بعد شبه التوافق الحاصل بين نداء تونس والنهضة على تفعيل النقطة 64 من وثيقة قرطاج 2 تعددت الفرضيات الممكنة في الفترة القادمة وتعددت معها التاثيرات السلبية المحتملة لكل فرضية على الوضع العام. تونس – الشروق – اتضحت في الأيام الاخيرة الرؤية أكثر حول توجه الأطراف الفاعلة إلى استئناف العمل بوثيقة قرطاج 2 المُعلقة منذ ماي الماضي وخاصة النقطة 64 منها المتعلقة بمصير الحكومة الحالية، وهو ما دعا إليه مؤخرا البيانان الاخيران لمجلس شورى النهضة ولحركة نداء تونس. وقد كانت النهضة أكثر وضوحا بعد أن وضعت يوسف الشاهد وأعضاء حكومته أمام خيار عدم الترشح لانتخابات 2019 مقابل دعم بقائه. هذه الدعوة وان تقبلها حزب نداء تونس بشيء من التململ باعتبار توجهه منذ البداية نحو انهاء مهام الحكومة الحالية ورئيسها دون قيود أو شروط لكن يبدو أن التوافق مع النهضة قد يحصل على خيار «البقاء المشروط» ليوسف الشاهد. غير ان ذلك قد لا يضع حدا للأزمة خصوصا امام عدم اتضاح موقف الشاهد الى حد الآن والذي قد يتواصل فترة أخرى ولكن أيضا في صورة تشبّثه وحكومته بالبقاء دون الالتزام بشرط عدم الترشح لانتخابات 2019 وانتظار قرار الأطراف الفاعلة التوجه نحو الحل الدستوري أي اتباع الاجراءات الدستورية لتنحيته والتي قد تطول.. كل الفرضيات تبدو واردة لكن في كل الاحوال ستُطرح مسألة التأثيرات السلبية المحتملة لأي من هذه الخيارات على الوضع العام في البلاد خاصة على الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي. قبول الشاهد طوال الفترة الماضية لم يُبد رئيس الحكومة يوسف الشاهد أي موقف تجاه ما يقع تداوله من أخبار تتعلق بمصير حكومته، غير أن فرضية قبوله بخيار البقاء مقابل عدم الترشح تبدو واردة، لكن مع التساؤل عن تأثيراتها الممكنة على الوضع العام. نظريا تبدو هذه الفرضية الأقل تأثيرا على الوضع العام في البلاد باعتبارها ستضمن استمرارية العمل الحكومي لفترة عام آخر. لكنها قد تتسبب في إرباك عمل الفريق الحكومي بما ان المناخ العام سيتواصل مشحونا ولانها ستحرم اعضاء الحكومة من ممارسة حق دستوري وسياسي ومن تلبية طموحاتهم السياسية المستقبلية وهي طموحات مشروعة لكل من يمارس العمل السياسي. إضاعة الوقت لكن هذه الفرضية قد لا تتحقق في صورة تمسّك الشاهد وفريقه بالبقاء وبالحق الدستوري في الترشح وبحق «الطموح السياسي». وهو ما سيطرح على الساحة الوطنية في الفترة القادمة جدلا واسعا وتجاذبات سياسية وصراعات بين الشاهد والاطراف المتمسكة برحيله لن تنتهي بالسهولة التي يتوقعها البعض خاصة في صورة اللجوء الى الحل الدستوري لاسقاط الحكومة عبر البرلمان. فذلك سيتسبب حتما حسب المختصين في إضاعة مزيد من الوقت وفي تعطيلات كارثية للاقتصاد الوطني بما يعني مزيد انهياره ومزيد إرباك علاقات الدولة مع الاطراف الخارجية المالية والاقتصادية فضلا عن إرباك العمل الحكومي داخليا خاصة في مثل هذه الفترة التي يجري فيها إعداد قانون المالية وتستعد فيها الحكومة لتنفيذ بعض الالتزامات الدولية الاقتصادية والمالية. أخف الأضرار بالنظر الى كل هذه المخاطر المحدقة بالتطورات المنتظرة في الفترة القادمة، ستكون كل الاطراف الفاعلة أمام مسؤولية تاريخية تفرض عليها التصرف بحكمة وعقلانية. فإما ان يحصل التوافق على الخيار الامثل وسط حالة من الهدوء السياسي والاجتماعي ودون إضاعة وقت ودون إرباك السير العادي لدواليب الدولة ودون الاضرار بالاقتصاد الوطني المنهك أصلا او ان الوضع العام سيواصل السير نحو مخاطر محدقة أبرزها السيناريو اليوناني. فإذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي تغيير الحكومة فليحصل ذلك شريطة استبدالها بأخرى أنجع وأفضل ودون إضاعة وقت أو إرباك للدولة. وإذا كانت المصلحة في الابقاء على الحكومة الحالية فليتم ذلك أيضا شريطة التزام رئيسها بإدخال تحسينات واسعة على ادائها عبر تحوير وزاري وعبر التسريع بتنفيذ الاصلاحات المنتظرة مع مزيد تعميق النقاش حول مسألة ترشح أعضائها لانتخابات 2019. وفي كل ذلك يجب ان يكون كل طرف في مستوى المسؤولية التي يتحملها وان يعمل على تفادي أقصى ما يمكن من تأثيرات سلبية محتملة على المصلحة الوطنية.