يعتقد الكاتب واستاذ الفلسفة التونسي الصحبي الخالدي ان ازمة اللغة العربية هي ازمة بنيوية بالاساس. لذلك لا يمكن والحال كما هو عليه فانه من الصعب اعادة الاعتبار للغة العربية ما لم نجر تعديلات بنيوية على لغة الضاد تمس القواعد الاساسية كالنحو والصرف وهو ما اجرته اكاديميات عالمية على لغات بلدانهم على غرار فرنسا لتسهيل استعمالها. كيف تفسرون تراجع اللغة العربية ؟ لا بد ان نعترف ان اللغة العربية بشكلها الحالي هي لغة متخلفة،واليوم ليس لها اي دور ولا يمكن ان تنهض اللغة العربية بمعزل عن بقية القطاعات الاخرى.فهذه اللغة ولاسباب متعددة غير قادرة على مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية .ويعود تخلف اللغة العربية الى قرون عديدة في الماضي منذ ان تراجعت الحضارة العربية الاسلامية وانغلقت على ذاتها. ويمكن القول ان اللغة العربية سقطت مع سقوط غرناطة. ومنذ ذلك التاريخ اجتاحت الثقافات الاجنبية البلاد العربية كالاسبانية والفرنسية والانجليزية وتراجعت بالتالي اللغة العربية وانحسر دورها .ولا يمكن اليوم اعتمادها كلغة للمناهج التربوية والبحث العلمي ما لم نقم بتعديلات بنيوية تمس القواعد الاساسية بهدف تبسيطها وتسهيلها على الناشئة. ما هي أسباب هذا التخلف ؟ لقد تواصلت ازمة اللغة العربية بفعل السياسات المتخلفة المعتمدة في سائر الدول العربية والتي سعت الى تصحير المشهد الثقافي والادبي والفلسفي وقضت على ملكة التفكير وهمشت المثقفين والباحثين. لذلك كان طبيعيا ان تصل اللغة العربية الى حالة الهوان الذي هي عليه اليوم. واليوم لايمكن ان نتحدث عن ازمة لغة فقط بل نتحدث عن ازمة دول وافلاس حكومات. فالاقتصاد والتجارة والصناعة والفلاحة وجميع الميادين والقطاعات وتفاعلها مع بعضها البعض هي الخزان المولد والمسؤول عن التطوير والتجديد.كما تعد المناهج التربوية المسؤول المباشر عن تخلف اللغة العربية فعدم وضوح الرؤية في برامجنا التعليمية وفقدان الاهداف في العملية التربوية تشكلان حاجزا امام تطور اللغة العربية التي اريد لها ان تكون لغة مهمشة لا دور لها الا في قراءة القران والصلاة. أي حلول لانقاذ اللغة العربية ؟ اعتقد انه حان الوقت لاعادة الاعتبار للاكادميين والباحثين والجامعيين لتناول موضوع الاصلاح التربوي على اسس علمية صحيحة. وما اللغة العربية الا جزء من عملية الاصلاح هذه. اما ان يبقى الامر موكولا للسياسيين فلا سبيل للتطور المعرفي في المنطقة العربية التي ستبقى رهينة ما ينتجه العالم المتقدم من معارف وعلوم وتكنولوجيات وبالتالي سنكون مجبرين على استعمال لغاتهم مقابل التخلي تدريجيا وربما نهائيا عن اللغة العربية التي تسير باتجاه الاندثار الكلي وهو اندثار متعمد. ان المشكل يكمن في تولي السياسيين لعمليات الاصلاح المزعومة لبرامجنا ومناهجنا التعليمية وهؤلاء يعلم الجميع انهم خاضعين لاملاءات دولية لا تريد لنا كعرب ولباقي بلدان العالم المتخلف ان يمتلك ادوات التحليل العلمي وتثبيت دوره في عملية البناء الحضاري الانساني.