيد لتؤسس للغد الآتي المبارك مجد تونس والأمة العربية جمعاء، وأخيرا وليس آخرا نقولها ملء الفم وبكل ثقة ومحبة وجدارة.
قم للمعلّم وفّه التبجيلا
كاد المعلّم أن يكون رسولا
وإلا فيا خيبة المسعى إن حاد المعلمون وضلوا الطريق وتاهوا كما نرى الآن ونسمع في حيرة وأسى ونلمس أثره من الطلبة والتلاميذ والوزارة نفسها من ضعف المستوى للمربي والمربى معا وانحطاط الأخلاق والضمير المهني والمجاوزات الخطيرة والتقاعس والتسليم بالواقع المعيش الفاسد الموبوء، والجري من أغلب المعلمين يا للأسف وراء إبليس اللعين حثيثا إشباعا لشهواتهم الرخيصة وأطماعهم الخسيسة متخلّين عن رسالة المعلّم المقدسة في دنيا القذارة واللؤم والتكالب على المتع وا محمداه!
فإن لم يرجع هؤلاء إلى الجادة ويتوبون وكلنا خطاؤون وخير الخطائين التوابون وإني وبكل تسامح ومحبة وغيرة على هذا الحقل الذي قضى فيه زملاء لكم يعملون ويتفانون ولسان حالهم يقول تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها منهم من واصل بجد واجتهاد «ومنهم من قضى نحبه وما بدلوا تبديلا» صدق الله العظيم.
ومهما أثريتهم ومتعتهم على حساب الأجيال الصاعدة لا بد أن تقفوا حفاة عراة بين يدي ربكم للثواب والعقاب والمحاسبة الصعبة العسيرة «يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللهَ بقلب سليم» وثمة تندمون ولاة ساعة مندم وأنت تعلمون علم اليقين ولا مهرب في قوله عز وجل «وابتغ فيما اتاك الله الدارَ الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك» وحتى نوفي معلمي هذا العصر الذي نعيش، حقه ماله وما عليه فأقول وباختصار ، أن نحترمه ونشجعه على أداء مهمته التعليمية بجد وإخلاص ولا نحمله الرسالة التربوية لأنّها والحق يقال تجاوزتها المنهجية الإدارية وما عادت تطالب بها هؤلاء المعلمين المساكين عموما، وأن يحسّن من سلوكه بقدر الإمكان والمستطاع حتى يكون قدوة ومثالا للناشئة وأن يستقيم ما أمكنه ذلك وأخيرا تحسين مردوده التعليمي بتحسين مستواه وخاصة البيداغوجي منها وهو الأهم والأكيد فإن فعل ذلك ولا أظنه يفعل إلا بتظافر الجهود والحرص على ذلك حكومة وشعبا.
وما أحوج تونس الآن والأمة العربية والإسلامية مشرقا ومغربا إلى هذا المعلم على علاته ومن يدري؟ لعلّ الله عز وجل يمنّ على هذه الأمة المنكوبة المسكينة بمن يساعدها إلى الوصول إلى ذلك المعلم الرسول الكريم وأنهي موضوعي هذا في مق-الي هذا وفي نفسي أشياء... وأشياء أريد التعبير عنها والتصريح بها ولكن حسبي أني حركت بعض السواكن وأرسلتها صيحة فزع توقظ النائمين والقائمين المسؤولين على حقل التربية والتعليم في تونس خاصة وفي الوطن العربي الكبير عموما، ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.