«خلى لك الجو فبيضي وفرّخي» أول من قال هذا هو طرفة بن العبد الشاعر يوم كان في ترحاله مع عمّه حيث نزلا قرب نبع ماء أين نصب طرفة فخّا للقبّرات «القوابع» بلهجتنا العامية وبقي يوما ولم يصطد شيئا فرفع فخّه وهمّ بالرحيل مع عمّه إذ رأى القبّرات وهي تقتات مما بذره من حبّ لصيدها فقال: «يا لك من قنبرة بمعَمْر ... خلا لك الجوّ بيضي وفرّخي نقّري ما شئت أن تنقري ... قد رحل الصياد عنك فابشري رفع الفخ فماذا تحذري ... لا بدّ من صيدك يوما فاصبري» وآخر من قال هذا القول هو رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ولا أحد يدري هل كان يقصد «القوابع» أم «البزويش والترد والزرزور» معا وهو لا يملك فخّا فقط وإنما شباكا مشبكة لصيد هذه الطيور المفسدة للمزروع وهو أدرى النّاس بأنها عشّشت وباضت وفرّخت وتكاثرت وأتت على البذر وأفرغت سنابله وثمار الغروس تينا وزيتونا وأعنابا. وإذا كانت شباكه ك«منداف» عروة بن العبد لا تستطيع صيد قنبرة، فهل يلجأ وهو البورقيبي الصميم الى تحطيم أعشاشها مثلما فعل بورقيبة في مطلع الستينيات عندما بعث حضائر من العمار مدفوعة الأجر لإتلاف أعشاش «البزويش» في المناطق الزراعية ومادام في الأمر بيض وتفريخ. خوفي، يا سيادة الرئيس، من أن هذا البيض ما هو إلا بيض عقارب تنفجر عند المخاض ولا يلد بيض العقارب إلا العقارب أو بيض ثعابين وأفاع يسبقه تبديل الثوب حتى لا يموت البائض وذاك البيض لا يلد إلا الأفاعي والثعابين. لا أرى للقبّرات بيضا ولا تفريخا ولا أشك في أننا اليوم نمشي على بيض العقارب والثعابين والأفاعي الوافدة علينا من و راء الحدود ومن صحاري البعير تحديدا. ولا أخالك إلا مثل كل ذي وعي ترى كل الأوضاع والأجواء مسمومة وكيف لا وقد باضت وفرّخت كل الزواحف السامة في قصور السلط الثلاثة قرطاج والقصبة وباردو.