بين من يرى «الشاهد (مجرد) قيادي من الصف الرابع في النداء»، وبين من يعتبر حافظ «مسؤولا عن تدمير الحزب» يتواصل الصراع بين أنصار الطرفين ولكن ما هي الأرضية التي يتحركان عليها وما الذي يميز مشروع كل واحد عن الآخر؟. تونس الشروق: «رئيس الحكومة يوسف الشاهد قيادي من الصف الرابع في الحزب» هذا ما قاله المسؤول الأول عن حزب نداء تونس حافظ قايد السبسي أول أمس على أمواج «شمس آف آم» في رد غير مباشر على الشاهد الذي ادعى قبل أيام في حوار بثته قناة التاسعة أن قياديي النداء الحاليين «يتصرفون في باتيندا» وأن حافظ «دمر الحزب ويريد التصرف في الدولة كما لو كانت ملكا خاصا». الشخصيتان تنتميان إلى الآن إلى حزب نداء تونس فحافظ يمسك بالقيادة وإن لم تكن له شرعية انتخابية ويوسف مازال مجمّدا في حزبه دون أن يستقيل منه أو تتم إقالته رسميا. رغم هذا الالتقاء فإن كل طرف يجاهر بعدائه للآخر، ووراء كل واحد أنصار يشدون أزره ويدفعون به إلى الواجهة. ولكل واحد مشروع خاص به لا يقبله الطرف الآخر فعلي أي أرضية يقف كل واحد منهما؟. «نداء بديل للنداء» الطرفان ندائيان لكن الشاهد يؤمن بأن النداء انتهى ولا يمكن انقاذه حتى بمؤتمره القادم فيما يرى حافظ (حسب مداخلته المذكورة على «شمس») أن الحزب «وإن لم يعد موجودا في الحكومة فإنه موجود في الدولة وله كتلة برلمانية مهمة ورئاسة الجمهورية...». حافظ يقر بصعوبة المرحلة ومع ذلك فقد توقع في تدوينة له على الفيس بوك بتاريخ غرة جانفي الجاري «أن يخرج الحزب منها منتصرا موحدا». ولكن هل يعني هذا أن يتمسك بمالنداء على شكله الحالي؟. لم نجد في محاولة الإجابة أفضل مما صرح به حافظ ل»جوهرة آف آم»، فإثر اجتماع مكتب النداء السياسي في المنستير يوم 14 أكتوبر 2018، قال: «أيادينا مفتوحة لكل الأحزاب للتوحد صلب نداء تونس لأنه البديل عن نداء تونس». هذا يعني أن هناك حزبا جديدا سيكون بديلا للقديم لكن لن يكون هناك تأسيس جديد ولا تسمية مغايرة بل إن الجديد سيكون مختلفا عن الأول من حيث التطلعات والقطع مع الخلافات والسعي إلى تجميع الندائيين كمن يستفيق من سباته ليبدأ مرحلة جديدة من حياته. فما هي نظرة الشاهد؟. «حركة جديدة» لم يكشف الشاهد ولا جماعته عن جزئيات «مشروعهم» الجديد ولكن ما ظهر من عموميات يدل على أنهم لن يقطعوا مع النداء ولن يحافظوا أيضا عليه، فهم يطمحون إلى «حركة جديدة (...) تقام على القطع مع الفساد، وعلى الممارسة الديمقراطية، وعلى صياغة مشروع سياسي يعيد الأمل والثقة والحلم إلى التونسيين» على حد تعبير الشاهد في حديثه لفضائية التاسعة. هذا المشروع لن يعوض النداء في شكله الحالي ولن يحل بموجبه الشاهد محل حافظ بل إنه سيحاول استقطاب «الديمقراطيين والتقدميين والدساترة والحداثيين إلى توحيد الصفوف من أجل خلق ديناميكية لتحقيق التوازن في المشهد السياسي وتأمين المسار الديمقراطي». من البديهي أن يكون الندائيون الحاليون والسابقون جزءا ممن يستهدفه المشروع الجديد بعد إفراغ «نداء حافظ» الحالي من محتواه فيصبح مجرد ذكرى لكن من غير المستبعد المحافظة على روح النداء في صيغته الأولى التأسيسية أو على الأقل الانطلاق من فكرته العامة ومحاولة تطويرها. الموقف من النهضة يستهدف المشروعان الجمهور نفسه (الحداثيون والديمقراطيون والدساترة…) ويرنوان إلى الهدف ذاته وهو «صياغة مشروع سياسي يعيد الأمل والثقة والحلم إلى التونسيين» حسب الشاهد، والسعي إلى «انتصار تونس على أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية واستعادة الشعب التونسي للأمل في مستقبل بلاده» وفق حافظ. كما لن يكون هناك فرق بين الطرفين في المرجعية الفكرية بما أنهما يستلهمان أفكارهما من الإرث الدستوري والبورقيبي بما يمثله من حداثة وتفتح ووسطية… لكن الخلاف الأبرز سيكون في التعامل مع بقية مكونات المشهد السياسي وخاصة منه حركة النهضة: ففيما يرى حافظ أن «في تونس لا يوجد غير مشروعين أساسيّين، هما مشروع حركة النّهضة ومشروع نداء تونس، يقر الشاهد بأن الوسيلة الوحيدة لإخراج النهضة من الحكم هي «إخراجها بالصندوق (الانتخابات)». في كلام حافظ دعوة ضمنية للتصدي لمشروع النهضة (فكرة النداء عند تأسيسه) وتأكيد لعدم التوافق معها مجددا، أما كلام الشاهد فيعبر عن واقعية سياسية وهي إما الفوز على النهضة فوزا ساحقا والحكم من دونها وإما القبول بها شريكا… ما يعني في النهاية أن حافظ يريد إعادة الانطلاق من النقطة الصفر، فيما يسعى الشاهد إلى مواصلة ما قطعه النداء لما قرر فك الشراكة مع النهضة. المشروعان من وجهة نظر قادته «الإشكال الذي تعيشه البلاد اليوم هو نتيجة للطموح الشخصي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي يقوم بانقلاب ناعم على النداء». (أمين عام حزب نداء تونس سليم الرياحي). «زعيم المشروع السياسي للكتلة سيكون يوسف الشاهد، وهذا المشروع سيكون حركة جماهرية وشعبية يهدف إلى استعادة ثقة التونسيين... الإنقلاب الصحيح هي أنّ نداء تونس نسخة 2018 انقلب على نداء تونس 2014… الحزب الذي أسّسه الباجي قايد السبسي انتهى، والحزب الموجود اليوم هو حزب الوطني الحر». (النائب عن كتلة الإئتلاف الوطني وليد جلاد).