بثت التلفزة الوطنية منذ يومين عرضا لمسرحية "غسالة النوادر" التي أنتجتها فرقة المسرح الجديد سنة 1980، وكانت بمثابة المنعرج في تاريخ المسرح التونسي. وما يلفت الانتباه في العرض الذي بثته التلفزة حرفية الإخراج التلفزي اونقل المسرحية للتلفزة وهوعمل قام به المخرج صلاح الدين الصيد بعد عملية اعداد وكتابة خاصة للتلفزة اشترك فيها كل من جليلة بكار وفاضل الجعايبي ومحمد ادريس وفاضل الجزيري وحبيب المسروقي، وهوما صنع من المسرحية اوالعرض المسرحي عملا إبداعيا اخر قائم الذات، مختلفا عن العرض الحي اوالعرض الآني في المسرح . وربما اكتشف المشاهدون وخصوصا الذين لم يعايشوا المسرحية عند ظهورها على الركح، مشاهد اقرب الى السينما منها الى المسرح، واداء يمزج بين التلفزي السينمائي والمسرحي، واضاءة مماثلة بين المسرح والسينما، حتى انه قد يتداخل لدى المتفرج اوالمشاهد ما اذا كان العمل مسرحا اوسينما، لما في العرض (التلفزي) من عناصر درامية مؤثرة : حوار وتشويق وإيقاع ينسي المشاهد سواء كان من عشاق المسرح اوممن لا يستحسنه، انه امام مسرحية بل امام عمل إبداعي قد يصعب تصنيفه ولكن يسهل استيعابه واستهلاكه لانه يختلف عما الفه من العروض المسرحية المصورة للتلفزة . ويعكس هذا العرض (التلفزي) العلاقة بين المتفرج والمسرح عموما، والتي أصبحت في تنافر تام، ليس بين المتفرج والمسرح على الركح فحسب، وإنما بين المشاهد والعرض المسرحي المصور للتلفزة كذلك . واذا كان الجمهور قد نَفَر العروض المسرحية في المسارح، فلأنه لم يجد في التلفزة عروضا مسرحية تشده الى المسرح كما في عرض "غسالة النوادر". والسبب عدم قدرة المخرج التلفزي اليوم على تصوير العرض المسرحي الذي يتطلب ثقافة شاملة ومعارف في المسرح وكل الفنون الاخرى من سينما وفنون تشكيلية . ولوتوفرت الحرفية في تصوير المسرحيات للتلفزة كما في "غسالة النوادر" وحرصت القنوات التلفزية على برمجتها بانتظام ، لعاد الجمهور الى المسرح اوعلى الأقل مشاهدته على الشاشة الصغيرة .