رغم ان حصول اتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل او منظمة الاعراف اوايضا بين هذين الاخيرين لا يحصل الا بعد مشاورات ماراطونية تستنزف وقتا طويلا تدفع البلاد فاتورته من اقتصادها ومن سلمها الاجتماعي الا ان كل اولئك الاطراف تصر اصرارا غريبا على ان تقتصر مأسسة الحوار الاجتماعي عليهم فقط دون مراعاة لمختلف التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها تونس في السنوات الاخيرة. في خطوة صادمة صدر يوم 5 أكتوبر الجاري بالرائد الرسمي قرار وزير الشؤون الاجتماعية المتعلق بضبط المعايير المعتمدة لتحديد المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني لضبط تركيبة المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وقد منح القرار صفة المنظمة النقابية للعمال وأصحاب العمل الأكثر تمثيلا، للمنظمة التي عقدت مؤتمرها الانتخابي وبها أكبر عدد من المنخرطين وأكبر عدد من الهياكل القطاعية والجهوية والمحلية. اصرار على الخطإ لئن تعتبر كل الاطراف ان هذا المجلس سيعزز مؤسسات الحوار والتشاور في تونس بما يساهم في تحقيق التوازن والسلم الاجتماعية ويمكن من ترسيخ الديمقراطية في تونس فان الحكومة تناست ان انشاء مجلس بتلك الاهمية محمول عليه ارساء السلم الاجتماعي وتوفير الظروف المناسبة يحتاج الى العمل بتوصيات الحوار الذي خاضته وزارة الشؤون الاجتماعية مع كافة الاطراف النقابية حين عرضت عليها جملة من المقترحات حول مقاييس تحديد النسبة الدنيا من التمثيلية، اضافة الى مقاييس التمثيلية على المستوى الوطني والتمثيلية على مستوى القطاع والتمثيلية على مستوى المؤسسات ليذهب كل ذلك الجهد هباء منثورا ويتم وفق المنشور اسناد العضوية في المجلس الى اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة فحسب اما بقية المنظمات وما جاء به الدستور من اقرار للتعددية وما تحتمه الديمقراطية من ضرورة فسح المجال امام كل من له راي صائب في الادلاء به فلا قيمة له امام «الضغوطات». لماذا اللقاءات المتكررة مع «كونكت»؟ منذ تاسيسها سنة 2011 يتم استدعاء كونكت الى لقاءات متواترة مع رؤساء الحكومات او مع رئيس الجمهورية للاستماع الى وجهة نظرها في كيفية اخراج البلاد من ازمتها الاقتصادية كما انه يتم الاستئناس براي هذه المنظمة في كل مشاريع قوانين المالية وميزانيات الدولة في السنوات الاخيرة ولا يكاد يغيب وزير عن أي حدث اقتصادي تنظمه كونكت بل وفي مرات عديدة حضر رئيس الحكومة ذاته وهو ما يعني اعترافا من السلطة بسداد راي كونكت وبانها عنصر فاعل في كل عملية انقاذية لاقتصاد تونس وان كل ما تنظمه من فعاليات له مردودية عالية على اقتصاد البلاد .. اذن الحكومة اعترفت لكونكت بافضالها على الاقتصاد وسلبتها حقها في المشاركة في جهاز مهم لارساء حوار اجتماعي بناء لا بد منه لاخراج تونس من ازمتها. ضغوطات ورضوخ الثابت ان حضور اعضاء الحكومة بل ورئيسها في عديد فعاليات كونكت ولقاء مسؤوليها باعضاء الحكومة وايضا برئيس الجمهورية يمثل اعترافا بقيمة كونكت وبما قدمته لتونس ليكون التساؤل عن سبب ابعادها من خلال اعتماد مقاييس التمثيلية وعقد المؤتمر الوطني هو عملية ذر رماد على الاعين للتعمية عن السبب الحقيقي الكامن وراء ابعاد الكنفدرالية عن مجلس الوطني للحوار الاجتماعي كان بسبب رضوخ الحكومة الى املاءات يرفض اصحابها ان تشاركهم كونكت في عضوية هذا المجلس ولان الحكومة لا تريد اثارة أي مشاكل مع أي منظمة ايسر ما لديها توتير الاوضاع لاجبار الحكومة الى تلبية طلباتها هو السبب الرئيس وراء اصدار مثل ذلك القرار الذي يعد مخالفا للدستور وللمنطق ويحرم تونس من فرصة تنويع الاراء واثرائها للوصول بها الى بر الامان كما ان كونكت دفعت ثمن جراتها في عرض الحلول القائمة على رؤى واقعية لا مجال فيها للاوهام والتشبث بالشعارات الشعبوية .. فالاحق بالتمثيل في مجلس الحوار هو من يملك افضل الاراء ومن بامكانه اعطاء الاضافة بالفعل وليس الاقدم او الاكثر تمثيلية وهذه الاخيرة بالذات تحتاج الى اعادة نظر لانها نتاج عقود من رفض للتعددية في تونس وان توفرت سياسيا فكانت صورية لا غير.