يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصمّمة على تصفية القضية الفلسطينية تحت عنوان كبير حدّدته ب«صفقة القرن». ووفق هذه الصفقة التي أبرمتها الإدارة الأمريكية مع الكيان الصهيوني فإن القضية لن تكون قضية حق وأرض.. ولن تكون قضية شعب ومقدّسات.. ولن تكون قضية وطن وعودة لملايين اللاجئيين من الشتات والمنافي.. ولن تكون قضية حقوق تاريخية استشهد في سبيلها الآلاف وضحى من أجلها الملايين.. بل إن القضية ستكون قضية شتات من البشر داخل كانتونات بشرية يتم إلحاقها في الأخير بالأردن أو القذف بها في صحراء سيناء مع توطين البقية حيث يتواجدون بالمنافي والشتات. وفي سبيل تحقيق هذا «الحل» الجدير بعقلية لاعب قمار تعيس في حانة من الدرجة العاشرة تسحب إدارة ترامب العصا ل«تأديب» الطرف الفلسطيني والضغط عليه حتى يقبل في الأخير بالتخلي عن حقوقه الوطنية المشروعة ويخضع للاملاءات الأمريكية والصهيونية.. فلقد سارعت إدارة ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدسالمحتلة في مسعى واضح لتكريسها كعاصمة للكيان الصهيوني كما يطالب بذلك قادته. ثم عمدت على مراحل إلى تجفيف منابع تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الانروا) لتجويع الشعب والضغط على القيادة الفلسطينية.. ولم تتوقف الخطوات الأمريكية عند هذا الحد.. بل ان الصفاقة وصلت بها حد طرد السفير الفلسطيني في واشنطن وإغلاق السفارة ومصادرة حتى حساباته البنكية.. غير عابئة بوضع عائلته وأبنائه.. لا لشيء إلا لأن القيادة الفلسطينية قررت التوجه لمحكمة الجنايات الدولية لمقاضاة إسرائيل على غطرستها وعلى حملات الإبادة التي تقترفها في حق الشعب الفلسطيني الأعزل.. وهكذا يوما بعد يوم. وخطوة بعد أخرى، تكشف إدارة ترامب المزيد من فصول ما تسميه «صفقة القرن».. وهي بالأحرى «كذبة القرن» أو «خدعة القرن» التي تركبها الإدارة الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية وإكمال ما بدأته بريطانيا من خلال وعد بلفور في بدايات القرن الماضي.. فقد أعطت الامبراطورية البريطانية وقتها ما لا تملك لمن لا يستحق وها هي الامبراطورية الأمريكية تسعى لمنح شهادة ملكية فلسطين كاملة للكيان الصهيوني مشرّعة بذلك إعطاء ما لا تملك لمن لا يستحق. أين قرارات الشرعية الدولية؟ أين القانون الدولي؟ أين مبادئ وقيم حقوق الانسان التي تدمر أمريكا الشعوب باسمها؟ وأين حق الشعوب في تقرير مصيرها؟ تساؤلات يبدو أن الرئيس ترامب غير مستعد للبحث لها عن إجابات طالما أنه اختار نهج العصا الغليظة والغطرسة في استنساخ رديء لتقاليد «الكاوبوي» في الغرب الأمريكي.. فاته فقط أن الأوطان لا تلغى بقرار ولو كان أمريكيا.. وحق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته ودولته الوطنية وعاصمتها القدس لا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن ومهما تغوّلت أمريكا ومعها اسرائيل.. والاحتلال دوما إلى فناء.. كذلك علّمنا التاريخ وكذلك يقول الشعب الفلسطيني.