رَغم كلّ العواصف التي عرفتها الحديقة "ب" فقد زحف الترجي نحو "الفينال" القاري بثبات وتبدو حظوظ الجمعية وافرة لاستعادة المجد الافريقي ما لم يُكرّر سفير الكرة التونسية الهفوات الفادحة والأخطاء الصّادمة التي ارتكبها المدربون واللاعبون في النهائيات السابقة وأثناء المواجهات الفارطة ضدّ "الأهلاوية" وهم للأمانة أسياد القارة السمراء لكلّ الاوقات مِثلهم مِثل منتخب "الفراعنة" الذي يستمدّ جانبا مُهمّا من قُوّته من "فريق القرن". منافس الترجي "عِملاق" كبير وهو ما تتحدّث عنه انجازاته وبطولاته في كلّ المسابقات على رأسها رابطة الأبطال التي روّضها الأهلي في 8 مناسبات: أي ضِعف الألقاب التي تحصّل عليها الترجي والنّجم والافريقي في هذه المُسابقة القارية. وهذا الكلام لا يَعني أنّنا "نُقزّم" أنفسنا و"نُضخّم" الخصم وإنّما من باب الاعتراف بالثِّقل التاريخي والرياضي وحتّى المالي لمنافس شيخ الأندية التونسية الذي "سَيحترم" فريق الخطيب و"كارتيرون" دون أن "يَخشاه" خاصّة أن عدة جمعيات قهرت هذه "الأسطورة" في الأدوار النهائية لرابطة الأبطال كما فعل الوداد في النسخة الأخيرة ومن قَبله "ليتوال" التي أسقطت أبناء "مَانويل" بالثلاثة وفي قلب القَاهرة. الاتّعاظ من دروس الماضي اكتوى الترجي بنيران "الأهلاوية" في عدّة مُناسبات ومن الواضح أن الفريق اتّعظ جيّدا من مُواجهاته السابقة للأشقاء الذين يُروّجون في الفترة الحالية لحكاية "العقدة النفسية" والأسبقية المَعنوية على فرسان الكرة التونسية أملا في زَعزعة ثقة "المكشخين" قبل ساعات من لقاء "برج العرب". ومن المُستبعد طبعا أن يَتأثّر الترجي بهذه "الحَرب النفسية" قياسا بخبرته القارية و"مَعاركه" المُتلاحقة مع "الأهلاوية" الذين يوظّفون "الماكينة" الاعلامية للتشكيك في جدارة الترجي بالتأهل إلى المحطّة الخِتامية علاوة على اجترار اسطوانة التحكيم ونشر الأخبار "التَضليلية" بشأن الوضعية الصّحية للاعبين والعَمل على "تَرهيب" سفير تونس بالحشود الجماهير التي ستملأ غدا مدرّجات "برج العرب". هذه "اللّعبة" القَديمة والسَخيفة لا نحسبها تَنطلي على الترجي الذي فكّر في كلّ صَغيرة وكَبيرة ليجتاز هذا الامتحان العسير ويُهدي تونس اللقب الغَالي وهو على رأي بعض "عَباقرتنا" في التحليل والتعليق رَهن بعض "الجزئيات البسيطة". ولاشك في أن ترجي الشعباني والتراوي (الذي يريد أن يكون على نفس المَرتبة مع زميله) استعدّ كما يجب لهذه "الجُزئيات" ولن يسمح الفريق لنفسه هذه المرّة بالوقوع في تلك الهفوات "الحَمقاء" على مستوى حراسة المرمى والتغطية الدفاعية والخَيارات التكتيكية كما حَصل مع البنزرتي في مواجهة الأهلي في نطاق الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال (2017). وهذه "الجُزئيات البسيطة" تَشمل أيضا الحِسابات الدقيقة على مستوى الانذارات بحكم أن عدّة لاعبين مُهدّدين بعقوبة الابعاد عن لقاء الاياب في رادس كما هو شأن الذوادي والشعلالي و"كوم" الشيء الذي يفرض احتياطات قُصوى أثناء الصّراعات الثنائية حتّى لا تَتورّط الجمعية في لعبة العقوبات التي استفاد منها الأهلي في "فينال" 2012 عندما تخلّف "أفول" والدربالي عن مباراة الايّاب وهو ما ساهم في بَعثرة أوراق معلول الذي ألحّ آنذاك على تشريك المساكني رغم فقدانه للجاهزية وهي عنصر لا غِنى عنه في التركيبة التي سيختارها الشعباني للإطاحة بخصمه. تفكير جيّد نجح الترجي في أكثر من مناسبة في فرض التعادل على الأهلي في مصر وقد حصل هذا السيناريو مع عدة مدربين مثل بن يحيى والبنزرتي ومعلول وفي الوقت الذي يسود فيه الاعتقاد بأن النَّصر سيكون من نصيب شيخ الأندية في تونس ينتفض الفريق القاهري ويَسرق الفرحة الترجية. ومن هذا المنطلق، فقد وضع الشعباني هذا الأمر في الحُسبان وأكد أن الحسابات التكتيكية والخيارات البشرية سَتُحدّد وفق مُتطلّبات مواجهتي الذّهاب والاياب: أي أن النادي لن يستنزف كامل طاقاته ويلعب كلّ أوراقه في "برج العرب" بل أنّه سَيعمل على التصرّف بشكل جيّد مع الشوط الأول في مصر دون أن يَغفل عن الشوط الثاني في رادس وهو المكان الذي عادة ما يَحسمُ فيه الأهلي مُواجهاته أمام الترجي. التوازن مطلوب لم يَخسر الترجي "فِينال" رابطة الأبطال في 2010 بفعل "قوّة" "مَازمبي" فحسب بل أن اللاعبين ومُدرّبهم فوزي البنزرتي ساهموا بدورهم في ضَياع التَاج نتيجة سوء التعامل مع الخَصم الذي كان شيخ الأندية قد هزمه بثلاثية كاملة في دور المجموعتين آنذاك. فوزي جَازف في "لوبومباشي" وهَاجم "الغربان" ب"انيرامو" والمساكني والدراجي وخليفة لتَتعرّض الجمعية إلى "طريحة" تاريخية بحضور التراوي وشمّام وهما من العناصر التي ستكون غدا موجودة في "برج العرب" رافضة "التهوّر" ورافعة لشعار "التَوازن" تَماما كما حصل ضدّ "ليتوال" من خلال التوظيف المُحكم للاعبي وسط الميدان وهم "كوم" والشعلالي و"كوليبالي" الذي لم يكتف بالتغطية الدفاعية بل أنه سجل هدفا غاليا في سوسة ليؤكد أن الترجي يُعوّل على روح المجموعة وله القدرة على التسجيل عن طريق المدافعين ولاعبي الوسط في صورة تعطّلت "المَاكينة" الهجومية التي من المفروض أن تكون في أفضل الحالات قياسا ب"صحوة" البدري والبلايلي و"ثورة" الجويني ومن يدري فقد "يَنفجر" الخنيسي غضبا ويُعلن عن "انتفاضته" ضدّ الأهلي بالذات.